"على خطاه".. تجربة استثنائية تحاكي الهجرة النبوية وتُعيد رسم مشهد السياحة الدينية في المملكة
في خطوة نوعية تمزج بين الروحانية والابتكار، أطلقت المملكة العربية السعودية مشروعًا استثنائيًا بعنوان "على خطاه"، يهدف إلى إحياء واحدة من أعظم اللحظات في التاريخ الإسلامي "رحلة الهجرة النبوية"، التي قام بها النبي محمد ﷺ وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
توقيع اتفاقية بين هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة والهيئة العامة للترفيه وبرنامج جودة الحياة وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن والهيئة السعودية للسياحة لإطلاق تجربة #على_خطاه ✨
وتوقيع اتفاقية بين #هيئة_الترفيه وشركة صلة لتطوير و تشغيل التجربة ❤️ pic.twitter.com/itwGTbOTOH— Al Akhutah - على خطاه (@Alakhutah) January 27, 2025
المبادرة، التي أعلن عنها الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، قبل نحو ستة أشهر، بجوار جبل أُحد، تأتي ضمن مشروع أوسع يحمل اسم "درب الهجرة النبوية".
وفي ظل العناية التي توليها المملكة للمدينتين المقدستين، ولرعاية الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، تمثل هذه التجربة نقلة نوعية في أسلوب سرد السيرة النبوية، وتقديمها للأجيال المعاصرة.
فبدلاً من الاكتفاء بالرواية، تمنح المبادرة الزوار فرصة عيش تفاصيل الهجرة النبوية، عبر تتبع المسار الفعلي للرحلة، وزيارة المواقع التي مر بها النبي ﷺ، وتجربة ركوب الإبل كما فعل قبل أكثر من 1400 عام، بجانب ورش عمل ثقافية، وتقنيات الواقع المعزز التي تحاكي لحظات من تلك الرحلة الخالدة.
هذا الفيديو شغالين عليه تصور ل Monorail للصعود لغار ثور في ثلاث دقائق بدلا من المشي لأكثر من ساعتين ❤️🇸🇦 pic.twitter.com/POkZRwlrCE
— TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) July 27, 2025
مونوريل غار ثور
في هذا السياق، كشف المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، عن مشروع نوعي قيد التطوير يهدف إلى تسهيل صعود الزوار إلى غار ثور في مكة المكرمة، وذلك من خلال إنشاء "مونوريل غار ثور"، الذي سيختصر زمن الرحلة من أكثر من ساعتين سيرًا على الأقدام إلى ثلاث دقائق فقط، عبر وسيلة نقل متطورة وآمنة، تُسهم في راحة الزوار وتُثري تجربتهم.
وأوضح آل الشيخ، أن المشروع يُعد جزءًا من مبادرة "على خطاه"، وأشار إلى أن الطلب على التجربة كان لافتًا منذ الإعلان عنها، إذ تجاوز عدد طلبات التسجيل حاجز المليون، ما يعكس الاهتمام المتزايد بمثل هذه المشاريع التي تمزج بين الأصالة والابتكار.
وبيّن رئيس الهيئة العامة للترفيه، أن التجربة ستنطلق رسميًا في شهر نوفمبر المقبل، ضمن خطة تستهدف استقبال 300 ألف زائر خلال العام الأول، مع وجود تنظيم محكم يضمن جودة الأداء وسلامة المشاركين.
وفي إطار تعزيز الانسيابية داخل المسار، لفت آل الشيخ، إلى أنه سيتم توفير باصات رباعية الدفع مخصصة لعبور التضاريس الوعرة المحيطة بالدرب المؤدي إلى الغار، ما يمنح الزوار تجربة مريحة وآمنة، دون الحاجة إلى مجهود بدني شاق.
هذا الباص دفع رباعي جبنا ٦٠ منه لتسهيل تجربة الزائر في تجربة على خطاه ❤️🇸🇦 pic.twitter.com/Kglbtwq0IF
— TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) July 27, 2025
تفاصيل مشروع "على خطاه"
وأكد المستشار تركي آل الشيخ، أن الأهداف المستقبلية للمشروع تتضمن التوسع في استيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار، ليصل العدد السنوي إلى خمسة ملايين بحلول عام 2030، بما يواكب تطلعات رؤية المملكة في جعل المواقع التاريخية والدينية أكثر جذبًا وفاعلية في صناعة التجارب الثقافية والسياحية.
ويُجسد مشروع "على خطاه" أحد أبرز المبادرات التفاعلية التي تطلقها هيئة الترفيه، حيث يُعاد من خلاله رسم خطى الهجرة من مكة إلى المدينة عبر تجربة غامرة تمزج بين المحاكاة التقنية والمضامين الروحية، ليعيش الزائر الرحلة بتفاصيلها، ويتفاعل مع المحطات التاريخية والإنسانية التي مر بها النبي ﷺ.
ويمثّل المشروع خطوة متقدمة في إعادة تقديم التاريخ الإسلامي بروح الحاضر، حيث يتم توظيف أدوات الواقع الافتراضي والعرض التفاعلي لتقديم سرديات مؤثرة تنقل الزائر من المشاهدة إلى المشاركة، بما يعزز من الوعي بقيمة الهجرة النبوية كحدث مفصلي في تاريخ الأمة.
فيما يأتي مشروع "على خطاه" ليبرز تجربة سياحية وثقافية استثنائية تحاكي درب الهجرة النبوية، بأسلوب حديث يلامس وجدان الزوار ويُثري معارفهم، ضمن جهود المملكة العربية السعودية في الحفاظ على الإرث الإسلامي وتعزيزه، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، الرامية إلى تسجيل عدد من المواقع التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ويمتد المشروع على طول 470 كيلومترًا، ويضم 41 معلمًا تاريخيًا تم تطويرها بعناية، ليقدم تجربة تفاعلية فريدة، تتوزع على 5 مواضع رئيسية تُجسّد أبرز محطات الهجرة، كما يحتضن المشروع "متحف الهجرة"، الذي يعرض تفاصيل الرحلة النبوية باستخدام أحدث تقنيات العرض، في مزيج بين الإيمان والمعرفة والتكنولوجيا.
ولأن الرحلة لم تكن مجرد انتقال مكاني، بل تحوّل حضاري، فقد أعاد المشروع إحياء 8 محطات مبيت، تم تصميمها وفقًا للمواقع التي توقف فيها النبي ﷺ، بطاقة استيعابية تصل إلى 12 ألف زائر يوميًا.
كما يضم المشروع أكثر من 30 مطعمًا، و50 متجرًا، تقدم خدمات ضيافة متكاملة تعكس روح الكرم العربي.
"على خطاه"..تجربة فريدة تليق بمكانة السعودية
يحاكي "على خطاه" الدرب المبارك الذي سلكه النبي محمد ﷺ وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، أثناء الهجرة النبوية، وتأتي المبادرة ضمن مشروع "درب الهجرة النبوية"، التي تهدف إلى إحياء أحداث الهجرة بأسلوب تفاعلي يدمج التاريخ بالتقنية، حيث تشمل التجربة زيارة 59 محطة تاريخية، تمتد على مسافة 470 كيلومترًا، منها 305 كيلومترات سيرًا على الأقدام.
ويسلط المشروع الضوء على أسمى القيم الإسلامية التي تجلت في رحلة الهجرة النبوية الشريفة، مستحضرًا لحظات من التضحية والإيمان، ليمنح الزائر تجربة روحانية ومعرفية فريدة، إذ يتيح المشروع للزوار معايشة جزء من المشاق التي واجهها النبي ﷺ وصاحبه، من خلال محاكاة واقعية للطريق الذي سلكاه، كما يعكس عبقرية النبي ﷺ في إدارة الحدث، وإعداده للرحلة، وذلك عبر تقنيات تفاعلية حديثة تحاكي ظروف تلك الحقبة.
ومن أبرز التجارب: ركوب الإبل، ورش ثقافية، محاكاة الواقع بتقنيات الواقع المعزز"، ليعيش الزائر اللحظة كما كانت قبل أكثر من 14 قرنًا، في تجربة تمضي بالزائر على خطى النبوة خطوة بخطوة.
تحاكي تجربة #على_خطاه الدرب الذي سلكه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه خلال الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، لتمكّن الزوار من تتبع خطاه في رحلته بالتركيز على جوانبها التاريخية والروحية ❤
The AlaKhutah experience recreates the migration route of Prophet… pic.twitter.com/g2nTOyWkg9— TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) January 27, 2025
وقد أُطلق مشروع "درب الهجرة النبوية" وتجربة "على خطاه"، في يناير 2025، مجسدًا حرص قيادة المملكة العربية السعودية على تطوير المدينتين المقدستين، والاهتمام بالمواقع التاريخية ذات البعد الديني، من خلال مشروع متكامل، يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، ويركز على إثراء البعد الثقافي والإيماني.
ويمثل المشروع، الذي سيفتتح في نوفمبر المقبل، ثمرة لتعاون بين جهات حكومية عدة، بهدف تقديم تجربة فريدة تعرّف بتاريخ المملكة وحضارتها الإسلامية، بأسلوب تفاعلي ومعاصر يليق بمكانة السعودية، القلب نابض للعالم الإسلامي.
كما تم توقيع اتفاقيات شراكة بين الهيئة العامة للترفيه، وهيئة تطوير المدينة، وبرامج ضيوف الرحمن وجودة الحياة، إلى جانب عدد من الشركاء، إيذانًا بانطلاق واحدة من أعمق التجارب الثقافية والإيمانية في تاريخ المملكة الحديث.
حضور صاحب السمو الملكي أمير منطقة المدينة المنورة وصاحب السمو الملكي نائب أمير منطقة مكة المكرمة وأصحاب المعالي الوزراء والمسؤولين من الجهات الحكومية والشركات الخاصة لحفل تدشين مشروع #على_خطاه ❤️
The attendance of His Royal Highness the Governor of Madinah Region, His Royal… pic.twitter.com/tBVTKhAhlR— Al Akhutah - على خطاه (@Alakhutah) January 27, 2025
"على خطاه".. نمو سياحي واقتصادي
يمثل مشروع "على خطاه" رافدًا مهمًا لتعزيز السياحة الدينية والثقافية، حيث يسهم في: استقطاب الزوار من داخل المملكة وخارجها للتعرف على معالم الهجرة، وخلق فرص عمل للمرشدين والمؤرخين والمهتمين بالسيرة النبوية.
وكذلك يسهم في جذب الاستثمارات في تقنيات الواقع المعزز والتجارب التفاعلية، في إطار دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030 في تطوير قطاع السياحة الدينية.
إقبال اهلنا في إندونيسيا على تجربة على خطاه…كل اللي اقدر أقوله الحمدلله ❤️🇸🇦 pic.twitter.com/Mko08VWTsH
— TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) July 27, 2025
وفي يوليو 2025، أعلن رئيس الهيئة العامة للترفيه، أن تجربة "على خطاه" تحظى بإقبال كبير على المستوى الدولي، لافتًا إلى الزخم الذي تشهده في جمهورية إندونيسيا، مبينًا أن الخطط ستشمل قريبًا كلاً من ماليزيا وتركيا والهند، في إطار استراتيجية التوسع الخارجي للمشروع.
الطلبات الحمدلله مليونية لطريق الهجرة في تجربة على خطاه…نشوفكم إن شاء الله في نوفمبر وبحط لكم بعد شوي الزحمة في دولة إندونيسيا الشقيقة للتسجيل في التجربة…وقريبا فيديوهات ممثالة في ماليزيا وتركيا والهند ❤️🇸🇦
خالص الدعاء والشكر لسمو سيدي ولي العهد القائد الملهم حفظه الله لدعمه… pic.twitter.com/L6KJUhfglt— TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) July 27, 2025
أهم مستهدفات "على خطاه"
تتمثل أهم المستهدفات الاستراتيجية لمشروع "على خطاه" في:
- إحياء درب الهجرة النبوية، من خلال تجربة تفاعلية تنقل الزائر إلى قلب الحدث.
- تعزيز السياحة الدينية، وجذب مليون زائر سنويًا من مختلف أنحاء العالم.
- إثراء تجربة الحجاج والمعتمرين بمحتوى روحي يعمّق ارتباطهم بالسيرة النبوية.
- إنشاء متحف الهجرة ليكون مركزًا ثقافيًا يوثق الرحلة التاريخية بأساليب عصرية.
- دعم الاقتصاد الوطني من خلال مشاريع استثمارية في قطاعات السياحة والضيافة.
- ترسيخ الهوية الإسلامية للمملكة وتعزيز مكانتها كوجهة أولى للسياحة الدينية.
- الاستفادة من التكنولوجيا التفاعلية لتقديم محتوى معرفي راقٍ حول الهجرة.
- المساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 لتنمية القطاع السياحي وتوسيع أثره الاقتصادي.
ويمثل مشروع "على خطاه" نموذجًا فريدًا في دعم رؤية المملكة لاقتصاد متنوع ومستدام، إذ يسعى إلى رفع عدد المعتمرين من 8 ملايين إلى 30 مليونًا، وتوفير 25 ألف فرصة عمل، مع تطوير البنية التحتية السياحية والاستثمار في المواقع الأثرية، كما يساهم في مضاعفة عدد المواقع السعودية المدرجة على لائحة اليونسكو، تأكيدًا على التزام المملكة بالحفاظ على إرثها الإسلامي وصونه للأجيال القادمة.
في الختام، فإن مشروع "على خطاه" ليس مجرد فعالية دينية، بل تجربة ثقافية وروحانية وتاريخية متكاملة، تهدف إلى تعزيز الوعي بسيرة النبي ﷺ، وإثراء زيارة المسلمين للمدينة المنورة، في إطار رؤية المملكة التي تسعى إلى تحويل القيم الدينية إلى تجارب حيّة تلامس القلوب وتثري العقول.
