هل قصر القامة يضاعف الغيرة؟ دراسة تجيب
كشفت دراسة نفسية حديثة بعنوان "الغيرة والتنافس بين أبناء الجنس الواحد"، أعدّها الباحثان دانيال تالبوت Daniel Talbot، وبيتر ك. جوناسون Peter K. Jonason، ونُشرت في دورية Evolutionary Behavioral Sciences المتخصصة في السلوكيات التطورية، أن الشعور بعدم الرضا عن الطول قد يكون مؤشرًا قويًا على ازدياد مشاعر الغيرة والتنافس بين الأفراد من الجنس نفسه، وذلك بصرف النظر عن الطول الفعلي.
وأشارت النتائج إلى أن الانطباعات النفسية حول الطول قد تلعب دورًا مؤثرًا في تشكيل سلوكيات اجتماعية مثل الحسد، الغيرة، والرغبة في التفوق، خاصة لدى الرجال.
لطالما ارتبط الطول بصفات اجتماعية إيجابية، منها الجاذبية والهيمنة والكفاءة، وهو ما يمنح الأشخاص الأطول حظوظًا أكبر في المواقف الرومانسية والمهنية. ورغم أن هذه الأفضلية تبدو أكثر وضوحًا لدى الرجال، إلا أن التطلعات إلى بلوغ "الطول المثالي" تمس الجنسين معًا.
وقد أظهرت أبحاث سابقة أن الرجال الأقصر قامة أكثر ميلًا إلى المبالغة في طولهم الحقيقي، ويعانون من مشاعر غيرة حادة، ويشعرون بقلة الهيمنة في التفاعلات الذكورية.
آلية الدراسة ومقياس التناف
اقرأ أيضًا: الفرق في الطول بين الرجال والنساء.. دراسة جينية تكشف السر
لتحليل هذه الفرضية، استقطب الباحثان دانيال تالبوت وبيتر ك. جوناسون عينة مكونة من 302 شخصًا بالغًا في الولايات المتحدة، تتراوح أعمارهم بين 20 و72 عامًا، وكان معظم المشاركين من الذكور ومن ذوي البشرة البيضاء.
تم قياس الطول الفعلي والمثالي لكل مشارك، إلى جانب تقييم درجة عدم الرضا عن الطول باستخدام سؤالين بسيطين: "هل تتمنى أن تكون أطول؟" و"هل أنت راضٍ عن طولك؟".
ثم طُلب من المشاركين ملء مقياس مكون من 12 بندًا لقياس الحسد والغيرة والتنافس تجاه أبناء الجنس نفسه، باستخدام مقياس تقييم من 7 درجات.
النتائج: الرجال الأكثر تأثرًا بعدم الرضا
أظهرت النتائج أن كلًا من الرجال والنساء يتمنون عادة أن يكونوا أطول من طولهم الفعلي، إلا أن الرجال أظهروا مستويات أعلى من التنافس، بينما سجّلت النساء درجات أعلى في مشاعر الحسد.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين شعروا بعدم الرضا عن طولهم، سواء كانوا قصيري القامة فعليًا أم لا، كانوا أكثر غيرة وتنافسًا وعدائية تجاه أقرانهم من الجنس نفسه، وكانت هذه العلاقة أقوى بكثير لدى الرجال مقارنة بالنساء، حيث اتضح أن الطول الفعلي لدى النساء لم يكن مرتبطًا بشكل كبير بالتنافس، بينما كان الشعور بعدم كفاية الطول هو العامل الحاسم.
اقرأ أيضًا: دراسة: عضلات الذراع القوية مؤشر على طول العمر!
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن الرغبة في أن يكون الشخص أطول كانت مؤشرًا أكثر قوة من مجرد الشعور العام بالرضا أو عدمه. فالفجوة بين الطول الفعلي والطول المثالي بدت أكثر تأثيرًا على مشاعر التنافس والغيرة، خاصة لدى من يشعرون بعدم توازن بين واقعهم وتصورهم الجسدي.
أقر الباحثون بأن العينة المستهدفة تمثّل شريحة غربية متعلمة ومتّصلة بالإنترنت، ما قد لا يعكس المواقف الثقافية تجاه الطول في مناطق أخرى من العالم. كما أن طبيعة الدراسة كانت مقطعية (Cross-Sectional)، ما يعني أن العلاقة السببية بين عدم الرضا والتنافس لم تُحسم تمامًا.
واقترح الباحثون توسيع نطاق الأبحاث المستقبلية لتشمل فئات ثقافية مختلفة، بالإضافة إلى دراسة ما إذا كان عدم الرضا عن الطول يدفع الأفراد إلى سلوكيات تعويضية مثل ممارسة كمال الأجسام، ارتداء الأحذية المرتفعة، أو حتى التوجه نحو الجراحات التجميلية.
