أفضل الأفلام الروائية في مهرجان أفلام السعودية 2025.. قصص تأسر القلوب
في قلب الظهران، حيث يتجلى الإبداع الثقافي في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، انطلق مهرجان أفلام السعودية في دورته الحادية عشرة الخميس17 أبريل، ويستمر إلى 23 أبريل 2025، ليواصل دوره كمنارة سينمائية تحتضن المواهب السعودية والعالمية، وتفتح آفاقًا للتواصل مع الثقافات العالمية.
وتحت شعار "قصص تُرى وتُروى"، يقدم المهرجان منصة فريدة تستكشف كيف تشكل الأفلام الروائية هوياتنا الشخصية والجماعية، مع الاحتفاء بالسينما اليابانية كضيف شرف لهذا العام.
ومنذ انطلاقته عام 2008، يسعى المهرجان، الذي تنظمه جمعية السينما بالشراكة مع مركز إثراء وبدعم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة، إلى تعزيز صناعة السينما المحلية ودعم المواهب الناشئة.
وخلال الدورة الحالية، يكرم المهرجان الفنان السعودي إبراهيم الحساوي، احتفاءً بمسيرته الفنية الممتدة على مدى أربعة عقود، والتي تضمنت أعمالاً بارزة مثل "عايش" (2010) و"هوبال" (2024)، والذي يشارك في المسابقة هذا العام.
كما يصدر المهرجان كتابًا خاصًا بعنوان "إبراهيم الحساوي.. من مسرح القرية إلى شاشة العالم" لتوثيق إسهاماته، مما يعزز التزامه بالاحتفاء بالهوية السينمائية السعودية.
"سوار" يضيء الشاشة لأول مرة
وافتتح المهرجان دورته الحادية عشرة بالفيلم الروائي "سوار" للمخرج أسامة الخريجي، في عرضه العالمي الأول، مستلهمًا فكرته من قصة حقيقية شكلت لحظة فارقة في الوعي الاجتماعي.
ويروي الفيلم قصة عائلتين، سعودية بقيادة الأب "حمد" وتركية بقيادة الأب "يانر"، تواجهان أزمة تبادل طفليهما حديثي الولادة عن طريق الخطأ، حيث ينقسم الفيلم إلى ثلاثة فصول، تستكشف التحديات الاجتماعية والنفسية التي يواجهها الأبوان، مع التركيز على قضايا الهوية والانتماء، والروابط الأسرية التي تتجاوز الأصول البيولوجية.
ويتميز "سوار" بأسلوب إخراجي ناضج يعكس خبرة الخريجي، الذي سبق أن قدم أعمالاً لمنصات عالمية مثل "نتفليكس" و"شاهد".
ويمزج الفيلم بين الواقعية والعمق العاطفي، مع تصوير بصري يبرز التناقضات بين البيئتين الثقافيتين السعودية والتركية، في حين يتماشى الفيلم مع محور "سينما الهوية"، حيث يطرح أسئلة عميقة حول الانتماء والعلاقات الإنسانية، مما يجعله اختيارًا مثاليًا للافتتاح.
"ثقوب" يستكشف التحولات السعودية
وفي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، يبرز فيلم "ثقوب" للمخرج عبدالمحسن الضبعان كعمل سعودي معاصر يعكس الهوية المحلية من خلال سرد درامي يتناول قضايا اجتماعية ملحة، في حين يركز الفيلم على التحولات السريعة في المجتمع السعودي، مستكشفًا التوترات بين الأفراد والمجتمع في سياق التحديث الاقتصادي والثقافي.
ويركز الفيلم على حياة شاب سعودي يواجه صراعات شخصية واجتماعية وسط التغيرات الاقتصادية والثقافية السريعة في المجتمع.
ويعتمد الضبعان على لغة بصرية مبتكرة، حيث يبرز التصوير التفاصيل اليومية للحياة السعودية، من الأحياء الحديثة إلى الأسواق التقليدية، ممزوجة بحوارات عميقة تعكس الصراعات الداخلية للشخصيات.
"سلمى وقمر" يروي قصص التحدي والطموح
ويشارك فيلم "سلمى وقمر" للمخرجة عهد كامل كعمل نسائي مميز يبرز كإضافة نوعية للسينما السعودية، خاصة في تعزيز حضور المرأة في صناعة الأفلام، حيث يقدم الفيلم رؤية فنية تتناول قضايا اجتماعية من منظور نسوي، مركزًا على قصة امرأتين، سلمى وقمر، تتقاطع حياتهما في سياق سعودي معاصر.
وتكافح الشخصيتان لتحقيق طموحاتهما وسط تحديات اجتماعية وثقافية، مما يسلط الضوء على الهوية الفردية للمرأة في مجتمع يشهد تحولات سريعة، في حين يتميز الفيلم بأسلوب سردي حميمي، مع تصوير بصري يعكس التناقضات بين الحياة التقليدية والحديثة، ويعتمد على أداء تمثيلي قوي لإبراز العمق العاطفي للشخصيات.
"هوبال" يعيد إحياء الروابط الثقافية
يحمل فيلم "هوبال" للمخرج عبدالعزيز الشلاحي توقيع مخرج سبق أن أبهر الجمهور بأعمال مثل "المسافة صفر"، ويشارك فيه الفنان إبراهيم الحساوي، مما يضيف بعدًا خاصًا نظرًا لتكريم المهرجان له.
ويتناول الفيلم قصة مستوحاة من التراث السعودي، مركزًا على العلاقات الإنسانية والروابط الثقافية في سياق محلي عميق، حيث تدور أحداثه حول عائلة سعودية تعيش في قرية نائية، حيث يواجه الأب صراعًا بين الحفاظ على التقاليد ومواكبة التغيرات الحديثة التي تطرأ على مجتمعه.
ويمزج الشلاحي بين الواقعية والرمزية في سرد درامي يبرز جماليات البيئة السعودية، من المناظر الطبيعية الصحراوية إلى الأحياء الشعبية، مع حوارات مستوحاة من اللهجة المحلية لتعزيز الأصالة.
اقرأ أيضًا: في دورته الـ11.. مهرجان أفلام السعودية يستقبل كين أوشياي وماريان خوري على رأس التحكيم
"أناشيد آدم" يحمل صوت العراق
ومن العراق، يشارك فيلم "أناشيد آدم" للمخرج عدي رشيد، مقدمًا حضورًا عربيًا قويًا في المسابقة، حيث يتناول الفيلم قضايا الهوية والذاكرة في سياق إقليمي، مركزًا على الصراعات الإنسانية في ظل التحديات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها المنطقة.
ويعتمد رشيد على أسلوب سردي يمزج بين الواقعية والتأمل، مع تصوير بصري يعكس التناقضات بين الأمل واليأس، ويبرز الفيلم من خلال حواراته العميقة وأداء الممثلين الذي ينقل تعقيدات الشخصيات، مما يجعله عملاً يفتح آفاقًا للحوار حول الهوية في المنطقة العربية.
وتدور القصة حول شاب عراقي يعود إلى قريته بعد سنوات من النزوح، ليواجه ذكريات الحرب وفقدان عائلته.
"رفعت الجلسة" يعكس التطور الكويتي
ويشارك فيلم "رفعت الجلسة" للمخرج الكويتي محمد المجيبل في عرضه العالمي الأول، مما يضيف بعدًا تنافسيًا للمهرجان.
وتدور القصة حول محام شاب في الكويت يواجه قضية معقدة تكشف عن فساد اجتماعي وسياسي، مما يضعه أمام خيارات أخلاقية صعبة.
ويتناول الفيلم موضوعات معاصرة تعكس التطورات في السينما الخليجية، مع التركيز على قضايا اجتماعية وثقافية تؤثر في المجتمع الكويتي، ويعتمد المجيبل على أسلوب سردي ديناميكي، مع تصوير بصري يبرز الحياة الحضرية في الكويت، من الأسواق إلى الأحياء الحديثة.
ويتميز الفيلم بحوارات واقعية تعكس التحديات اليومية للشخصيات، مما يجعله عملاً قريبًا من الجمهور.
"فخر السويدي" عمل سعودي مصري مشترك
ويبرز فيلم "فخر السويدي" للمخرج المصري هشام فتحي كمثال على التعاون العربي، حيث يشارك في إنتاجه عبدالله بامجبور وأسامة صالح من السعودية.
وتدور قصة الفيلم حول شاب سعودي يسافر إلى القاهرة للبحث عن جذوره العائلية، حيث يكتشف أسرارًا تربطه بتاريخ عائلته المصرية.
ويتناول الفيلم قصة درامية تستكشف التحولات الاجتماعية، مع التركيز على الهوية والانتماء في سياق يمزج بين الثقافتين المصرية والسعودية، حيث يعتمد فتحي على أسلوب سردي يمزج بين الواقعية والدراما العاطفية، مع تصوير بصري يبرز التفاصيل الثقافية للمجتمعين.
اقرأ أيضًا: فيلم علكة لبلال البدر ينافس رسميًا في مهرجان أفلام السعودية 2025
"إسعاف" مغامرة تجمع بين الأكشن والكوميديا
وفي إطار يمزج بين الأكشن والكوميديا، يشارك فيلم "إسعاف" للمخرج البريطاني كولن في المهرجان، مقدمًا تجربة سينمائية تجمع بين التشويق والمواقف الساخرة.
وتدور أحداث الفيلم حول المسعفين "عمر" و"خالد"، اللذين يجدان نفسيهما متورطين في مطاردة مثيرة بعد حادث مروري يكشف عن خيوط جريمة غامضة، حيث تبدأ القصة بحادث يبدو عاديًا، لكن سرعان ما تتصاعد الأحداث لتكشف عن شبكة من الأسرار، مما يدفع الثنائي إلى مواجهة مواقف كوميدية وخطيرة في آن واحد.
يعتمد الفيلم على إيقاع سريع وحوارات ذكية، مع تصوير بصري يبرز ديناميكية المطاردات في بيئة سعودية معاصرة، مما يجعله عملاً ينبض بالحيوية ويتماشى مع محور "سينما الهوية" من خلال تقديم قصة محلية بلمسة عالمية.
ويؤكد مهرجان أفلام السعودية 2025، من خلال أفلامه الروائية المتنافسة وفيلم الافتتاح "سوار"، مكانته كمنصة رائدة للاحتفاء بالسينما السعودية والخليجية.
ومن "ثقوب" و"سلمى وقمر" إلى "هوبال" و"أناشيد آدم"، تقدم الأفلام قصصًا تعكس الهوية المحلية والإقليمية بأساليب فنية مبتكرة، في حين تضيف أعمال مثل "إسعاف" و"فخر السويدي" بعدًا دوليًا وعربيًا، ومع هذا التنوع، يبقى المهرجان ركيزة أساسية لتطوير صناعة السينما في المملكة، موفرًا مساحة للقصص التي تُرى وتُروى.
