رغم تطوره.. الإبداع البشري ما زال يتفوّق على الذكاء الاصطناعي في الكتابة
مع بروز أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، بدأ الحديث عن قدرة الآلة على منافسة الإنسان في ميادين شتى، من بينها الكتابة الإبداعية. لكن رغم كل هذا التقدم، لا يزال الذكاء الاصطناعي عاجزًا عن مجاراة الإنسان حين يتعلق الأمر بالإبداع الحقيقي، وهو ما تفسّره الفجوة بين النماذج اللغوية والوعي البشري.
الذكاء الاصطناعي يعيد إنتاج النصوص لا خلقها
ترتكز النماذج اللغوية مثل ChatGPT على حساب احتمالية الكلمة التالية استنادًا إلى كميات ضخمة من البيانات. فهي لا "تفكر" كما يفعل الإنسان، بل تبني على أنماط لغوية مألوفة، ما يجعلها أقرب إلى "ببغاوات ذكية" تكرر ما تدربت عليه بأساليب جديدة. هذا النمط من العمل يفتقر إلى جوهر الإبداع البشري الذي يقوم على الابتكار والانحراف عن المألوف.
الكتابة الإبداعية.. رؤية لا يحاكيها الاحتمال
يمتلك الكُتّاب المبدعون القدرة على التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم بأصوات متفرّدة، بينما تُنتج النماذج اللغوية نصوصًا تفتقر إلى "نية" واضحة أو دافع داخلي. فكل ما تفعله هو توقّع ما قد يقوله شخص ما في موقف معين، استنادًا إلى ما سبق أن قيل، دون فهم حقيقي أو شعور.
ويبرز التفاوت حين يتطلب النص الإبداعي توجيهًا دقيقًا، أو يحمل وجهة نظر خاصة، أو يعكس عمقًا وجدانيًا أو فلسفيًا لا يمكن لنموذج احتمالي تمثيله بدقة.
إبداع الإنسان يتفوق على تقنيات “هندسة المطالبات”
ظهور ما يُعرف بـ"هندسة المطالبات" هو محاولة بشرية لتقريب الذكاء الاصطناعي من الإبداع. لكنها تبقى محاولة توجيهية تعتمد على مهارة المستخدم لا على ذكاء الآلة. فالكتابة الإبداعية تتطلب أكثر من تنظيم مدخلات، إنها تعتمد على الوعي والسياق والرؤية، وهي مقومات لا تزال خارج قدرة الذكاء الاصطناعي
اقرأ أيضآ المدير التقني لـ"مايكروسوفت": الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى ذاكرة ليصبح شبيهًا بالبشر
نصوص الآلة.. مفيدة ولكنها ليست بديلًا عن الإبداع
رغم أن النماذج اللغوية قد تكون أدوات مساعدة في إنتاج المحتوى، وخصوصًا في المهام المتكررة والبسيطة، فإنها لا تستطيع مجاراة النصوص التي تنبع من تجربة شخصية أو موقف شعوري عميق.
وتشير دراسات إلى أن هذه النماذج تكون أكثر فاعلية حين تُستخدم في أجزاء محددة من المشاريع، لا في إنتاج أعمال إبداعية متكاملة، ما يجعل الإنسان هو العنصر الأساسي في أي عملية خلق فني أو أدبي حقيقي.
اقرأ أيضآ ثورة في التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي يحوّل الأفكار إلى كلام في الوقت الحقيقي
العاطفة والوعي.. ما يميز الكاتب الحقيقي
يرى علماء الإدراك أن البشر ميّالون إلى إضفاء صفات إنسانية على الآلات، حتى في الحالات التي تكون فيها تفاعلاتهم مع أنظمة بسيطة، مثل برنامج ELIZA في ستينيات القرن الماضي. ومع تطور التكنولوجيا، بقيت الحاجة الإنسانية إلى التواصل العاطفي هي ما يميز الإنسان عن أي نموذج آلي.
فمهما بلغ تطور الذكاء الاصطناعي، تبقى العاطفة الحقيقية، والمعاناة الشخصية، والتأمل الفلسفي، واللحظة الشعرية، حكرًا على العقل البشري، الذي يبدع لا بمجرد الربط بين الكلمات، بل باستنطاقها لما هو أعمق وأصدق.
لا يمكن للذكاء الاصطناعي – حتى في أكثر نماذجه تقدمًا – أن يتفوق على الإنسان في مجال الكتابة الإبداعية؛ لأن الإبداع ليس نتاجًا لاحتمالات، بل ثمرة وعي وتجربة وموقف. لذا يبقى الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة لا بديلًا، وتبقى الكلمة النابضة بالحياة إنسانية الهوية حتى إشعار آخر.
