اتجاهات التسويق الإلكتروني للشركات في المستقبل

إذا كان عالم التسويق يشتهر بشيء واحد فهو سرعة الوتيرة التي يتغير بها. المسوقون يعرفون هذا جيدًا ويعرفون كيف يمكن لتغيير بسيط أن يحدث فجأة ويقلب الموازين.
المشكلة ليست في "التريندات" التي تطرأ فجأة ولا في سرعتها، لكن في أن مواكبتها ليست بالشيء السهل، وبالتالي فإن الوصول لمكانة مرموقة في هذا المجال، خاصةً في 2025، ليس بالأمر السهل أيضًا. في هذا التقرير سنُطلعك على اتجاهات التسويق الرقمي الأشهر حاليًا استنادًا إلى آراء خبراء هذا المجال، والتي يمكننا أن نستشف منها اتجاهات التسويق الإلكتروني للشركات في المستقبل.
ما هي الاتجاهات الجديدة في عالم التسويق؟

قبل أن نبدأ، إذا كنت قلقًا بشأن دور التكنولوجيا في التسويق والذكاء الاصطناعي تحديدًا وتظن أنه التغيير الوحيد الذي برز في استراتيجيات التسويق واتجاهاته، فنود أن نُطمئنك بأن الأمر ليس كذلك. نود أن نُخبرك أيضًا بمعلومةٍ مهمة وهي أن ميزانيات التسويق انخفضت في العام الماضي بشكلٍ ملحوظ، وهذا تحدٍ يُعتقد أنه سيستمر خلال 2025 أو على الأقل لفترةٍ فيها، ولهذا السبب عليك أن تكون مُطلعًا بما سنتحدث عنه الآن حتى تُحقق أفضل نتيجة بأقل الموارد المتاحة.
التسويق الرقمي: اتجاهات المستقبل
1. التركيز على الأجيال الصغيرة
تُظهر الاستطلاعات أن المسوقين يوجهون كل مواردهم صوب الأجيال الصغيرة مثل "الجيل زد Gen Z" و"جيل الألفية Millennials" مُبتعدين تمامًا عن "البوومرز Boomers" و"الجيل إكس Gen X".
على الهامش:
- جيل Boomers: يضم مواليد الفترة ما بين 1946 و1964.
- جيل إكس Gen X: يضم مواليد الفترة بين 1965 و1980.
- جيل الألفية Millennials: يضم مواليد الفترة بين 1981 و1996.
- جيل زد Gen Z: يضم مواليد الفترة بين 1997 و2012.
هناك أيضًا ما يُسمى بالجيل ألفا Gen Alpha، وهذا يضم مواليد العام 2010 فيما فوق.
تُظهر الدراسات أن الاهتمام بالأجيال القديمة قد تضاءل بشكلٍ واضح خلال العامين السابقين، ففي عام 2023، حاول 67% من المسوقين الوصول إلى الجيل إكس، غير أنه في نهاية 2024، انخفضت هذه النسبة إلى 41%، وبالنسبة لجيل البومرز، فالنسبة انخفضت من 27% إلى 19%.
حدث هذا التغير في الأولويات -أغلب الظن- نظرًا لأن الجيل زد يتوقع أن يشهد أسرع نموٍ في القوة الشرائية. يُقدّر الكثير من الخبراء ما سيضيفه هذا الجيل إلى حجم الإنفاق العالمي بـ 9 تريليونات دولار، وهذا أكبر مبلغ مقارنةً بأي جيل آخر.
2. التركيز على العلامة التجارية

وجد تقرير صدر عن شركة HubSpot أن 82% من المستهلكين يُفضلون الشراء من علامات تجارية تتوافق مع قيمهم، وهذا ينطبق على الجيل زد تحديدًا؛ الجيل المعروف بدعمه للعلامات التجارية التي تسعى وراء الأصالة، وهذا أحد أسباب اهتمام المسوقين بالجيل زد كما قلنا.
لذلك، من المتوقع أن تُركز الشركات في الفترة القادمة على العلامة التجارية، ورسالتها، ومبادئها، وقيمها بقوة. من الأمثلة على الشركات التي تفعل ذلك حاليًا Nike، حيث تُسلط الضوء في واحدٍ من أحدث إعلاناتها على دعمها للرياضات والرياضات النسائية تحديدًا لما تشهده من ازدياد في الشعبية مؤخرًا؛ بهذه الخطوة تحاول Nike جذب قاعدة أوسع من الجماهير، وعلى ما يبدو أنها تنجح في ذلك.
3. التسويق المرتكز على المرئيات
يقول "نيل باتيل Neil Patel"، وهو المؤسس المشارك وكبير مسؤولي التسويق لشركة NP Digital: إن مقاطع الفيديو تُنشئ رابطًا عميقًا مع العملاء المحتملين، وأنه من السهل على العلامات التجارية أن تُعيد استخدام محتوى الفيديو في المدونات الصوتية والنصية.
اقرأ أيضًا: كيف تطور التسويق في 2024؟ اتجاهات ترسم ملامح المستقبل
لهذا السبب، من المتوقع أن يتم التركيز على مقاطع الفيديو ومقاطع الفيديو القصيرة "الشورتس" تحديدًا في التسويق عبر الوسائط الاجتماعية وكحلٍ من حلول الابتكار في التسويق. لكن، مقاطع الفيديو القصيرة ليست الوسيلة المرئية الوحيدة التي سيتجه إليها المسوقون في عام 2025، حيث يُتوقع أن تشهد الوسائط الأخرى مثل البثوث المباشرة والصور ارتفاعًا كبيرًا في الشعبية.
وفقًا لما يقرب من 30% من المسوقين في الاستطلاعات التي أجرتها HubSpot، فإن الصور تحديدًا تُعد ثاني أكثر التنسيقات استخدامًا من قِبل المسوقين، بعد مقاطع الفيديو القصيرة.
ووفقًا لنفس الاستطلاعات، فإن مقاطع الفيديو القصيرة، والبثوث المباشرة، والصور هي أفضل 3 وسائط تُحقق عائدًا على الاستثمار. وإذا كنت تتعجب من وجود البثوث المباشرة في هذه القائمة، فلك أن تتخيل أن 47% من المستهلكين من الجيل زد قد قاموا بعملية شراء واحدة على الأقل من البثوث المباشرة في الولايات المتحدة.
4. التسويق بالمؤثرين

ويُقصد به استخدام المؤثرين "الإنفلونسرز" أو صناع المحتوى للترويج للمنتجات أو الخدمات، ولا بد أنك لاحظت ذلك. في عام 2023، ذكر 84% من المسوقين في استطلاعات HubSpot أنهم سيزوّدون استثماراتهم في التسويق من خلال صناع المحتوى في 2024.
الغريب في الأمر أن المسوقين يستهدفون ما يُسمى بالـ "Micro Influencers" (صناع المحتوى الذين يتراوح عدد متابعيهم بين 10 آلاف و100 ألف) والـ "Nano Influencers" (الذين يتراوح عدد متابعيهم بين 1000 و10 آلاف متابع) للتعاون معهم بدلًا من المشاهير، وذلك لأن متابعي هؤلاء عادةً ما يكونون أكثر تفاعلًا.
وفقًا للإحصائيات، فإن معظم المسوقين (44%) حققوا نجاحات كبيرة مع الـ "Micro Influencers" في حين حقق 22% نجاحات كبيرة مع الـ "Nano Influencers".
5. التسويق بالبيانات
واجه المسوقون والعلامات التجارية تحديات كبيرة العام الماضي فيما يتعلق بجمع البيانات نظرًا للقوانين والتشريعات المعقدة من الاتحاد الأوربي والشركات الرائدة مثل جوجل وأبل وغيرهما. على الرغم من أن هذا التضييق مفيد جدًا للمستخدمين، فإنه على العكس من ذلك تمامًا بالنسبة للمسوقين والعاملين في هذا المجال.
اقرأ أيضًا: ما البيانات التي تجمعها عنك مواقع التواصل الاجتماعى؟
قلّت نسبة البيانات الجيدة بشكلٍ كبير وانتشرت البيانات ذات الجودة الضعيفة أو غير المفيدة بمعنى أدق.
تكمن أهمية البيانات في أنها قد تتسبب في نجاح علامة تجارية ما أو العكس. يقول 30% من المسوقين الذين خضعوا لاستطلاعات HubSpot إن تحليلات البيانات تساعدهم للغاية في تحديد الاستراتيجية التسويقية المناسبة للعمل، بالتالي من المتوقع أن تُكثّف الشركات محاولاتها للحصول على البيانات في 2025.
6. استخدام الذكاء الاصطناعي في التسويق
الذكاء الاصطناعي أصبح فاعلًا في كل المجالات تقريبًا ولا مفر من ذلك. في 2025، ينوي المسوقون تكثيف استخدامهم للذكاء الاصطناعي خاصةً في إنتاج المحتوى. بحسب HubSpot، فإن 43% من المسوقين الذين شاركوا في استطلاعاتهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى التسويقي، والصور، وبالطبع توليد الأفكار الجديدة. مرةً أخرى، لا مفر من ذلك.
كيف تتكيف مع أحدث اتجاهات التسويق؟

لا يكفي أن تتبع الاستراتيجيات السابقة والاتجاهات الحديثة في الإعلان حتى تكون مسوقًا ناجحًا في عام 2025؛ يجب عليك أن تكون قادرًا على التكيف بمرونة واستباق التغيرات قبل حدوثها، ولتفعل ذلك؛ إليك مجموعة من أهم النصائح:
1. اقرأ الأرقام وراقب الأداء
لا يُمكنك أن تحسن ما لا تستطيع قياسه؛ هذه عبارة شهيرة يمكن تطبيقها في الكثير من المجالات، بما فيها التسويق طبعًا.
تلعب مؤشرات الأداء الرئيسية أو ما تُعرف بالـ KPIs دورًا رئيسيًا في رسم خريطة واضحة للنمو. تحديد هذه المؤشرات وقياسها باستمرار هو ما يمنح الشركات نظرة ثاقبة على أدائها الحالي مما يساعدها على اتخاذ القرارات المدروسة وتحقيق أهدافها. على سبيل المثال، يمكن أن يكون انخفاض مستوى رضا العملاء بمثابة الدليل أو الإنذار المبكر لإعادة النظر في استراتيجيات فريق خدمة العملاء لديك.
2. اقتناص الفرص قبل الآخرين
لم يعد الفوز حِكرًا على الأقوى أو الأمهر، بل الأسرع في اكتشاف الفرص واحتياجات السوق واستغلالها. الشركات التي تهتم بهذا الأمر وتفهم احتياجات العملاء قبل غيرها هي التي تتمتع بميزة تنافسية هائلة. يجب رصد احتياجات العملاء مبكرًا وغزو السوق قبل الآخرين لأجل تحقيق النجاح.
3. الابتكار
الخوف من تطبيق أفكار تسويقية جديدة والالتزام بالقوالب التقليدية قد يكون أحد أسوأ الأشياء التي يمكنك أن تفعلها في حق نفسك أو شركتك كمسوق. يتطلب هذا المجال عقلًا وأفكارًا ابتكاريين طوال الوقت حتى تظل في حيز المنافسة. يجب أن تُركز دائمًا على الخروج بأفكار جديدة شريطةً أن تراعي احتياجات الجمهور، وتحث على المشاركة، وتستغل التكنولوجيا. بهذه الطريقة ستكون لك مكانة مرموقة في عالم التسويق.
4. إبرام الشراكات الاستراتيجية
إبرام شراكات استراتيجية هي واحدة من القرارات التي يُفترض أن تكون بديهية لكل مسوق يريد التكيف مع أحدث اتجاهات التسويق وتحسين وضعه التنافسي.
تتيح الشراكات الاستراتيجية للشركات والمسوقين الاستفادة من خبرات وموارد وقدرات شركائها، ومن خلال التعاون مع المؤسسات التي تقدم مهارات أو تقنيات متكاملة، يمكن لك أن تُعزز قدراتك كمسوق دون الحاجة إلى تدريبات داخلية مكثفة في شركتك.
إلى جانب ذلك، تفتح الشراكات الاستراتيجية لأطرافها بوابات لأسواقٍ جديدة، خصوصًا إذا كان أطراف الشراكة متمرسين وذوي خبرات جيدة. تُعزز الشراكات من الإبداع أيضًا، كما تحد من المخاطر نظرًا لأن التكاليف يتم تشاركها.
استراتيجيات التسويق الناجحة للعام القادم
في النهاية، وكما قلنا في بداية هذا الموضوع، فإن عالم التسويق الإلكتروني يتغير بسرعةٍ كبيرة لدرجة أن استراتيجياته قد تتغير برمتها في أقل من عام، وعليه، فإننا من الصعب أن نتوقع ما قد يحدث في العام القادم، غير أننا نرجح استمرار هيمنة الذكاء الاصطناعي على كل المجالات بما في ذلك التسويق، كما نتوقع زيادة الاعتماد على صناع المحتوى المغمورين واستمرار استهداف الجمهور الأصغر عمرًا؛ الإحصائيات تقول ذلك.