علي آل علي المدير التنفيذي لنادي دبي لسباق الخيل: في مضمار ميدان يلتقي مجد الفروسية بالترفيه والفخامة
تعتبر سباقات الخيل جزءًا أصيلًا من التراث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولطالما لعبت دورًا محوريًا في تعزيز مكانتها كوجهة عالمية لهذه الرياضة.
وبفضل الرؤية الطموحة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، استطاع نادي دبي لسباق الخيل ترسيخ موقعه كواحد من أبرز المراكز الدولية، مستضيفًا فعاليات استثنائية، مثل كأس دبي العالمي، الذي يعد من أغنى سباقات الخيل في العالم.
ومع التطورات المتسارعة التي يشهدها القطاع، أصبح النادي نموذجًا يجمع بين الإرث العريق والابتكار، مما يعزز مكانة دبي على الساحة الرياضية الدولية.
في هذا الحوار، نلتقي بالمدير التنفيذي وعضو مجلس إدارة نادي دبي لسباق الخيل "علي آل علي"، الذي يسلط الضوء على استراتيجية النادي في تطوير السباقات وتعزيز السياحة الرياضية، إلى جانب دوره في استقطاب أفضل الخيول والفرسان من مختلف دول العالم.
كما يناقش المبادرات الحديثة، التي تسهم في جعل مضمار ميدان وجهة رياضية وترفيهية عالمية، ومستقبل سباقات الخيل في ظل الابتكارات التكنولوجية والتحديات القادمة، فإلى نص الحوار.
إرث مستدام
شهد سباق الخيل في الإمارات تطورًا كبيرًا، كيف تصفون هذا التحول وأثره الثقافي والاقتصادي؟
تعود جذور سباق الخيل في دبي إلى أوائل الثمانينيات، وشهد تطورًا بارزًا مع تحقيق إنجاز مهم في عام 1992، بإنشاء نادي دبي لسباق الخيل، حينها، كانت دبي لا تزال في طور الظهور على الساحة العالمية، إلا أن الرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لعبت دورًا أساسيًا في توظيف سباق الخيل استراتيجيًا، لتعزيز سمعة المدينة عالميًا.
لعبت مؤسسة "جودلفين" لصاحب السمو، والمتخصصة في تربية وسباقات الخيول المهجنة الأصيلة، دورًا محوريًا في هذا التطور، من خلال مشاركاتها الدولية، مما أثبت أن مناخ دبي الشتوي مثالي للخيول والرياضيين على حد سواء.
وقد شكّل إطلاق كأس دبي العالمي عام 1996 نقطة تحول رئيسية، إذ أسهم في تسريع نمو هذه الرياضة، وجذب آلاف الزوار الدوليين سنويًا، ولم يقتصر تأثير هؤلاء الزوار على المجال الرياضي فحسب، بل امتد ليعزز الاقتصاد الإماراتي عبر إنعاش قطاعي الضيافة والسياحة، وترسيخ مكانة دبي كوجهة عالمية رائدة للرياضة والأعمال والترفيه.
ما الذي يميز الموسم التاسع والعشرين من كرنفال دبي لسباق الخيل عن المواسم السابقة؟ وكيف تضمنون مواكبته للتوجهات العالمية؟
لطالما اشتهرت دبي بامتلاكها بعضًا من أفضل مرافق الحجر البيطري والعيادات البيطرية في العالم، مما يتيح للخيول من مختلف الدول المنافسة في أجواء مثالية.
وبفضل هذه البنية التحتية المتطورة، تم اتخاذ قرار استراتيجي في عام 2023 بإعادة هيكلة الكرنفال ليصل إلى صورته الحالية، وشمل هذا التغيير تصميم جدول سباقات يلبي احتياجات كلٍّ من الخيول المحلية والنجوم العالمية، مما أتاح لها قضاء موسم الشتاء في دبي منذ انطلاق الموسم في نوفمبر. و
قد انعكست هذه التعديلات على مستوى المنافسة، حيث استقبلنا هذا الموسم وحده خيولًا من 11 دولة، مع تسجيل خيول من 20 دولة للمشاركة في أمسية كأس دبي العالمي المرموقة، المقررة يوم السبت 5 أبريل.
ومن أبرز لحظات الكرنفال لهذا العام كانت فعالية "فاشن فرايداي"، التي أقيمت في 24 يناير الماضي، وقد شهدت حدثًا غير مسبوق بمشاركة ثلاثة من أفضل عشرة خيول في العالم: "رومانتيك واريور"، "لوريل ريفر"، و"فاكتور شيفال".
كان هذا السباق استعراضًا لقوة المنافسة العالمية في مضمار ميدان، ما أضفى على الأمسية طابعًا استثنائيًا، وجعلها إحدى أبرز المحطات في روزنامة السباقات لهذا العام.
وإدراكًا للنمو المتزايد لسباقات الخيل في دول الخليج المجاورة، نواصل العمل على ترسيخ مكانة مضمار ميدان كوجهة تدريب شتوية مثالية، فبفضل منشآتنا المتطورة، نوفر بيئة مثالية للخيول للاستعداد وتحقيق النجاح، سواء في سباقات دبي أو على الساحة العالمية.
موطنًا لأفضل الفرسان
مع انضمام فرسان وخيول جدد إلى الإمارات كل موسم. ما خطتكم لتعزيز تجربتهم وضمان سباقات عالمية المستوى؟
يُعد مضمار ميدان في دبي موطنًا لبعض من أفضل الفرسان في العالم خلال موسم سباقات الخيل، حيث يتمتعون بمرافق متطورة تلبي أعلى المعايير الدولية، وبفضل هذه المنشآت الحديثة، يستفيد الفرسان من متطلبات سفر أقل، ووقت راحة أطول مقارنةً بأوروبا والولايات المتحدة، مما يعزز من تجربتهم الفريدة في الإمارات، ويمنحهم أفضل الظروف للتنافس بأقصى إمكانياتهم.
علاوة على ذلك، تساهم الجوائز المالية العالمية التي تقدمها دبي في جعلها وجهة مفضلة للفرسان والخيول على حد سواء، مما يرفع من مستوى التنافس ويجذب الأبطال العالميين للمشاركة في سباقاتها المرموقة.
وفي إطار سعيها المستمر للتطوير، تواصل دبي العمل على تحسين برنامج سباقات كرنفال دبي، بناءً على ملاحظات المدربين والملاك، مما يضمن الحفاظ على جودة المنافسات وتنوعها.
ويشمل ذلك سباقات على الأرضيتين العشبية والرملية، لتوفير تجربة شاملة ومثيرة لجميع المشاركين، وبهذا، تظل دبي في طليعة سباقات الخيل العالمية، مما يعزز مكانتها كوجهة رئيسية لعشاق هذه الرياضة المرموقة.
تجربة متكاملة
كيف أثّر دمج عناصر الرفاهية والترفيه والشراكات الفاخرة على تجربة الزوار وتصوّرهم لسباق الخيل؟
كان لهذا الدمج تأثير كبير على تجربة الزوار بشكل عام، حيث جعل السباقات تتجاوز كونها مجرد حدث رياضي، لتصبح تجربة متكاملة تجمع بين الترفيه، الأناقة، والفخامة.
في مدينة تُعرف بحياتها الليلية النابضة بالحياة، شهدت فعاليات سباق الخيل، خاصة في أمسية الجمعة، زيادة ملحوظة في الحضور، مما يعكس تزايد اهتمام الجمهور بالرياضة كجزء من أسلوب الحياة العصري.
هذا التوجه يعزز مكانة مضمار ميدان كوجهة رياضية واجتماعية رائدة في المنطقة، ويقربنا خطوة إضافية نحو تحقيق هدفنا في تقديم تجربة رياضية غير تقليدية، تمزج بين التنافس والتسلية.
وتجسد شراكتنا مع إعمار ورعايتهم لمسابقة "ستايل ستايكس"، إلى جانب تعاوننا مع علامات تجارية عالمية مثل Clarins و Royal Milliner Vivien Sheriff، كيفية دمج الفخامة مع الرياضة.
حيث أصبح تقاطع الأناقة والرياضة عنصرًا أساسيًا في تطوير تجربة سباق الخيل، مما منح الحدث طابعًا فريدًا، وأضفى عليه بُعدًا عالميًا من الفخامة.
بالإضافة إلى ذلك، أسهمت شراكاتنا مع العلامات التجارية المرتبطة بأسلوب الحياة مثل McGettigan’s في تعزيز الأجواء الترفيهية خلال أيام السباق، من خلال إضافة الموسيقى الحية وأجواء الضيافة الفاخرة.
لطالما تم الاحتفاء بالإمارات لاهتمامها بالحفاظ على تراث سباق الخيل. ما هي المبادرات الرئيسية المتوفرة لتعزيز الرياضة، خاصة مع زيادة استيراد الخيول؟
في المواسم الأخيرة، قمنا بتحسين وجودنا الرقمي بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أتاح لمحبي سباقات الخيل الوصول إلى محتوى حصري وتفاعلي، يتراوح بين لقطات مثيرة من السباقات، وأفكار حصرية من خلف الكواليس.
وفي عصر يتزايد فيه التفاعل المباشر بين الجمهور والفعاليات، نحن نستفيد من التقدم التكنولوجي لتقديم تحليلات السباقات في الوقت الفعلي والتوقيتات الدقيقة، مما يعزز تجربة المتابعين ويتيح لهم متابعة كل تفاصيل السباق بشكل مباشر.
فنحن نعي تمامًا أهمية التطور المستمر في هذا المجال لجذب جمهور جديد، إضافة إلى الحفاظ على تفاعل الجمهور الحالي، كما عملنا على بناء شراكات دولية استراتيجية مع منظمات مرموقة في مجال السباقات، مثل The Jockey Club في المملكة المتحدة وChurchill Downs في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الشراكات تعزز من حضور دبي العالمي في هذه الرياضة، وتساهم في تعزيز مكانتها كوجهة رياضية رائدة.
دفع حدود الابتكار
ماذا تتوقعون من أدوات أو مبادرات مبتكرة في المستقبل لسباق الخيل؟ وكيف توازنون بين الحفاظ على التراث وبين تقديم التطورات الحديثة في الرياضة؟
سيظل سباق الخيل يحتفل برياضة الفروسية والعلاقة العميقة بين الحصان والفارس، حيث تبقى هذه العناصر الجوهرية في صميم الرياضة، ومع ذلك، فإن التكنولوجيا الحديثة تعيد تشكيل الطريقة التي نختبر بها سباق الخيل.
نحن نشجع ونرحب بالابتكارات التي تعزز من سرد قصة السباق، وتقدم للمشجعين رؤى أعمق حول ديناميكيات السباق، بالإضافة إلى تبسيط وتسهيل ملكية الخيول في السباقات، بفضل حلول تكنولوجية متطورة سيتم الإعلان عنها قريبًا.
ومن خلال دمج هذه الابتكارات بشكل مسؤول، نحرص على الحفاظ على التقاليد العريقة للرياضة، مع مواكبة التطور التكنولوجي بطرق متناغمة، تدعم استمرارية جاذبية السباقات على المدى الطويل.
ونحن محظوظون لرؤية الطرق المذهلة التي استطاعت بها الرياضات الأخرى تنفيذ هذه التطورات والاستفادة منها، كما نعتبر دبي المكان المثالي لدعم وتشجيع هذا الاتجاه، حيث تواصل المدينة دفع حدود الابتكار في مختلف المجالات.
نال ختام كأس دبي العالمي 2024 إشادة واسعة لاستخدام تقنية الطائرات بدون طيار. ما هي التقدمات التكنولوجية التي يمكننا توقع رؤيتها في نسخة هذا العام من كأس دبي العالمي؟
نفضل إبقاء تلك التفاصيل طي الكتمان في الوقت الحالي، ومع ذلك، يمكنني أن أؤكد أن فريقنا يعمل باستمرار على رفع المعايير، وإذا كانت فعالية العام الماضي قد أحدثت نقلة نوعية، فإن نسخة هذا العام ستأخذ التجربة إلى مستوى جديد كليًا، مع المزيد من الإبداع والابتكار، لتقدم للجماهير تجربة استثنائية لا تُنسى، وستكون خاتمة مثالية لليوم المميز من السباقات، الذي يعد بأن يكون استثنائيًا كذلك في كل تفاصيله، فلا تفوتوا الحدث!
دبي وجهة رائدة
من خلال رحلتك الخاصة في نادي دبي لسباق الخيل، ما هي اللحظات أو الإنجازات التي تشعر بالفخر تجاهها؟ وما هو الإرث الذي تطمح إلى تركه للأجيال القادمة في سباق الخيل؟
في نهاية المطاف، نرغب في أن يستمتع الناس برياضة سباقات الخيل، سواء بشكل مباشر أو عبر الوسائط الرقمية، وهذا يتطلب في كثير من الأحيان إعادة التفكير في الطرق التقليدية لتشجيع المشاركة والتفاعل مع الرياضة.
أنا فخور بشكل خاص بإعادة هيكلة كرنفال دبي لسباق الخيل في 2023، الذي شهد تقديم ثلاثة أحداث مميزة: "فستيف فرايداي"، "فاشن فرايداي"، و"الإمارات سوبر ساترداي".
وقد أظهر حضور "رومانتيك واريور"، الذي يُعد من أفضل الخيول في العالم، مدى نجاح هذه التحسينات، بالإضافة إلى الحشود الكبيرة التي حضرت واستمتعت بالأجواء.
فهدفنا النهائي هو ترسيخ دبي كوجهة رائدة عالميًا لسباقات الخيل من الطراز الأول، حيث يسعى أبرز الملاك والمدربون لجلب أفضل خيولهم، ويعزز ذلك قوة الرياضة ويدعم الاقتصاد المحلي، مما يترك إرثًا مستدامًا للأجيال القادمة.
تلعب الشراكات دورًا حيويًا في نجاح فعاليات سباق الخيل العالمية. برأيك، ما هي التحالفات الأكثر أهمية لتعزيز سمعة دبي كقائد في هذه الرياضة؟
نحن محظوظون بالتعاون مع مجموعة متنوعة من الشركاء العالميين، الذين يساهمون في كرنفال دبي لسباق الخيل وكأس دبي العالمي، ومن بين شراكاتنا الأساسية، "طيران الإمارات"، الرائد في مجال السفر العالمي، و"لونجين"، العلامة التجارية للساعات المرتبطة بالدقة والأناقة.
وتجسد هذه الشراكات جوهر رياضتنا: الأسلوب، التميز، والانتشار الدولي، كما تلعب دورًا محوريًا في تعزيز سمعة دبي كمركز عالمي لسباق الخيل، مما يعزز مكانتها الريادية في هذه الرياضة.
دعم مشاركة الشباب
كيف تقيّمون دور سباق الخيل في التنمية الثقافية والاقتصادية للإمارات؟ وما استراتيجياتكم لتعزيز مشاركة المواطنين؟
لطالما كانت الخيول جزءًا لا يتجزأ من تراث الإمارات، حيث تعود سلالتا الفرس العربي الأصيل والخيول المهجنة الأصيلة إلى هذه المنطقة، وهذا التراث الفروسي الغني يستمر في إلهام أجيال من الفرسان، ويتجلى في الإنجازات الكبيرة للمدرب الإماراتي "سعيد بن سرور"، الفائز بكأس دبي العالمي تسع مرات.
وفي السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة ملحوظة في مشاركة الشباب الإماراتي، سواء كملاك أو مدربين، والذين بدأوا في ترك بصمتهم على الساحة العالمية لسباقات الخيل.
ومن خلال دعم هذه المشاركة وتوسيع نطاقها، نضمن أن يظل إرث الإمارات في سباق الخيل قويًا ومستدامًا للأجيال القادمة، مما يعزز مكانة الدولة في رياضة سباق الخيل على المستوى العالمي.
فيما يواصل نادي دبي لسباق الخيل تحقيق تطور ملحوظ، مواكبًا لأحدث الابتكارات العالمية، مما يعزز مكانة دبي كعاصمة رياضية للمنطقة والعالم، ومن خلال تحسين المرافق المتطورة، وتنظيم فعاليات استثنائية، واستقطاب أفضل الفرسان والخيول، يسهم النادي بشكل كبير في تعزيز مكانة هذه الرياضة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
