الأمن السيبراني.. دليلك لتأمين شركتك من مخاطر الهجمات الرقمية

في عصرنا الحالي، تشكل المخاطر السيبرانية تهديداً أساسياً وكبيراً على الشركات في جميع أنحاء العالم، ومع تقدم التكنولوجيا وتعقد الهجمات فإن أساليب الحماية البسيطة لم تعد تكفي، وبات هناك حاجة ملحة لحلول توفر الحماية لبيانات الشركات، وتضمن سلامة عملياتها.
ولعل التأمين السيبراني لا يقدم الأمان المالي للشركات فحسب، بل يضمن كذلك امتثال الشركات للمعايير التنظيمية، فيما يضمن استمرارية عملها حتى وإن تعرضت لنكسة، ما يجعله جزءاً أساسياً من شبكة الأمان.
ما معنى الأمن السيبراني؟
الأمن السيبراني، هو عملية حماية لأجهزة الكمبيوتر والخوادم والهواتف المحمولة والشبكات والبيانات من الهجمات الرقمية، أو الوصول غير المصرح به إليها، أو الأضرار التي قد تلحق بها.
ويشمل مجموعة متنوعة من التدابير المصممة لحماية أنظمة تكنولوجيا المعلومات، منها: "أمن الشبكات"، الذي يركز على حماية الشبكات وسلامة البيانات وقابليتها للاستخدام، بما في ذلك الوصول غير المصرح به، وضمان توفر الخدمات الشبكية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك "أمن التطبيقات"، الذي يشمل معالجة الثغرات، بدءًا من التصميم وحتى النشر، أما "أمن المعلومات" فهو يحمي سلامة البيانات وخصوصيتها.
وفي المقابل فإن "الأمن التشغيلي" يشمل العمليات والقرارات، التي تحكم كيفية التعامل مع البيانات وحمايتها، بما في ذلك أذونات المستخدمين وبروتوكولات تخزين المعلومات، أما "الاستجابة للحوادث"، فهي الاستراتيجيات والإجراءات المتخذة للاستجابة للحوادث والتعافي منها.
لماذا تحتاج إلى التأمين السيبراني؟
يمثل الأمن السيبراني أداة حيوية للشركات، حيث يوفر حماية شاملة ضد المخاطر المختلفة، تشمل:
أولاً - الحماية المالية: يجنبك التكاليف المرتبطة بالحوادث، مثل اختراق البيانات وهجمات الفدية وغيرها، وكذلك الرسوم القانونية، التحقيقات الجنائية والغرامات التنظيمية.
ثانياً - تقليل المخاطر: يساعد على تقليل مخاطر الهجمات، وعلى نقل جزء من الأعباء المالية المرتبطة بالحوادث السيبرانية إلى شركات التأمين.
ثالثاً - ضمان استمرارية الأعمال: يجنبك الخسائر الناجمة عن توقف الأعمال، ما يساعد على التعافي بسرعة، ويقلل فترة التوقف عن العمل.
رابعاً - حق الوصول إلى الخبراء: يوفر حق الوصول إلى الخبراء، مثل فرق الاستجابة للحوادث، والمستشارين القانونيين والمتخصصين في إدارة الأزمات، وهو دعم حاسم يساعد على الاستجابة بفاعلية ويقلل من الأضرار.
خامساً - الالتزام بالقوانين والمبادرات: رغم أنه لا يوجد قوانين محددة تلزم الشركات بالحصول على التأمين، ولكن هناك توصيات ومبادرات تشجع عليه وتجعله ضرورة، ومع تزايد صرامة لوائح حماية البيانات على مستوى العالم، يساعد التأمين على الامتثال للمتطلبات القانونية، وفي الإمارات مثلًا، يشجع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الشركات على التأمين الرقمي، كما أن لدى المصرف المركزي توجيهات صارمة بشأن الأمن السيبراني للمؤسسات المالية، والتي قد تتضمن متطلبات للتأمين ضد الهجمات الإلكترونية.
سادساً - إدارة السمعة: يضم التأمين استراتيجيات دعم للمساعدة على إدارة الأزمة، والحد من الأضرار للمحافظة على ثقة العملاء.
ما أنواع الهجمات السيبرانية؟
هناك أنواع متعددة للهجمات السيبرانية التي تستهدف مجالات مختلفة، لكننا سنستعرض الأكثر شيوعاً، ومنها:
- البرمجيات الخبيثة Maleware: تشمل الفيروسات والديدان وهجمات الفدية وبرامج التجسس، والتي تسمح للقراصنة بالوصول إلى المعلومات الحساسة والتحكم بالأنظمة.
- التصيد الاحتيالي Phishing: يستخدم رسائل بريد الكتروني مزيفة لخداع المستخدمين، لكشف معلومات حساسة، ويستخدم عادة كبداية لهجمات سيبرانية أخرى.
- هجمات الفدية Ransomeware: تشفر ملفات الضحية، وتطالب بدفع فدية مالية للحصول على مفتاح فك التشفير، وتؤدي عادة إلى اختراقات بيانات كبيرة واضطرابات في العمل.
- الهجمات الموزعة لحجب الخدمة DDoS: تزيد عدد الزوار الوهميين للموقع، مما يجعله غير متاح للمستخدمين الحقيقيين، إما من خلال إبطائه أو تعطليه كلياً.
- حقن اس كيو ال SQL Injection: حقن تعليمات استعلام بنائي، للوصول غير المصرح به إلى البيانات أو السيطرة عليها.
- البرمجة عبر المواقع XSS: حقن تعليمات ضارة في مواقع الويب، للوصول إلى معلومات حساسة، مثل ملفات تعريف الارتباط أو رموز الجلسة، كما يمكنهم إعادة كتابة محتويات المواقع أو حتى نشر البرمجيات الضارة.
- هجمات الرجل في المنتصف MitM: يتم اعتراض الاتصال بين طرفين، بهدف التنصت أو تعديل المعلومات المتبادلة.
- هجمات سلسلة التوريد: تستغل الثغرات لدى مزودي البرمجيات من الطرف الثالث، لاختراق أمان الشركة المستهدفة.
اقرأ أيضًا: خدمات حصرية.. أعلى 6 رواتب لموظفي الأمن السيبراني..
كيف تختار وثيقة التأمين السيبراني المناسبة؟
لاختيار النوع المناسب يجب معرفة الأنواع المتاحة من وثائق التأمين السيبراني، واختيار ما يتناسب مع طبيعة شركاتك، والمخاطر التي قد تتعرض لها، من بين هذه التغطيات.
- تغطية الطرف الأول: تغطي الخسائر المباشرة، مثل: تدمير البيانات، الابتزاز والسرقة، بالإضافة لإنقطاع الأعمال، وهذا النوع مناسب للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، أو ذات الموارد التقنية المحدودة، والتي تحتاج إلى دعم مالي للتعافي بعد الهجوم.
- تغطية الطرف الثالث: تحمي الشركات من المسؤوليات الناشئة عن مطالبات العملاء أو البائعين نتيجة للهجمات السيبرانية، بما في ذلك تغطية النفقات القانونية والتسويات الناجمة عن اختراقات البيانات، التي تؤثر على العملاء أو الشركات، وهذا النوع يناسب الشركات التي تتعامل مع بيانات حساسة للعملاء، مثل مقدمي الرعاية الصحية أو الأعمال التي تملك التزامات تعاقدية لحماية بيانات الأطراف الثالثة.
- تغطية انقطاع الأعمال: تغطي فقدان الدخل والنفقات الإضافية خلال التوقف عن العمل، وهي مثالية لمنصات التجارة الالكترونية ومقدمي الخدمات السحابية.
- المسؤولية عن أمان الشبكة والخصوصية: تغطي تكاليف فشل الشبكة واختراق البيانات وإصابات البرمجيات الخبيثة والفدية، وتتناسب مع الشركات الكبرى أو تلك التي تعمل في مجالات البيع بالتجزئة، أو الشركات التكنولوجية التي تواجه تهديدات متكررة.
- تغطية الفدية والابتزاز السيبراني: تغطي مدفوعات الفدية ورسوم المفاوضين وتكاليف استعادة البيانات المشفرة، وتناسب الشركات التي تتعامل مع معلومات حساسة كالصناعات الحيوية أو البنى التحتية.
- تأمين الأخطاء والسهو: يغطي المطالبات الناجمة عن الإهمال أو الفشل في تقديم خدمات الأمن السيبراني، وهو مصمم للشركات التي تعمل في مجال الأمن السيبراني أو مقدمي خدمات تكنولوجيا المعلومات وشركات البرمجيات.
- تأمين المسؤولية الإعلامية: تغطي تكاليف سرقة الملكية الفكرية ودعاوى التشهير المتعلقة بالمحتوى المنشور، وهو مناسب للشركات التي تعمل في مجالات الإعلام أو الإعلان أو إنشاء المحتوى.
- تغطية الامتثال التنظيمي: تغطي الغرامات والنفقات القانونية المتعلقة بانتهاكات لوائح حماية البيانات، وهي تناسب الشركات التي تعمل في مجالات بتنظيمات صارمة كالرعاية الصحية والمالية والتعليم.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي.. شريك أم منافس في عالم إنشاء المحتوى الرقمي؟
تكلفة التأمين السيبراني والشركات التي توفره
لا يمكن الحديث عن تكلفة عامة وشاملة للتأمين السيبراني، وذلك لأن السعر يعتمد على عوامل عديدة، بعضها يتعلق بالشركات التي توفرها، وبعضها يتعلق بمعدل الهجمات الإلكترونية، فمثلاً خلال النصف الثاني من عام 2022 ارتفعت معدلات الهجمات الالكترونية، ما أدى الى زيادة أسعار التأمين السيبراني 80%، لتعود وتتراجع 50 و60% خلال عامي 2023 و2024.
علاوة على ذلك، تعتمد تكلفة التأمين السيبراني على حجم الشركة والمجال الذي تتخصص فيه، بالإضافة إلى حجم ونوع المعلومات الحساسة التي تتعامل معها، ويضاف إلى ذلك الدخل السنوي الذي كلما كان مرتفعاً، جعل الشركة أكثر عرضة للهجمات، وبطبيعة الحال فإن التكلفة ترتبط بنوعية التأمين وحجم الخدمات المطلوبة وتاريخ الشركة.
وفي عالمنا العربي فإن الاهتمام بالأمن السيبراني جزء من استراتيجيات الحكومات، وعليه هناك اهتمام كبير يمنح لهذا المجال، فالشركات التي توفر خدمات الأمن السيبراني عديدة، وحتى بعض شركات التأمين "العادية" باتت توفر بوليصات تأمين سيبرانية إلى جانب تأمينك الصحي! وهذا واقع منطقي بحكم تحول معظم الدول العربية وفي المقدمة منها السعودية إلى مراكز تكنولوجية.
أفضل شركات التأمين السعودية
- تكافل الراجحي:
توفر تأميناً متوافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية.
- نورنت NourNet:
تقدم خدمات شاملة، من ضمنها تقييم المخاطر وحماية البيانات.
الدفاع للأمن السيبراني:
متخصصة في خدمات الأمن السيبراني، بما في ذلك: الحوكمة، وتقييم المخاطر، وإدارة المخاطر، والتوعية بالتهديدات والهجمات.
أفضل شركات التأمين الإماراتية
- الاتحاد للتأمين:
توفر حماية ضد الأضرار والخسائر الناتجة عن تهديدات تكنولوجيا المعلومات، وتكاليف استعادة البيانات والخسائر بسبب الهجوم.
- جي أي جي للتأمين GIG:
توفر خططًا تشمل تغطية المسؤولية السيبرانية والأضرار الناجمة، وتوفير دعم على مدار الساعة.
- قرقاش للتأمين:
توفر خدمات التأمين السيبراني، وتقييم المخاطر وتصميم الحلول المخصصة.
أفضل شركات التأمين في دول عربية مختلفة
في مصر تبرز شركة "دلتا للتأمين"، التي تغطي الأضرار المالية الناجمة عن الاحتيال الالكتروني، والمسؤولية المدنية الناتجة عن الاختراق، بالإضافة إلى شركة "إيجي انشورتيك EG Insurtech"، التي تقدم حلولاً مبتكرة ومخصصة للشركات.
فيما تبرز شركة "نير سيكيور Near secure" في المغرب، وشركة "ظفار للتأمين" في سلطنة عمان، وشركة "البحرين الوطنية للتأمين"، وشركة "الكويت للتأمين"، وكل هذه الشركات توفر خدمات التأمين السيبراني والحماية من الهجمات وتكاليف الاستجابة.
اقرأ أيضًا: استراتيجيات التحول الرقمي وكيف تتبنى الشركات الرقمنة؟
خطوات تحسين الأمن السيبراني
يمكن للشركات اتباع نهج شامل لتعزيز الأمن السيبراني، يشمل عدة جوانب:
- تقييم المخاطر والتخطيط: حيث تحديد نقاط الضعف والثغرات في أنظمة الشركة، ووضع خطط استجابة للتعامل مع الهجمات المحتملة.
- الحماية التقنية: تبدأ من أبسط الأمور، مثل اعتماد كلمات مرور قوية، مروراً بالمصادقة متعددة العوامل، وتحديث البرامج بانتظام، واستخدام الجدران النارية لمنع الاختراقات، وطبعاً الأهم هو تقسيم الشبكات لمنع انتشار الاختراق عند حدوثه، وتشفير البيانات الحساسة عند نقلها، والنسخ الاحتياطي للبيانات بانتظام، لضمان استمرارية الأعمال.
- تدريب الموظفين والتحكم في مستويات الوصول: تعزيز الوعي الأمني بين الموظفين حول التهديدات الشائعة، بالإضافة إلى التحكم في مستويات الوصول، ومنح الصلاحيات اللازمة فقط للموظفين، لتنفيذ مهامهم ومراجعة هذه الصلاحيات دورياً.
- أمن البيانات والخصوصية: الامتثال للقوانين التي تحدد حماية البيانات، وقانون خصوصية المستهلكين، ووضع سياسات لمدة الاحتفاظ بالبيانات، وكيفية التخلص منها لتجنب الملاحقة القانونية.
- أمن البائعين وسلسلة التوريد: تقييم ممارسات أمن البائعين والموردين، وإدراج متطلبات الأمان في العقود.
- المراقبة والتحسين والاستجابة: مراجعة ضوابط الأمان بشكل دوري، وتحليل السجلات لتقوية نقاط الضعف، ووضع خطة الاستجابة للحوادث مع تحديثها باستمرار، وتقييمها وفق تجارب سابقة إن وجدت.