"الكولروفوبيا".. كيف تتحول بهجة المهرجين إلى مصدر خوف لدى البعض؟
ما كان المهرج مهرجًا لولا ما ينشره من البهجة والسرور فيمن يُشاهِده، سواء كان في عرضٍ ترفيهي بالواقع أم على الشاشات، ورغم ذلك فهناك من يخاف من المهرجين!
وهو ليس خوفًا عابرًا، بل خوف شديد يصل إلى درجة الرهاب "الفوبيا"، فلا يحبّ أن يكون موجودًا في أي مكان به مهرج، ولا أن يراهم على شاشات التلفاز أو الهاتف، بل قد تتسارع دقّات قلبه ويشعر بذعرٍ بالغ!
فلماذا يخاف بعض الناس من المهرجين إلى هذه الدرجة؟ وكيف يمكن التعامل مع ذلك الخوف؟
"الكولروفوبيا".. الخوف من المهرجين!
الخوف من المهرجين أو "الكولروفوبيا" هو أحد أنواع الرهاب، التي قد يُعانِيها بعض الناس؛ إذ تكون ردود أفعالهم شديدة وغير منطقية عندما يرون المهرجين شخصيًّا، أو يشاهدون صورًا أو مقاطع فيديو للمهرجين، بل قد يبذلون قصارى جهدهم لتجنّب أي تعرّض للمهرجين!
وقد كشفت دراسة نشرت عام 2016 في "المجلة الأوروبية لطب الأطفال European Journal of Pediatrics"، شملت 1,160 طفلًا في المستشفى ومهرجًا طبيًا، عن أنّ 1.2% من الأطفال عانوا الخوف من المهرجين.
كما ازدادت النسبة عندما انضمّ البالغون للمعادلة؛ إذ أوضح استطلاع أجرته "جامعة تشابمان" عام 2016 أنّ 7.8% من الأمريكان يُعانُون الخوف من المهرجين.
علامات الخوف من المهرجين
تُعدّ أبرز سمة للخوف من المهرجين، الخوف الشديد وعدم الراحة في وجود المهرجين، سواء كان ذلك في الحياة الواقعية، أو مُصوّرين في الأفلام أو حتى في الطباعة، وتشمل أيضًا بعض الأعراض الإضافية، مثل:
- زيادة سُرعة التنفّس ومعدل ضربات القلب.
- شعور شديد بالرعب.
- شحوب البشرة.
- التعرّق الغزير.
- الغثيان.
- الارتجاف.
- مشاعر اقتراب الهلاك.
لماذا يخاف بعض الناس من المهرجين؟
عادةً ما ينشأ الخوف أو الرهاب من مصادر مُتعدِّدة، لكن قد ينبع الخوف من حدث صادم ومخيف للغاية تعرّض له الإنسان سابقًا، ومع ذلك فقد لا يكون للخوف جذورًا أو أسبابًا واضحة، فلا تدري لماذا تخاف بشدة من شيءٍ بعينه.
وفي حالة الخوف من المهرجين، ذكر موقع "healthline" بعض الأسباب التي قد تكون وراء ذلك الخوف، ومنها:
1. أفلام الرعب:
بالتأكيد هناك علاقة بين المهرجين المخيفين في الأفلام ووسائل الإعلام، والناس الذين يخافون منهم بشدة؛ إذ يمكن لمشاهدة الكثير من الأفلام المخيفة، التي يظهر بها مهرجون، أن تكون سبب ذلك الخوف من المهرجين، وذلك في سنٍ قابلة لأن تترك هذه المشاهد بصمة دائمة في وجدانهم، حتى إذا حدث ذلك مرة واحدة فقط.
اقرأ أيضًا: رهاب السعادة.. عندما تنقلب البهجة إلى تعاسة وخوف
2. التجارب الصعبة:
إذا مررت بتجربة صعبة، تتضمّن مهرجًا، بينما كُنت مشلولًا من الرعب، أو لم تتمكّن من الهروب من هذا الموقف، فقد يُمثِّل تجربة مؤلمة بالنسبة لك، ومن هنا يرتبط المهرج في عقلك بالخوف، وتميل إلى الفرار من أي موقفٍ يتعلّق بالمهرجين.
ولا يُشترَط دائمًا أن تكون الصدمات هي السبب في الخوف من المهرجين، بل قد تكون هناك أسباب أخرى، لذا من الضروري مناقشة السبب مع معالجٍ تثق به أو أحد أفراد أُسرتك.
3. الرهاب المُكتسَب:
الرهاب المُكتسَب أقل شيوعًا من الأسباب السابقة، لكنّه محتمل الحدوث، فقد تكون تعلّمت الخوف من المهرجين من أحد أفراد أسرتك أو من شخصية موثوقة بالنسبة لك.
فنحن نتعلّم قواعد الحياة من الوالدين وغيرهم من البالغين، لذا فإنّ رؤية أحد الوالدين أو شقيقك الأكبر خائفًا من المهرجين، ربما تجعلك تدرك لاشعورياً أنّ عليك الخوف من المهرجين أيضًا، وهذا هو الرهاب المُكتسَب.
هل للخوف من المهرجين مخاطر صحية؟
قد يتحوّل الخوف من المهرجين إلى نوبات هلع عند رؤية المهرجين بالنسبة لبعض الناس، كما قد تكون الأعراض المصاحبة للخوف شديدة، مثل ألم الصدر وتسارُع معدل ضربات القلب؛ إذ يشعر المرء كأنّه يُعانِي نوبة قلبية، لكن كل ما في الأمر أنّ الخوف قد هيمن عليه وتفاقمت أعراضه في حضور المهرجين.
وحسب موقع "Webmd"، فقد يؤدي الخوف الشديد في بعض الأحيان إلى اضطراب إدمان بعض المواد، مثل الكحول، أو المعاناة من اضطرابات المزاج، مثل القلق والاكتئاب.
لكن هذا غير شائع، خاصةً مع حالات الخوف من المهرجين، وأقصى ما يمكن أن يُعانِيه المرء غالبًا أن يشعر بالعزلة بسبب عدم قدرته على حضور المناسبات أو الأماكن التي يُوجَد فيها المهرجون.
هل يحتاج الخوف من المهرجين إلى علاج؟
قد لا يحتاج الكثير من الأشخاص المصابين برهاب "الكولورفوبيا" أو الخوف من المهرجين إلى العلاج، مع ذلك إذا كُنت تتعرّض لكثير من المهرجين كما لو كُنت موجودًا أغلب الوقت في بيئة ترفيهية مثلًا، فقد ترغب في التفكير في خيارات العلاج، خاصةً إذا كانت أعراض الخوف شديدة.
ومن الخيارات العلاجية المتاحة للتغلب على الخوف من المهرجين:
1. العلاج بالتعرّض:
يعتمد العلاج بالتعرّض على التعرّض للشيء الذي يُسبِّب الخوف للإنسان، لكن في بيئة آمنة، وسبب الخوف هنا المهرجون، لذا فقد يعرض المُعالِج صورة مهرج، ثُمّ يُناقِش المشاعر والعواطف التي يشعر بها الإنسان في الحال، مع العمل على إيجاد طرق لتقليل شدتها، وتقليل المخاوف تجاه المهرجين.
كذلك قد يقوم الطبيب بالعلاج بالتعرّض تدريجيًا، وهذا يعني البدء بالعنصر الأقل رعبًا، ثُمّ زيادة مستوى الصعوبة شيئًا فشيئًا، كُلّما كان المرء قادرًا على التعامل مع مخاوفه.
اقرأ أيضًا: بينها المرتفعات والكلاب والهواء.. أنواع الرهاب الأكثر شيوعًا
2. العلاج المعرفي السلوكي:
يُركِّز العلاج المعرفي السلوكي على تغيير التفكير حول سلوكيات معينة، فمثلًا قد يعمل المُعالِج مع من يُعانِي خوف المهرجين على محاولة تغيير طريقة التفكير في المهرجين، حتى يُصبِح التفكير أكثر إيجابية أو حياديًّا على الأقل.
3. الأدوية:
قد تُساعِد بعض الأدوية على تخفيف بعض الأعراض المُصاحبة للخوف من المهرجين، لكنّها لا تُستخدَم إلّا إذا وصفها الطبيب، وكانت الأعراض تستدعي علاجًا دوائيًّا بالفعل، مثل أدوية القلق أو أدوية الاكتئاب.
كذلك قد تُوصَف بعض الأدوية لتخفيف أعراض الخوف من المهرجين، مثل تسارع ضربات القلب وفرط التعرّق وغيرها، إذا اقتضى الأمر ذلك، خاصةً أنّ تلك الأدوية تساعد أيضًا على الاسترخاء وتخفيف الذعر.
نصائح للتأقلم مع الخوف من المهرجين
إذا كُنت تخاف من المهرجين، سواء كان ذلك في الحياة الواقعية أم على الشاشات، فقد تُساعِدك بعض النصائح على التأقلم مع هذه المخاوف، وعيش حياة طبيعية قدر الإمكان، ومن تلك النصائح:
- تقنيات الاسترخاء: قد تساعد العديد من تقنيات الاسترخاء على تهدئة استجابة جسمك للخوف، مثل التنفّس العميق، الذي يُعدّ مفيدًا لتهدئة القلق.
- التأمّل أو الوعي الذاتي: يعتمد ذلك على تركيز عقلك على اللحظة الحالية، بدلًا من المخاوف بشأن الماضي أو المستقبل أو أي شيء، فهذا يجعلك أكثر تناغمًا مع ردود فعل جسمك المختلفة.
- تدوين اليوميات: قد تكون الكتابة التعبيرية من الاستراتيجيات المفيدة عندما تتعامل مع مشاعر القلق، لذا حاول أن تقضي بعض الوقت كل يوم في التركيز على فكرة إيجابية أو كتابة الأشياء التي تشعر بالامتنان لها.