كيفية بناء شبكة علاقات مهنية.. ولماذا تُعد جزءًا مهماً من التطور الوظيفي
يسمع الكثيرون عن التواصل الفعّال والعلاقات المهنية، دون معرفة المعنى المُحدد والأهمية الكبيرة لهذين المصطلحين، خاصة المصطلح الأخير.
وبشكلٍ عام، تُعد "العلاقات المهنية" جزءًا أساسيًا من التطور الوظيفي، بغض النظر عن المرحلة المهنية التي يمر بها الشخص، وذلك سواء كان خريجًا جديدًا أو محترفًا ذا خبرة في المناصب التنفيذية، ويُمكن أن تعود هذه العلاقات بالنفع على الكثيرين لأكثر من سبب، إذ قد توفر فرص عمل جديدة أو تدريبات مهنية مُكلفة جدًّا بالمجان، بالإضافة إلى فوائد أخرى سنتعرف عليها في السطور التالية.
ما المقصود بشبكة العلاقات المهنية؟
يُشير مصطلح "شبكة العلاقات المهنية" إلى مجموعة الأفراد الذين تجمعهم علاقة عمل، ويُمكن أن تشمل هذه الشبكة مجموعة واسعة أو محدودة من الأشخاص، الذين ينشأ بينهم ما يُسمى بالتواصل المهني، وغالبًا ما تنشأ هذه العلاقة المهنية بهدف تحقيق مصلحة مشتركة، وفي العموم، تُعد هذه الشبكة أمرًا أساسيًا لتحقيق النجاح المهني، لأنها توفر للأشخاص وصولًا إلى فرص عمل غير مُعلنة، كما أنها تسمح بتبادل النصائح والخبرات.
أهمية الشبكات في تحقيق النجاح المهني
للشبكات المهنية أهمية في تحقيق النجاح المهني، من زوايا عديدة، ولكن يمكن حصر أهمهم في النقاط التالية:
1. تعزيز علاقات العمل:
تتعلق شبكات العلاقات المهنية بالمشاركة؛ الأخذ والعطاء، هذا الأمر يُعزز من علاقات العمل ويقويها بطريقةٍ فعالة، تسمح بالنمو وتبادل الخبرات، ومن ثم مساعدة الجميع على تحقيق أهدافهم طويلة المدى.
2. تبادل المعلومات:
في عصرنا هذا تُمثل المعلومات كل شيء، وبفضل شبكتك المهنية، ستكون قد امتلكت مصدرًا ممتازًا للحصول على المعلومات المتمثلة في وجهات النظر والأفكار الجديدة والمختلفة، صحيحٌ أن طلب المساعدة من الآخرين يُعد أمرًا مزعجًا، ولكن في حال بناء شبكة علاقات قوية، لن تُضطر أساسًا لطلب المعلومة في حالات كثيرة، وإن اضطُررت لذلك، فلن يكون الأمر ثقيلًا على قلبك.
3. تحسين المكانة المهنية:
إن امتلاكك لشبكة علاقات قوية سيساعدك على أن تكون مرئيًا ومحورًا للاهتمام من قِبل الكثيرين، ومن ثم، يمكننا القول إن التحفيز المهني والنمو المهني من أهم مميزات بناء الشبكات المهنية، بالإضافة إلى أنه سيساعد على رفع مكانتك داخل الدوائر التي تهتم بها.
4. الحصول على المزيد من الفرص الوظيفية:
تضمن شبكات العلاقات القوية بقاءك بعين اعتبار مسؤولي التوظيف عند توفر أماكن شاغرة، كما تزيد من احتمالات تَعرّفك على أشخاص ذوي صلة بمجالك أو حصولك على توصيات، تذكر أن العديد من الوظائف الشاغرة لا يتم الإعلان عنها، لذا فزيادة فرصك الوظيفية هي ميزة رائعة.
5. تعزيز علامتك الشخصية:
تترتب هذه الميزة على ما سبقها، فبناء شبكة علاقات مهنية قوية سيجعلك معروفًا كما نوهنا، وهذا يترتب عليه تعزيز علامتك أو "البراند" الشخصي الخاص بك، ويُمكنك استغلال هذه الفائدة في أن تُصبح شخصًا أفضل، ومن ثم الاستفادة من كل مزايا "العلامة الشخصية" أو ما يُسمى بـ"البيرسونال براندج".
اقرأ أيضًا: القيادة في عصر الذكاء الاصطناعي.. ما يجب عليك معرفته كقائد
6. الاطلاع على أحدث المستجدات:
تزداد فرص المرء ومكانته المهنية على حد اطلاعه بأحدث التطورات في صناعته أو البيئة التي يعمل فيها، وبامتلاكك لشبكة علاقات قوية، ستحصل على أحدث المستجدات، وستستطيع أن تصل إلى معلومات قيمة تُطورك مهنيًا، فقط لاحظ أن وصولك لأحدث المستجدات سيحتاج منك إلى أن تسأل أقرانك وأن تكون حريصًا على ذلك.
7. الحصول على المشورة والدعم المهني:
يُعد الحصول على مشورة الأقران ذوي الخبرة من المزايا المهمة لشبكة العلاقات المهنية، فيما تفتح مناقشة التحديات والفرص المشتركة الباب أمام الاقتراحات والإرشادات القيمة، ولا تنسَ أن تكوينك لشبكة علاقات سيعني أنك ستفيد الآخرين؛ الأمر الذي سيُرَد إليك في صورة الدعم القوي عندما تحتاج إليه.
8. بناء الثقة:
يتطلب بناء العلاقات القوية أن تكون متواجدًا بشكل مستمر، وأن تلتقي بأشخاص جدد قدر المستطاع، بفعلك لذلك، ستخرج من منطقة الراحة الخاصة بك، وتبني مهارات اجتماعية وثقة بالنفس لا يُقدران بثمن، وكلما زاد حجم شبكة العلاقات المهنية، زاد نموك وارتقت مكانتك.
9. رؤية الأمور من زاوية مختلفة:
أمور كثيرة قد تراها معقدة في حين يكون حلها في منتهى السهولة، وبنظرةٍ مختلفة للأمور يمكنك أن تحل الكثير من مشكلاتك، صحيحٌ أن اكتساب هذه النظرة المختلفة يتطلب مرونةً كبيرة ووقتًا طويلاً، غير أنك ستحصل عليها بسهولة أكبر إذا كونت شبكة من العلاقات.
10. تكوين صداقات حقيقية:
العديد من علاقات العمل أو الدراسة ينتهي بها الحال طي النسيان، ولكن على العكس من ذلك، وبطبيعة الحال، فإن الهدف من التواصل الفعال في إطار شبكة العلاقات المهنية، هو تكوين صداقات حقيقية تدوم لسنوات وسنوات، والسبب في ذلك يعود لأنك قد تعمل في شركة أو مؤسسة واحدة لمدة تزيد على عشر سنوات، بالإضافة إلى أنك ستقضي وقتًا مع زملاء العمل أكثر من الوقت الذي تقضيه مع عائلتك.
11. الإجابة على جميع تساؤلاتك، تقريبًا:
ما دام لديك شبكة علاقات مهنية قوية، يمكنك أن تكون واثقًا من وجود شخصٍ ما قادر على مساعدتك حال وجود تساؤل ما لديك، وبغض النظر عن مدى صعوبة تساؤلك، وطبعًا كلما زاد حجم شبكة العلاقات، زادت فرص وجود الأجوبة ومدى جودتها.
كيف تعزز شبكتك المهنية بنجاح؟
سواء كنت تحب مقابلة أشخاص جدد، أو أن فكرة وجودك في غرفةٍ مليئة بالغرباء توترك، فلا بد من بناء وتعزيز شبكتك المهنية ما دمت موظفًا أو شخصًا فاعلاً في شركة أو مؤسسة، وإليك استراتيجيات تساعدك على ذلك:
استراتيجيات لبناء علاقات مهنية قوية
1. ركز على الجانب الإنساني:
وهنا يُقصد أن تُخصص وقتًا للتعرف على الأشخاص على المستوى الشخصي، فتخصيص وقت للمحادثات الودية، ومواعيد الغداء، وما إلى ذلك يخلق علاقات تتجاوز مجرد الشبكة المهنية.
2. اترك انطباعًا مؤثرًا:
حاول أن يكون لك تأثير في جميع محادثاتك، إن القيام بذلك قد يجعلك تُحفَر في أذهان زملائك -وبالطبع عملائك- بشكلٍ إيجابي، ويُمكنك أن تفعل ذلك من خلال طرح أسئلة مفتوحة لا يُجاب عنها بنعم أو لا.
3. لا تعمل منفردًا كلما أمكن:
يوطد التعاون مع الآخرين من العلاقات أيًا كان نوعها، كما يسمح لك ولمن يعمل معك بالتعلم من بعضكم وتعزيز نقاط القوة والتخلص من نقاط الضعف، وكلما أُتيحت لك الفرصة لأن تعمل في مجموعة، افعل ذلك، وتذكر دائمًا أن العمل في جماعات أفضل كثيرًا من العمل المنفرد عندما يتعلق الأمر ببناء العلاقات.
اقرأ أيضًا: كيف تتعامل مع مديرك الذي كان زميلك في العمل؟
4. كن حلالاً للمشكلات:
بدلاً من التذمر أو إبداء الملاحظات وتوجيه الانتقادات، اتخذ نهجًا استباقيًّا وحاول أن تُفكر في الحل أول شيء، سواء مع الزملاء أو العملاء، ويُمكن أن يساعد ذلك الجميع على أن يكونوا أكثر كفاءةً وإنتاجية، وأن يؤدوا عملهم على أكمل وجه، والأهم من ذلك أنهم سيتخذونك قدوة ومثلاً أعلى.
5. تحمّل نتيجة أفعالك:
واحدة من أفضل استراتيجيات بناء العلاقات المهنية، كونك مسؤولاً عن أفعالك، سيجعلك تكتسب احترام وثقة الآخرين، مرةً أخرى مع الزملاء أو العملاء.
6. اطلب "فيدباك":
معظم الأشخاص يحبون أن يشعروا أن آراءهم مهمة وذات قيمة، لا سيما إذا كان الفيدباك (التغذية الراجعة) قادمًا من الشركات التي يعملون بها، والمشكلة الوحيدة أن قليلين هم من يطلبون فيدباك، فإذا كنت منهم، حاول أن تُجرب الأمر وترى كيف سيؤثر -غالبًا- على شبكتك المهنية بالإيجاب.
كيف تستفيد من شبكتك المهنية لتحقيق النمو؟
للاستفادة من شبكتك المهنية أقصى استفادة ممكنة، وتحقق النمو الذي تنشده، من المهم أولًا أن تُحدد طموحاتك المهنية، وتُرتب الأشخاص الذين تتعامل معهم، قياسًا على مناصبهم وخبراتهم، سيساعد هذا النهج على الاتصال بالأفراد المناسبين، الذين يمكنهم دعم أهدافك المهنية، كما يمكنك أيضًا أن تُشارك في الفعاليات المختلفة، وتُجري نقاشات بناءة ذات أهداف متعددة، أهمها المصالح المشتركة للنمو.
نستنتج من هذا أن التواصل الفعال أو بناء الشبكات المهنية القوية والناجحة لا يقتصر فقط على عدد الأشخاص، وإنما يتعلق بتطوير علاقات مُثمرة ذات معنى؛ تقدم فرصًا لتبادل المعرفة وللنمو الكبير.
علاوة على ذلك، فإن بناء شبكة علاقات ناجحة يمكن أن يعود بفوائد جمة على المستوى المهني والشخصي، كتعزيز العلامة الشخصية والتطور الوظيفي، والثقة بالنفس، والتعاطف، والتفاوض، وغيرها من المهارات.