الفنان السعودي عبد المحسن النمر لـ"الرجل": السينما السعودية تختصر الزمن وتصنع المستقبل والنجاح ليس وجهة نهائية
الفنان عبد المحسن النمر أحد أعمدة الدراما السعودية، بدأ مسيرته الفنية قبل نحو 40 عامًا، عرف بأدائه المميز وقدرته على تقمص الشخصيات المتنوعة والمعقدة، اكتسب شهرة واسعة من خلال أدواره في العديد من المسلسلات الدرامية الخليجية، مثل "خيوط المعازيب" و"لا موسيقى في الأحمدي" التي حازت إعجاب الجمهور والنقاد، ونال العديد من الجوائز بينها جائزة "أفضل ممثل"، ما يعكس تقدير الأوساط الفنية لموهبته الكبيرة وإسهاماته المميزة.
شهدت أعماله تحولات كبيرة على مستوى المحتوى والشكل، يشدد على أهمية اختيار الأدوار بعناية ودراسة، ما يعكس عمق التزامه بالارتقاء بالدراما المحلية.
في حواره مع منصة الرجل يعبر الفنان النمر عن رؤيته لمستقبل الفن السعودي، وتجربته الشخصية في تجاوز الحدود المحلية إلى العالمية وشغفه بتقديم أعمال تلامس الواقع وتعبر عن المكان، كاشفًا عن مشاريعه الجديدة وتطلعاته المستقبلية في عالم السينما.
الجوائز :
جائزة مهرجان أفلام السعودية 2024
جائزة الدانة للدراما لأفضل ممثل بمهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون- البحرين 2024
جائزة مهرجان القاهرة للإعلام العربي كأفضل ممثل عن دور "الأعمش" بمسلسل فنجان الدم 2009.
تكريم مسرح الدمام 2010
جائزة التميز والإنجاز من مهرجان واشنطن AAM Awards
جائزة مهرجان الضيافة في دبي 2020
بعد أن حققت النجاحات وحصدت الجوائز، كيف ينظر عبد المحسن النمر اليوم لنفسه؟
أنظر لنفسي بفخر واعتزاز، وأشعر بالارتياح وتأكدت أن اختياري للتمثيل كان خيارًا صائبًا أو "صحيحًا". بعد اجتهاد لسنوات طويلة تحولت الصراعات إلى قناعة المجتمع بفكري وتوجهي، فأطلقت على هذه المرحلة لقب "القفزة" لكونها جاءت من أرض صلبة اختصرت المسافة والتجربة، والحمد لله حققت حلمي، وكانت على مستوى توقعاتي، والنجاح ليس وجهة نهائية بل رحلة مستمرة من التقدم الشخصي والنمو، وبناء على قيمة شخصية وتحقيق للأهداف بتصميم وإصرار.
مستقبل السينما
ما توقعاتك لمستقبل السينما السعودية خاصة بعد مرحلة جديدة من افتتاح دور العرض وإدراج الفنون والموسيقى بمناهج التعليم؟
الحقيقة قبل أن تكون لدينا دور عرض قدم السعوديون ما يقارب 120 فيلمًا بمهرجان دبي للفيلم الخليجي، وهذا يدل على أنه لدينا الكثير من المواهب السينمائية بالمشهد الثقافي والفني، أما اليوم فلا مجال للأحلام، فصناع الأفلام السعودية محظوظون. أحلامنا البعيدة هي واقعنا اليوم، لديهم الفرص والدعم والرعاية لتقديم أعمالهم الفنية.
كما أن إدراج الفنون والموسيقى بمناهج التعليم يُعد نقلة نوعية، وشهدنا اليوم قفزة بالسعودية واختصرنا الزمن وأسهمنا بصناعة المستقبل الذي يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030، لاكتشاف الطاقات الشبابية الإبداعية وتوجيهها نحو المنافسة المحلية والعالمية.
تحرص دائمًا على التفاعل مع الجمهور وقياس ردود أفعالهم؟!
حريص جدًّا حينما أكون أمام الناس ويشاركوني التجاوب، أتحدث عن قصة نجاحي بإحساسي الذي أتمنى أن يصل ويلمسه الجمهور لمزيد من التفاعل.
ذكر أرسطو في كتابه فن الشعر أن "الفن تقليد للطبيعة" هل توافق؟
نعم أوافق، فإن فن التمثيل ما هو إلا تقليد للصور والأحداث والحالات المختارة من الحياة نفسها، والتمثيل ليس تقمصًا ولكنه تشخيص، والتقليد لا يكون فنًّا إن لم تأت معه إضافة الفنان، وما يحيط بهم من مناظر وملابس وأدوات وغيرها سواء من قبل المخرج أو المؤلف.
الرؤية الفنية
حدثنا عن رؤيتك الفنية في التمثيل؟
تبلورت رؤيتي الفنية في البداية كفكرة بمخيلتي وألعابي الطفولية عندما كنت بالعاشرة من عمري، ومن المسرح إلى التلفزيون، ولم يكن من السهل انطلاقي من المنطقة الشرقية والتشدد الاجتماعي في ذروته، ورفض عائلتي والمجتمع المتحفظ بفترة الثمانينيات، ولكن بفضل شغفي حملت على عاتقي تغيير فكرة النمطية السائدة عن الفن والممثل، وتجاوزت الساحة المحلية والإقليمية.
وكيف انعكست رؤيتك الفنية على أدائك؟
تلعب الرؤية الفنية دورًا حاسمًا في العملية الإبداعية، وتوجيه عملية صنع القرار فهي تشمل الأسلوب والموضوعات بدءًا من تصور الأفكار وجمع التفاصيل وتشخيصها في أثناء عملية بناء الشخصية. الممثل يجب أن يكون صارمًا في اختيار التفاصيل والأدوات والتقنيات، وتنعكس الرؤية الفنية على أداء الممثل لخلق فن يلقى صدى لدى الجماهير، ويكون له تأثير دائم، ويضيف عمقًا وأصالة إلى العمل الفني ما يجعله أكثر إثارة للتفكير وجاذبية، فضلًا عن أنها تميز عمل الفنان عن الآخرين وتسهم بالقيمة الشاملة للفن.
هل تتغير رؤية الممثل مع مرور الوقت؟
نعم، الرؤية الفنية للممثل يمكن أن تتطور وتتغير وتتوسع مع مرور الوقت، مع اكتساب الفنانين لخبرات ومهارات ووجهات نظر جديدة. إنها عملية ديناميكية تسمح للفنانين بالنمو واستكشاف اتجاهات إبداعية جديدة.
ما أكثر ما جذبك بفيلمك السينمائي الأخير (هجان) ومسلسل (خيوط المعازيب) بعد انقطاعك سنتين؟
بعد غياب سنتين وجدت ضالتي في فيلم (هجان) ومسلسل (خيوط المعازيب) وكلاهما كان دوري فيه دور شرير، وأكثر ما جذبني في "هجان" كونه يشكل اللبنة الأولى للسينما السعودية الكلاسيكية المرتبطة بالصورة والمكان التي تحتاج إليها التجربة الإخراجية، ولله الحمد حصد نحو 10 جوائز بعدة مهرجانات سعودية ودولية، وهو تجربة متكاملة من حيث النص والتكنيك والجهة المنتجة، إخراج أبو بكر شوقي.
وبالنسبة للمسلسل الدرامي الاجتماعي "خيوط المعازيب" فإنه يتناول حقبة تاريخية معينة بفترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، تدور قصته حول تجار البشوت والمشالح والحياكة وينقل صورة عن منطقة الأحساء وما مرت به من ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية حساسة خلال تلك الفترة، جسدت فيه دور قاسي القلب (أبو عيسى)، والعمل من ﺇﺧﺮاﺝ عبد العزيز الشلاحي ومناف عبد الله وتأليف حسن العبدي من الرعيل المؤسس للحقبة الزمنية للنص. فيه صراع بين الأجيال ومحاولة تعرقل التقدم، وقد نال المسلسل العديد من الجوائز.
كيف انعكست أدوارك الشريرة على الجمهور؟
قمت بأدواري في قالب تدور أحداثه بمحور الشر، والشر عبارة عن ثلاثة أنواع منها الشر المبطن والشر الظاهر أو المعلن، والشر المقنن، ولكني مارسته بذكاء وبتقنية ووعي.
أدوار الشر تعمل على تفريغ الطاقة السلبية، وتكبت النفس الأمارة من خلال الدين والأخلاق، وهو علاج نفسي يفجر طاقة إبداعية، تمنحني مساحة تمثيل أوسع وهي تبرز موهبة الفنان.
اقرأ أيضًا: الفنان التشكيلي نهار مرزوق: ألواني من الربع الخالي والحجر المنقبي.. تلهمني المآذن وتسكنني المدن
الثقة بالنفس
كيف يمكن للفنانين أن يظلوا صادقين وسط الانتقادات والتعليقات السلبية؟
لكي يظلوا صادقين في وسط الانتقادات السلبية، يجب على الفنانين أن يتبنوا الإيمان بالنفس والثقة بخياراتهم الإبداعية، من المهم للفنانين أن يثقوا بإحساسهم وأن يتذكروا أن الفن أمر شخصي، يجب أن يظلوا منفتحين على التعليقات البناءة مع الحفاظ على صدق وجهة نظرهم ونياتهم.
رحل مؤخرًا الأمير بدر بن عبد المحسن -رحمه الله- ما أثر ذلك على الساحة الفنية؟ وما الذي شدك للمسلسل التاريخي (توق)؟
فقد الأمير الشاعر البدر -رحمه الله– خسارة كبيرة للمشهد الثقافي والفني فهو أحدُ أبرز روَّاد الحداثة الشعرية بالمملكة، والمسلسل التاريخي (توق) من طراز الواقعية السحرية ضمن حكاية بدوية فنتازية، بالقرن 18 بالجزيرة العربية، عُرض في 2011، وهو مقتبس عن رواية (توق) من تأليف الأمير بدر بن عبد المحسن وإخراج شوقي الماجري، جسدت فيه شخصية "الشاعر فراس" وهو فارس يتمتع بالنبل والشهامة وأحب فتاة اسمها فاطمة، جسدت دورها سلاف معماري، ما جعلني أمام حالة شعرية تتضمن الموسيقى وإيقاعًا مميزًا.
الفن مسؤولية
ما رأيك بمقولة إن الإنسان هو الهدف النهائي للفن؟
بالطبع فالإنسان هو شعاري الحقيقي، والفن حملني مسؤولية تحقيق الهدف بكونه أساسًا للجمال، مخزونه وعلاماته المشبعة بالإنسانية، وله معنى ورسالة لما ننجز ونعبر لتؤثر بجماليتها على الإنسانية نحو فضاءات أرحب، والفكر الإنساني نتاج يشمل المجتمع والثقافة الذي تميّز بالعراقة والتراث والهوية والقضايا التي تدور كلها في الإنسان الذي ينطلق التعبير منه وينتهي إلى المجتمع.
ما جديدك القادم؟
جديدي القادم (الخريف في قلبي) مسلسل فني معرب، النسخة السعودية للمسلسل التركي Broken Pieces قصة اجتماعية عالمية تدور في إطار الأسرة، يقع العمل في 90 حلقةً، ويأتي لصالح مجموعة mbc، العمل من بطولتي، وبطولة إلهام علي ويشارك بالعمل إبراهيم الحربي وفيصل الدوخي ومروة محمد وهند محمد، وفيصل الزهراني، وميرال مصطفي وجود السفياني وتركي الشدادي، ولبنى عبدالعزيز، والمطربة أروى، وسوف يعرض في أكتوبر القادم بإذن الله تعالى.
هل فكرت يومًا بالاعتزال من التمثيل؟
ربما أقرر الاعتزال عن التمثيل وقد أكون مخرجًا في الوقت المناسب.
ما طموحاتك المستقبلية؟
أطمح بتقديم أعمال سينمائية مميزة، فنحن من أكثر الشعوب التي لديها فقر في الذاكرة البصرية ولا يوجد لدينا مخزون، أو اجتهاد حقيقي لتوثيق الحضارة في السينما بكونها أكثر استدامة وجودة وأقربها للواقع، وحتى نتمكن من إنتاج خامة عمل تشبهنا، ونبني قاعدة تؤسس للسينما الكلاسيكية، هويتها سعودية وتفاصيلها الفنية متميزة ومبدعة.