كيف سيتمكن الذكاء الاصطناعي من سد الثغرات التي نشأت بسبب التعليم الافتراضي؟

لم يشعر الطلاب أن هناك شيئاً غريباً بشأن مساعدة التدريس الجديدة واسمها “جيل واتسون” ، والتي كانت ترسل الرسائل الإلكترونية لهم بشأن الوظائف والمهام ومواعيد التسليم في فصل الذكاء الاصطناعي للبروفيسور “أشوك جويل” في معهد جورجيا للتكنولوجيا.
كانت ردودها مختصرة ولكنها غنية بالمعلومات ولم يعلم الطلاب أنها كانت مساعدة افتراضية وليست حقيقية إلا بعد انتهاء الفصل الدراسي.
كانت جيل عبارة عن روبوت محادثة صممه جويل للمساعدة في تخفيف العبء عن مساعديه الحقيقيين الثمانية الآخرين.
قال الدكتور جويل: "الهدف كان بناء مساعدة تدريس افتراضية تقوم بالإجابة عن أسئلة الطلاب الشائعة والتي عادة ما يكون لديها إجابات واضحة، ومن ثم إشراك المساعديين البشريين في الأسئلة المعقدة والنقاشات المفتوحة مع الطلاب ولكن أصبحنا لاحقاً متحمسين لبناء مساعد تدريس باستخدام الذكاء الاصطناعي شبيه بالإنسان، بحيث لا يستطيع الطلاب التفريق بينه وبين الإنسان الحقيقي بسهولة. حيث تقوم هذه المساعدة بتعزيز مشاركة الطلاب والأداء و التعلم".
وأضاف جويل: يندمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب حياتنا ولن نكون دائماً على دراية عندما نتعامل معه. كما أن تأثير الذكاء الاصطناعي على التعليم سيكون واضحاً في السنوات القادمة بدخول هذه الأنظمة إلى الصفوف الدراسية في كل مكان.
وكما غيرت أجهزة الحاسوب والإنترنت شكل وطريقة سير العملية التعليمية ماذا ولماذا وكيف - التعليم. سيقوم الذكاء الاصطناعي بتغيير المنظومة من جديد حيث سيتم تعليم الطلاب بواسطة الروبوتات بدلاً من المعلمين الحقيقيين وستقوم الأنظمة الذكية بتقديم النصيحة والتعليم وتصحيح المهام أيضاً. في الوقت نفسه سيتم تغيير المواد الدراسية نفسها بشكل جذري حيث سيكون دور المعلمين إعداد الطلاب لسوق عمل يتم فيه تشغيل ملايين الوظائف بواسطة الآلات.
قد يبدو التعليم بمساعدة الذكاء الاصطناعي وكأنه شيء من المستقبل البعيد ، لكنه بالفعل موضوع يثير اهتمام الأكاديميين والشركات على حد سواء. حيث غمرت الألعاب التعليمية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي السوق على مدار السنوات القليلة الماضية ، وكثير منها عبر منصات التمويل الجماعي.
يقول” داني فريدمان” مدير المناهج والخبرة في “ايليمنتال باث ” : “هناك توقعات كبيرة للألعاب التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. أتوقعها في كل فصل دراسي كأداة تعليمية تكميلية وهي ليست مدمجة فقط في منهج التعليم ، ولكنها مرتبطة بالبيانات الشخصية للطالب، مثل طرق التعلم المفضلة ومجالات الاهتمام. أتوقعها أيضاً في كل منزل ، ليس فقط للمساعدة في الإجابة على الأسئلة، ولكن للمساعدة في غرس التفاعلات الاجتماعية . ستكون ألعاب الذكاء الاصطناعي في كل مكان مثل الهواتف المحمولة.”
كما ستساعد الأنظمة التعليمية الذكية على تخليص المعلمين من المهمة الشاقة المتمثلة في تصحيح الأوراق في مواد العلوم والدراسات الاجتماعية والرياضيات أيضاً. حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي الإجابة على معادلات الرياضيات المعقدة والاستفسارات بلغة غنية بالمعلومات، وستكون مهمة المعلمين الجديدة التركيز على الجوانب الشخصية للتعليم.
فعندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي في التدريس والتعليم ، يمكن أتمتة العديد من المهام الأكاديمية الروتينية والأقل مكافأة للمحاضرين ، مثل تصحيح المهام.
كتب الباحث “مارك دودجسون” ، مدير مركز إدارة التكنولوجيا والابتكار، بكلية إدارة الأعمال بجامعة كوينزلاند ، و “ديفيد جان” ، نائب رئيس إمبريال كوليدج ، في تقرير عن الذكاء الاصطناعي والتعليم العالي للمنتدى الاقتصادي العالمي: بمجرد وصول الطالب إلى المدرسة الثانوية ، قد يدخل عامه الأول جنبًا إلى جنب مع ما يسميه خبراء التعليم في تقرير بيرسون“رفيق التعلم مدى الحياة” فعلى مدار السنوات التسع الماضية، كان هذا الرفيق الرقمي يرافقه في الفصل ويساعده في أداء واجباته المدرسية ويتعلم معه.
شريك التعلم - الذي قد يكون على شكل روبوت أو ، على الأرجح ، شيء أكثر دقة، مثل تطبيق الهاتف الذكي - قد يعمل أحيانًا كطالب بحد ذاته، مما يسمح للطالب البشري بتعليمه ما تعلمه هو والمساعدة في تعزيز معرفته.
قال واين هولمز ، المؤلف المشارك لتقرير بيرسون والمحاضر في معهد الجامعة المفتوحة لتكنولوجيا التعليم: "سيكون هذا الرفيق متاحًا للطالب طوال فترة تعليمه في أي وقت ، قد يقترح عليهم العمل الذي يمكنهم القيام به أو دعمهم بالعمل الذي يجدون صعوبة فيه. كما أنه سيوفر معلومات للمعلم حتى يتمكن المعلم من المشاركة ... الفكرة هي أنه بمرور الوقت يمكن لرفيق التعلم بناء هذا الملف الشخصي للفرد الذي يمكن استخدامه لدعمهم في المضي قدمًا".
أصر هولمز على أن شركاء التعلم الرقمي هؤلاء يهدفون إلى دعم المعلمين وليس استبدالهم. في الواقع ، يتوقع أن يحصل التربويون على مساعدين افتراضيين خاصين بهم لجعل وظائفهم أسهل وأكثر فعالية.
سيكون للمعلمين رفيقهم الخاص، فهم يمتلكون مساعد تدريس افتراضيا بتقنية الذكاء الاصطناعي خاصا بهم وقال مضيفًا: “إن رفيق الطالب ومساعد التدريس الافتراضي للمدرس سيتواصلان معاً حتى يعرف مساعد التدريس ما يجري في الملف الشخصي للطالب بحيث يمكنه التفاعل معه”.
بحلول الوقت الذي يسجل فيه الطالب في إحدى الجامعات ، سيكون لدينا نتاج “عقلين” ، إذا صح التعبير: تلك الموجودة في دماغ الطالب ، والذكاء الاصطناعي الذي طورته كشريك في التعلم خلال سنواته الدراسية . وفي الجامعة نفسها سيكون الذكاء الاصطناعي في كل مكان - كمساعدين افتراضيين للمدرسين في الفصل الدراسي، وكفنيي دعم في مكتب التسجيل ، وحتى كمستشارين أكاديميين.
في هذا العام ، استخدمت الجامعة التقنية في برلين برنامج دردشة آلي اسمه “ألكس” لمساعدة الطلاب في تخطيط جدول دوراتهم الدراسية.
قال” ثيلو مايكل” ، طالب الدكتوراة حاليًا في جامعة برلين التقنية والذي صمم النظام كجزء من دراسات الماجستير: “ أعتقد أن مزايا نظام المحادثة الآلي هي اكتمال المعلومات وتوافرها. “ حيث يحاول برنامج الدردشة ترجمة أسئلة الطلاب إلى استعلامات قابلة للبحث، تمامًا كما يفعل المستشار البشري ، ولكن لديه كل المعلومات المتوفرة في وقت واحد. بينما سيحتاج المستشارون البشريون إلى البحث في أنظمة مختلفة عبر الإنترنت وربما قد يقدمون مجموعة غير كاملة من المعلومات.
أكد مايكل أن النظام ليس مصممًا ليحل محل البشر. قائلاً : “النظام قادر على الإجابة على أسئلة عملية حول الدورات والتخصصات المتاحة، لكنه غير قادر على الإجابة على الأسئلة على مستوى أوسع”. “أعتقد أنه يمكن استخدام النظام جيدًا إلى جانب الاستشارة للحصول على أفضل ما في العالمين.”
وبالحديث خارج مؤسسات التعليم التقليدية، سيكون الذكاء الاصطناعي قادراً على جعل التعليم في متناول المزيد من الناس.
في المناطق النامية، حيث المعلمون قليلون ومتباعدون ، حيث يمكن استخدام نظام تعليمي قوي بتقنية الذكاء الاصطناعي لتعليم الطلاب بمشاركة بشرية قليلة جداً أو ربما بدون مشاركة معلم بشري.
تقدم مؤسسة “إكس برايز”، التي تصمم مسابقات على سطح القمر، حاليًا 10 ملايين دولار أمريكي للفريق الذي يطور أفضل تطبيق تعليمي أساسي قادر على استبدال مدرس للأطفال بإمكانية الوصول إلى جهاز لوحي ولكن بدون إنسان مربي في يونيو، اختير أحد عشر متأهلاً لنصف النهائي من ما يقرب من 200 فريق شاركوا في المسابقة. من المحتمل أن يتم دعم النظام الفائز باستخدام الذكاء الاصطناعي من قبل “إكس برايز” من أجل تقديم دروس أكثر تخصصًا وديناميكية.
ومع ذلك، علينا أن نعير انتباهنا الكامل للقضايا الأخلاقية التي يجب مراعاتها ومعالجتها قبل التنفيذ الكامل لنظام الذكاء الاصطناعي.
في مجال التعليم، على سبيل المثال، سيتعين على المعلمين النظر في خصوصية وسرية البيانات التي يتم جمعها، خاصةً عندما تتعلق هذه البيانات بالأطفال. من سيمتلك المعلومات؟ ومن سيتمكن من الوصول إليها؟
قال هولمز: “لا توجد إجابة واضحة لهذه المشكلة لكنها مشكلة يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار”.
وقبل تربية جيل كامل بمساعدة رفقاء التدريس الافتراضيين، يجب أن يعمل علماء النفس على فهم تأثيرات هذا النظام على التنمية. هل سيعتمد الطلاب على التكنولوجيا؟ وماذا يحدث إذا تعطل النظام أو فشل؟ أسئلة صعبة بالتأكيد ولكنها تستحق الجهد للإجابة عليها بشأن مستقبل أعظم مورد لدينا - عقول الأجيال القادمة من البشرية.