130 عامًا من الإصرار على الريادة والنجاح.. رحلة "عائلة الشايع" نحو التميز


























تحمل عائلة "الشايع" في طياتها تاريخًا عريقًا، يمتد عبر أجيال عديدة، تعود جذورها إلى عدة قبائل في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت.
في قلب السعودية، نجد أن جزءًا من أفراد العائلة ينحدر من قبيلة "بني خالد المخزومية القرشية العدنانية"، وهم يتواجدون بكثرة في مناطق مثل الخبر والرياض، بينما في بريدة، يتوزع نسبهم بين قبيلتي "شمّر" و"عتيبة"، ما يعكس التنوع والانتشار الواسع للعائلة في مختلف أنحاء المملكة.
أما في الكويت، فقد استقر أفراد "الشايع" من قبيلة "بني تميم" بعد نزوحهم من "الزلفي" في السعودية منذ القرن الثامن عشر، وهذا الانتقال لم يكن مجرد تغيير في المسكن، بل كان بداية لعهد جديد من الازدهار والتأثير الاقتصادي والاجتماعي في الكويت.
العائلة لم تكتفِ بالاستقرار، بل عملت جاهدة على بناء قاعدة تجارية قوية، ساهمت في تنمية الاقتصاد المحلي، وإرساء أسس النجاح التي ما تزال قائمة حتى اليوم.
عائلة الشايع في القصيم

في منطقة "القصيم"، تعد عائلة "الشايع" واحدة من الركائز الأساسية، التي تسهم في تقدم وازدهار المجتمع المحلي، ليس فقط من خلال إدارة سلسلة واسعة من المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي، التي تخدم سكان المنطقة، بل أيضًا من خلال دعم المبادرات التعليمية والتدريبية، و"أكاديمية عائلة الشايع للتجزئة"، على سبيل المثال، أصبحت منبرًا هامًا لتأهيل الشباب السعودي بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل بثقة وكفاءة.
هذه الأكاديمية ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل تُعد جسر يربط بين الطموح والفرص، حيث توفر بيئة تعليمية متكاملة، تركز على الجانب العملي والتطبيقي، ومن خلال برامجها المتنوعة تمكنت الأكاديمية من تخريج أكثر من 1300 سعودي وسعودية، ما ساهم في رفع كفاءة القوى العاملة المحلية وتعزيز الاقتصاد الوطني.
تاريخ مجموعة الشايع
بدأت رحلة "مجموعة الشايع" في عام 1890 في الكويت، حيث قرر الأخوان "محمد" و"علي الحمود الشايع" تأسيس مكتبهما في "مومباي" بالهند، وكانت هذه الخطوة جريئة في ذلك الوقت، لكنها كانت مدفوعة برؤية واضحة لتعزيز مهارات أبنائهم في اللغة الإنجليزية والتجارة، وهذا الاستثمار في التعليم والتدريب كان الأساس الذي بنيت عليه إمبراطورية "الشايع" التجارية على مدى أكثر من قرن.
في ستينات القرن الماضي، شهدت الشركة توسعًا كبيرًا، عندما افتتحت أول "فندق شيراتون" 5 نجوم في الكويت عام 1966، ولم يكن هذا الإنجاز مجرد افتتاح فندق فاخر، بل مثل إعلان عن مكانة "الشايع" كرواد في قطاع الضيافة والتجارة في منطقة الخليج العربي، وهذا النجاح فتح الأبواب أمام مزيد من التوسع في قطاعات متنوعة، مثل العقارات والمطاعم والمقاهي، مما عزز من مكانة العائلة في السوق المحلية والإقليمية.
توسع مجموعة الشايع عبر العقود
على مر العقود، لم يتوقف طموح "مجموعة الشايع" عند حدود الكويت فقط، بل امتدت أنشطتها لتشمل مناطق واسعة في الشرق الأوسط والعالم، وفي الثمانينات والتسعينات، بدأت المجموعة في إضافة علامات تجارية مرموقة للأزياء مثل "دبنهامز"، وأسست أقسامًا للصحة والجمال والمطاعم، بما في ذلك شراكتها مع "ستاربكس"، وهذا التوسع لم يكن فقط لتلبية احتياجات السوق المحلي، بل كان أيضًا استراتيجية ذكية لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز مكانة المجموعة في مجالات متعددة.
ومع بداية الألفية الثالثة، اتخذت "مجموعة الشايع" خطوة جريئة نحو التوسع العالمي، بفتح فروع في تركيا وروسيا ومصر وأوروبا الوسطى والشرقية، وهذا التوسع لم يقتصر على فتح الفروع فحسب، بل شمل أيضًا إدخال علامات تجارية جديدة في مجالات الماكياج والبصريات، مثل: "ماك" و"بووتس" و"فيجن إكسبرس"، وهذه الخطوات لم تكن مجرد توسيع للأعمال، بل كانت تعزيزًا للابتكار والتكيف مع متطلبات الأسواق العالمية المتغيرة.
القيادة الحديثة والمسؤولية الاجتماعية
في قلب نجاح "مجموعة الشايع" اليوم يقف الجيل الثالث من العائلة، ممثلاً في "محمد عبد العزيز الشايع"، الذي يحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من "جامعة وارتون"، وقد اكتسب خبرة واسعة من عمله في "بنك مورجان ستانلي" بنيويورك، قبل أن يعود إلى الوطن في عام 1984، عقب مكالمة هاتفية من والده، شكلت نقطة تحول في حياته، حيث اختار التضحية بمسيرته المهنية في الخارج، لخدمة مصالح العائلة والمجتمع المحلي.
تحت قيادته، استطاعت "مجموعة الشايع" التغلب على عديد من التحديات الاقتصادية، بما في ذلك الأزمات المالية العالمية، وأزمة الديون الأوروبية، وبفضل استراتيجياته المرنة، والتركيز على الجودة والخدمة، حققت الشركة نموًا مستدامًا حتى في أصعب الظروف الاقتصادية.
لا تقتصر مسؤولية "الشايع" على الجانب التجاري فقط، بل تتعداها لتشمل مسؤولية اجتماعية كبيرة، حيث أسهمت العائلة في تأسيس ودعم مؤسسات محلية مثل "شركة ناقلات النفط الكويتية"، و"الهلال الأحمر الكويتي"، و"اللجنة الشعبية لجمع التبرعات"، و"الشركة الأهلية للتأمين"، وهذه المساهمات لم تكن مجرد دعم مالي، بل كانت تعبيرًا عن التزام العائلة بتحسين حياة الأفراد والمجتمعات التي تعمل فيها.
اقرأ أيضًا: عائلة الراجحي التجارية.. من العمل في «العتالة» إلى تصدر قوائم أثرياء العالم
إنجازات وآفاق مستقبلية

اليوم، تدير مجموعة الشايع أكثر من 4,000 محل ومقهى ومطعم، في 17 دولة تشمل الشرق الأوسط وأوروبا وروسيا، وتمتلك المجموعة شراكات مع أكثر من 90 علامة تجارية عالمية مثل: Starbucks وH&M وThe Body Shop، وتوظف حوالي 60,000 موظف من 120 دولة، مما يعكس التنوع والانتشار العالمي للمجموعة.
لكن العائلة لا تتوقف عند هذا الحد، إذ تستمر في توسيع نشاطاتها لتشمل قطاع السياحة والفنادق، مع التركيز على تقديم تجارب فريدة، تلبي احتياجات الزبائن، وتعزز من مكانة المجموعة في السوق العالمية، ومن المتوقع أن تستمر "مجموعة الشايع" في إضافة علامات تجارية جديدة، والتوسع في أسواق جديدة، ما يعزز من قدرتها على المنافسة، ويضمن استدامة نجاحها في المستقبل.
الرؤيةالمستقبلية للمجموعة
رؤية "مجموعة الشايع" المستقبلية تركز على الابتكار والتطوير المستدام، حيث تسعى المجموعة إلى تبني أحدث التقنيات، لتحسين خدماتها وتعزيز تجربة العملاء، مما يجعلها في طليعة الشركات الرائدة في قطاع التجزئة والضيافة، بالإضافة إلى ذلك، تلتزم "الشايع" بتعزيز مبادراتها في مجال المسؤولية الاجتماعية، من خلال دعم المزيد من المشاريع الخيرية والتعليمية، مما يعكس التزامها العميق بالمجتمعات التي تعمل فيها.
المجموعة تسعى أيضًا إلى تعزيز وجودها في أسواق جديدة، من خلال استراتيجيات توسع ذكية، تركز على الابتكار الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، وهذا النهج يمكنها من تقديم خدمات ومنتجات عالية الجودة، تتناسب مع متطلبات العصر الحديث، مما يعزز من مكانتها التنافسية ويضمن استدامة نجاحها.
شركة محمد حمود الشايع
تعد "شركة محمد حمود الشايع" الذراع التجاري الرئيسي لـ"مجموعة الشايع" في مجال تجارة التجزئة، وقد استطاعت بقيادة "محمد عبد العزيز"، أن تدير عملياتها بنجاح، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها المنطقة، بفضل استراتيجياتها المرنة وتركيزها على الجودة والخدمة، فاستمرت الشركة في التوسع وتحقيق معدلات نمو سنوية جيدة.
"شركة محمد حمود الشايع" ليست مجرد شركة تجزئة، بل كيان ديناميكي يسعى دائمًا إلى تحسين خدماته، وتطوير منتجاته بما يتناسب مع احتياجات السوق المحلية والعالمية، وهذا الالتزام بالجودة والابتكار جعل الشركة واحدة من أبرز الشركات في قطاع التجزئة في المنطقة، وضمن لها مكانة تنافسية قوية في المستقبل.
الأكاديمية والتدريب
"أكاديمية عائلة الشايع للتجزئة" في السعودية، مركز تدريب معتمد يهدف إلى تأهيل السعوديين من كلا الجنسين، ومدهم بالمهارات العملية والتجارية اللازمة للنجاح في قطاع التجزئة، وتدير الأكاديمية "شركة الشايع الدولية للتجارة"، لتوفر فرص تدريبية للشباب السعودي، مما يساهم في تنمية الكفاءات الوطنية، وتوفير فرص عمل متميزة في السوق المحلي والعالمي.
وقد تخرج من الأكاديمية في الرياض أكثر من 1,300 سعودي وسعودية، وتمتد نشاطاتها بفتح فروع جديدة في مدن "جدة" و"الدمام" عام 2015، مما يعزز من قدرتها على الوصول إلى عدد أكبر من الشباب، وتقديم برامج تدريبية متطورة تتناسب مع متطلبات سوق العمل الحديث، فيما تسعى الأكاديمية إلى استمرار تطوير برامجها التدريبية، وتحديث مناهجها بما يتماشى مع أحدث الاتجاهات في قطاع التجزئة والتجارة العالمية.
المسؤولية الاجتماعية والاستدامة
تؤمن "عائلة الشايع" بأهمية الدور الاجتماعي الذي تلعبه الشركات في المجتمعات التي تعمل فيها، لذا، تولي العائلة اهتمامًا كبيرًا للمسؤولية الاجتماعية من خلال دعم المؤسسات الخيرية والمبادرات الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين حياة الأفراد والمجتمعات، كما تسعى "مجموعة الشايع" إلى تحقيق التوازن بين النجاح الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية، ما يعكس التزامها العميق بالقيم الإنسانية والأخلاقية.
وتتجلى مسؤولية "الشايع" الاجتماعية في دعمها لمشاريع التعليم والتدريب، والمساعدة في تخفيف الأزمات الإنسانية، وتعزيز الصحة العامة من خلال دعم المؤسسات الصحية مثل "الهلال الأحمر الكويتي"، كما تساهم العائلة في تعزيز التنمية المستدامة، من خلال تبني ممارسات تجارية مسؤولة وصديقة للبيئة، مما يضمن استدامة مواردها، وتحقيق تأثير إيجابي طويل الأمد على المجتمعات التي تخدمها.