اكتشاف كوني غامض قد يغيّر فهمنا لدرب التبانة
رصد فريق من علماء الفلك واحداً من أضخم التكوينات الدوّارة التي تم اكتشافها في الكون حتى الآن، في اكتشاف قد يفتح نافذة جديدة لفهم كيفية تشكّل مجرتنا "درب التبانة".
خيط كوني يدور كعصا دوّارة عملاقة
باستخدام أقوى التلسكوبات في العالم، عثر الباحثون على أكثر من 280 مجرة مصطفّة على امتداد تركيب كوني ضخم من الغاز والمادة المظلمة، يُعرف بـ"الخيط الكوني". والخيوط الكونية هي أجزاء من ما يُسمى "الشبكة الكونية"، وهي شبكة هائلة في أعماق الفضاء تشبه نسيج العنكبوت، تربط بين العناقيد المجرية الكبرى (وهي مناطق تحتوي على آلاف المجرات المترابطة بالجاذبية)، وتشكل البنية الأساسية التي يقوم عليها الكون.

ويدور هذا الخيط حول محوره بسرعة هائلة تصل إلى نحو 396 ألف كيلومتر في الساعة، أي أسرع من دوران معظم الأجرام السماوية كالنجوم والكواكب. ويمتد الخيط لمسافة تقدّر بنحو 50 مليون سنة ضوئية، مع عرض لا يتجاوز 163 ألف سنة ضوئية، ما يجعله شبيهاً بعصا رفيعة تدور في الفضاء على محور غير مرئي.
دوران المجرات يكشف سر النشأة
أوضح البروفيسور مات جارفس (Matt Jarvis) من جامعة أكسفورد أن المجرات الواقعة على جانبي الخيط تتحرك في اتجاهين متعاكسين، وهو دليل على أن البنية بأكملها تدور حول نفسها. والأكثر إثارة أن كثيراً من هذه المجرات تدور بنفس اتجاه دوران الخيط، ما يشبه حركة "أكواب الشاي" في ألعاب الملاهي، حيث يدور كل كوب صغير وفي الوقت نفسه تدور القاعدة التي تحمله في الاتجاه نفسه.
وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في أن المجرات داخل هذا الخيط تشترك في حركة دوران واحدة، ما يشير إلى أن البنى الكونية العملاقة قد تتحكم في حركة المجرات الصغيرة داخلها وتؤثر في تكوينها منذ مراحلها الأولى.
دليل على المراحل الأولى لتكوّن المجرات
توصل العلماء أيضاً إلى أن هذا الخيط غنيّ بالمجرات التي تحتوي على كميات كبيرة من غاز الهيدروجين، وهو الوقود الأساسي لتكوّن النجوم. وغالباً ما يدل وجود كميات كبيرة من هذا الغاز على أن هذه المجرات لا تزال في مرحلة مبكرة من تطورها، أو أنها في طور جمع المواد لتكوين نجوم جديدة.
وتوضح الدكتورة مادالينا تودوراتشي (Madalina Tudorache) من جامعة أكسفورد أن هذا الخيط "يمثل سجلاً حياً لتدفق المادة في الكون"، إذ يتيح فهم كيفية اكتساب المجرات لدورانها ونموّها عبر الزمن.
ويرى العلماء أن دراسة هذا الخيط الكوني الشاب ستساعد على فهم الطريقة التي تشكلت بها مجرتنا درب التبانة في بدايات الكون، لأن خصائصه المشابهة تشير إلى أن المجرات الأولى ربما تكونت داخل خيوط دوّارة شبيهة به، حيث تتركز المادة ثم تتجمع لتصنع المجرات كما نعرفها اليوم.
