دراسة تكشف دور غبار الفضاء في تكوين الجزيئات الأساسية للحياة
كشفت دراسة علمية حديثة هي الأولى من نوعها، أن غبار الفضاء قد يكون له دور أساسي في تكوين الجزيئات التي تُعتبر أساس نشأة الحياة.
وأوضح فريق بحثي يضم جامعة هيريوت-وات في إدنبرة، بالتعاون مع جامعة فريدريش شيلر في ألمانيا وجامعة فرجينيا في الولايات المتحدة، أن هذا الغبار المعدني يعمل كمحفز طبيعي، أي أنه يساعد الجزيئات البسيطة على التفاعل فيما بينها لتكوين مركبات أكثر تعقيدًا، حتى وسط الظروف القاسية للفضاء مثل الفراغ والبرودة الشديدة.
وأظهرت الدراسة، المنشورة في مجلة The Astrophysical Journal، أن التفاعلات بين ثاني أكسيد الكربون والأمونيا –وهما من أكثر المواد انتشارًا في الفضاء– لا تحدث بكفاءة إلا عند وجود الغبار الكوني، وهذه التفاعلات تؤدي إلى إنتاج مركب يُسمى كربامات الأمونيوم، وهو يُعتبر خطوة أولى نحو تكوين مواد مثل اليوريا، التي تُعد من الجزيئات الأساسية لبناء الحياة.
وأكد البروفيسور مارتن مكوسترا أن الغبار ليس مجرد خلفية خاملة في الفضاء، بل هو بمثابة "منصة" تلتقي عليها الجزيئات لتتفاعل وتكوّن مركبات أكثر تعقيدًا، وهو ما قد يفسر كيف بدأت الحياة في بيئات فضائية قاسية.
تجارب محاكاة الغبار الكوني ودوره في نشأة الحياة
في مختبر الدكتور أليكسي بوتابوف بمدينة يينا بألمانيا، أجرى الباحثون تجربة لمحاكاة الغبار الكوني باستخدام طبقات رقيقة من ثاني أكسيد الكربون والأمونيا، تفصل بينها حبوب سيليكات دقيقة صُنعت بالتبخير بالليزر.
وعندما جُمّدت العينات عند درجة حرارة -260° مئوية (كما في السحب بين النجوم) ثم سُخنت تدريجيًا إلى -190° مئوية (كما في الأقراص الكوكبية الأولية)، انتشرت الجزيئات داخل طبقة الغبار وتفاعلت لتكوين مركب يُسمى كربامات الأمونيوم.
أما في غياب الغبار، فلم تحدث التفاعلات بنفس الكفاءة، وهو ما اعتبره الفريق أول دليل على حدوث تحفيز كيميائي تحت ظروف فضائية محاكاة.
وأوضح الدكتور بوتابوف أن هذه النتائج تكشف أن الغبار الكوني ليس مجرد جسيمات خاملة، بل يلعب دورًا نشطًا في توفير بيئات دقيقة، تلتقي فيها الجزيئات لتتطور إلى مركبات أكثر تعقيدًا.
وأضاف البروفيسور مارتن مكوسترا أن هذه التجارب تُظهر كيف يمكن للطبيعة أن تتغلب على قسوة الفضاء، لتبدأ سلسلة من التفاعلات التي قد تقود في النهاية إلى نشأة الحياة.
ويخطط الباحثون لمواصلة دراسة إمكانية تكوين جزيئات أخرى بنفس الطريقة، والتأكد مما إذا كانت هذه الكيمياء المدفوعة بالغبار تحدث بالفعل اليوم في الأقراص الكوكبية الأولية حيث تولد الكواكب الجديدة.
