بطاقات من عالم آخر: أغرب أساليب دور الأزياء لدعوة ضيوفها
لم تعد دعوات عروض الأزياء مجرد بطاقات صغيرة تحمل تاريخ وموعد الحدث، بل تحوّلت إلى تجارب فنية وتذكارات فاخرة تعكس إبداع المصمم وهوية الدار. كل دعوة مبتكرة تجذب الانتباه وتبني توقعات الجمهور للعرض المقبل.
كيف تجذب دور الأزياء المدعوين؟
ابتكرت دور الأزياء الكبرى على مرّ السنوات دعواتٍ غريبة ومرِحة ومبتكرة تكنولوجيًا، من هيرميس وفندي ولويس فويتون إلى بالنسياغا وميزون مارجيلا، لتنتقل من البطاقات الورقية التقليدية إلى تصاميم ثلاثية الأبعاد تعكس روح العلامة التجارية.
كما استخدمت مواد غير تقليدية وتقنيات تفاعلية تسمح للمدعوين بالتفاعل مع الدعوة قبل حضور العرض، لتصبح كل بطاقة تجربةً فريدة تحمل الطابع الشخصي للدار، وتغدو ذكرى لا تُنسى.
لم تعد دعوات عروض الأزياء تقتصر على القطع الورقية، بل أصبحت أشياء مادية فريدة يمكن الاحتفاظ بها. من أبرز الأمثلة ما ابتكره المصمم الراحل فيرجيل أبلوه لعرض لويس فويتون لخريف وشتاء 2020، إذ أرسل ساعة حائط حقيقية حلت فيها علامة LV محل الأرقام على الميناء، مرفقة بتفاصيل الدعوة.
أما بالنسياغا، فقد نقشت معلومات عرض خريف وشتاء 2022 بالليزر على الجزء الخلفي لهاتف "آيفون 6S" فضي اللون، صُمّم ليبدو كجهاز مكسور، وثُبتت المعلومات على غلافه المعدني ليصبح الدعوة قطعة فنية عملية تحمل توقيع الدار.
كما ابتكرت ميزون مارجيلا نموذجًا مصغّرًا من البلاستيك على شكل تلفزيون، ظهرت على شاشته المعطلة تفاصيل العرض لشتاء 2010، ليحمله المدعوون كتذكار دائم يرمز إلى روح الدار الإبداعية.
المواد الغذائية والطبية والعضوية تُلهم التصاميم
على مرّ السنوات، استوحت دور الأزياء أفكار دعواتها من مواد وأغراضٍ يوميةٍ غير تقليدية، لتبتكر دعواتٍ مرِحة ومثيرة. فبدلًا من الورق والحبر، استخدمت الأطعمة، والأغشية البلاستيكية، والتغليف الطبي، والمواد العضوية لتقديم تجارب تحمل هوية كل دار.
عادت فندي إلى جذورها الإيطالية، فأرسلت دعوة ربيع وصيف 2021 على شكل علبة معكرونة منقوشة بشعار العلامة التجارية FF، بالتعاون مع مصنع باستا رومو الإيطالي العريق.
أما دار ميو ميو، فقد أهدت المدعوين لعرض ربيع وصيف 2025 كتلاً صلبة من الملح المضغوط، في تعبيرٍ رمزي عن الخداع البصري الذي يعكس الفارق بين المظهر والحقيقة.
في عام 1996، استخدمت هيرميس مواد غير تقليدية في دعواتها لعرض ربيع وصيف، إذ أرسلت نسخًا شفافة من حقيبة كيلي الشهيرة مصنوعة من مادة PVC ومطبوعة بتفاصيل العرض. جاءت استجابةً للمخاوف الأمنية آنذاك في فرنسا، ما جمع بين الفخامة والعملية والوعي الاجتماعي.
صُمّمت الحقيبة المرنة بخياطةٍ دقيقةٍ وقفلٍ معدني، مع جملة محفورة تقول: "كيلي شفافة (خاصة لفحص الحقائب الأمنية!)"، لتصبح من أبرز الدعوات المميزة التي طبعت ذاكرة الموضة.
أما بوتيغا فينيتا، فقد أطلقت لعرض ربيع وصيف 2026 حقيبة جلدية قابلة للطيّ، تمتد عند التقاطها لتكشف عن إكسسوار يشبه السلة، ما جعل الدعوة تجربةً تفاعليةً فريدة تعكس روح الابتكار لدى الدار.
من بين أكثر الدعوات إثارةً للجدل، ما قدّمته موسكينو في ربيع وصيف 2017، إذ أرسل المدير الإبداعي جيريمي سكوت زجاجات أدوية مصغّرة صُمّمت كحقائب صغيرة مطبوعة بتفاصيل العرض، مستعرضًا بأسلوبٍ ساخرٍ ما يُحجَب عادة في خزائن الأدوية.
كما استمر استخدام الحاويات البلاستيكية في الدعوات، مثل دار دريس فان نوتن لعرض ربيع وصيف 2015، إذ أرسلت صندوقًا بلاستيكيًا شفافًا مليئًا بالطحالب نُقشت تفاصيل العرض على سطحه الخارجي.
جاءت الدعوة انعكاسًا لموضوع العرض الذي تضمّن منصةً مغطاة بسجادةٍ طحلبيةٍ ضخمة صممتها الفنانة الأرجنتينية ألكسندرا كيهايوغلو. وقد ساهمت الإضاءة الضبابية والأجواء الطبيعية في خلق تجربة حسية فريدة، فاز العرض بسببها بترشيحٍ لجائزة أفضل دعوة في أسبوع الموضة بباريس عام 2014.
تقنيات حديثة للدعوات الورقية
رغم التطور التقني، لم تختفِ الدعوات الورقية من عالم الأزياء، بل تطوّرت لتظهر بأشكالٍ فنية، تجعل من كل قطعةٍ تجربةً تحمل روح العرض.
من أبرز الأمثلة دعوة غوتشي لربيع وصيف 2017، التي جاءت على شكل مسرحٍ ورقيٍّ منبثق مُزيَّن بالأزهار، مؤلف من طبقات معقدة من الورق المطويّ والمقطوع بعناية، يُعيد للأذهان فنون الحِرف اليدوية.
وفي عرض رينز لربيع وصيف 2024، كانت الدعوة الورقية مفاجئة، إذ بدت فارغة تمامًا عند التسليم، لتظهر تفاصيل العرض فقط بعد تعريضها للماء أو المطر، في محاكاةٍ لاسم العلامة وطابعها المستوحى من الطبيعة.
ومع مرور الوقت، لم تعد الدعوات وسيلة إعلامية فحسب، بل منصّة للإبداع وتجريب الخامات الجديدة. صارت الماركات الفاخرة تنظر إليها كتجاربٍ فنيةٍ يمكن الاحتفاظ بها أو حتى عرضها، مثل حقيبة هيرميس الشفافة التي تحوّلت إلى قطعةٍ مرغوبةٍ بحد ذاتها.
