تبوك عبر الزمن: رحلة بين الطبيعة الخلابة والتراث العريق
تبوك، جوهرة الشمال السعودي، وجهة استثنائية تمزج بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة. من قمم جبالها الشاهقة التي تتشح بالثلوج شتاءً، إلى وديانها الخلابة وواحاتها الغنّاء، ترسم تبوك لضيوفها لوحة آسرة من الجمال الطبيعي. كما تحتضن المدينة إرثًا أثريًا عريقًا يروي قصص حضاراتٍ تعاقبت على أرضها شرقًا وغربًا، لتبقى تبوك شاهدة على تفرّد المكان وعمق الزمان.
أبرز الشواطئ والأنشطة البحرية في تبوك
شاطئ شرم الجزى
شاطئ المويلح
شاطئ الدقم السياحي
المواقع التاريخيّة في تبوك
قلعة تبوك الأثرية
تُعد قلعة تبوك الأثرية من أبرز المعالم التاريخية في شمال المملكة العربية السعودية، ويرتبط موقعها بمكان إقامة الرسول الكريم أثناء غزوة تبوك، ما يمنحها مكانة روحية وتاريخية خاصة.
شكّلت القلعة على مرّ العصور محطّة رئيسية على طريق الحج الشامي الذي كان يربط بين الشام والمدينة المنورة، وقد شُيّدت عام 976هـ، ثم خضعت لعمليات ترميم وتجديد متكررة عبر القرون، كان آخرها عام 1434هـ على يد الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لتتحول إلى متحفٍ تراثيٍ وتاريخيٍ يضم مجموعة من القطع الأثرية التي توثّق تاريخ المنطقة العريق.
تتكوّن القلعة من دورين، يضمّ الأول فناءً مكشوفًا وعددًا من الحجرات ومسجدًا وبئرًا قديمًا، بينما يحتوي الدور الثاني على مسجد صيفي وأبراجٍ للمراقبة والحراسة، لتروي جدرانها قصة تبوك عبر الزمن، حيث يلتقي التاريخ بالعراقة في معلمٍ يستحق الزيارة والاكتشاف.
اقرأ أيضًا: السياحة العالمية تتراجع في أمريكا وتنتعش في السعودية
وخلف القلعة تمتد البرك السلطانية التي بُنيت بدقة هندسية لافتة، وتتكوّن من بركتين إحداهما مربعة والأخرى مستطيلة الشكل، صُممتا لتجميع المياه وتلبية احتياجات المسافرين والحجاج في الماضي.
وتبقى قلعة تبوك وما يجاورها من منشآت أثرية شاهدةً على عمق التاريخ الذي تزخر به المنطقة، بما تحتويه من حصون وقصور ومعالم تراثية تعكس تواصل الحضارات وتنوّعها على أرضها. إنها وجهة سياحية وثقافية متكاملة تروي فصولاً من التاريخ وتؤكد مكانة تبوك كحلقة وصل بين طرق التجارة والحج عبر العصور.
سور تيماء الأثري
تُعد محافظة تيماء الواقعة شمال غرب المملكة واحدة من أهم الوجهات الأثرية والتاريخية في شبه الجزيرة العربية، إذ تحتفظ بإرث حضاري يمتد لأكثر من 85 ألف عام، ما جعلها وجهةً بارزة لعلماء الآثار والباحثين حول العالم.
وتزخر تيماء بعدد من المعالم التاريخية الفريدة، أبرزها سور تيماء الخارجي الذي يُعد من أطول وأمتن الأسوار التاريخية في الجزيرة العربية، إذ يتجاوز طوله 10 كيلومترات ويصل ارتفاعه إلى 10 أمتار في بعض أجزائه.
يعود تاريخ بناء السور إلى القرن السادس قبل الميلاد، ويحيط بعدد من المواقع البارزة مثل قصر الحمراء الأثري الذي يتألف من ثلاثة أقسام أحدها معبد قديم، وتضم جدرانه مسلةً تحمل نقشًا آراميًا يعد من أبرز الاكتشافات الأثرية في المنطقة.
ويمتد السور ليحتضن معالم أخرى مثل سور السموأل وقصر الأبلق وصولا إلى عين العميم الأثرية، لتبدو تيماء اليوم كالمتحف المفتوح يروي صفحات من تاريخ الجزيرة العربية العريق وحضاراتها المتعاقبة.
صحراء حسمى
تُعد صحراء حِسمى في منطقة تبوك شمال غرب المملكة إحدى أجمل الوجهات السياحية الطبيعية والتاريخية، إذ تمتد بجبالها الشامخة ورمالها الحمراء لتشكّل لوحة ساحرة تجمع بين الهدوء والعظمة، وتجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
تقدّم الصحراء لزائريها تجارب متنوعة تجمع بين المغامرة والأصالة، من ركوب الإبل والخيل واستكشاف الحياة البدوية التقليدية، إلى التخييم بين الجبال أو الانطلاق في جولات بالدراجات الرباعية بين الممرات الرملية، فضلا عن زيارة النقوش الأثرية القديمة التي تحكي قصص حضارات مرت من هنا منذ آلاف السنين.
وتتخلل الصحراء واحات خضراء تضيف لمشهدها رونقًا خاصًا، بينما تمتد جبالها كجزء من سلسلة السروات وصولا إلى وادي رم في الأردن، وهو ما جعلها في الماضي معبرًا رئيسيًا لقوافل التجار والحجاج.
ومن أبرز معالمها وادي ضم، أكبر أودية تبوك، إلى جانب جبل السفينة (الشداد) الذي يبعد نحو 70 كيلومترًا من المدينة، ويزدان بنقوش ثمودية وسبئية ونبطية وعربية، لتغدو صحراء حسمى ملتقىً فريدًا بين سحر الطبيعة وعمق التاريخ.
بئر هداج
يُعد بئر هداج في تيماء أحد أعظم الآبار في الجزيرة العربية وأكثرها شهرة، إذ يبلغ عرضه نحو 65 مترًا وعمقه 13 مترًا، ما جعله شريان حياةٍ ورمزًا للرخاء منذ القرن السادس قبل الميلاد.
عُرف البئر تاريخيًا بلقب "شيخ الجوية"، وتغنّى به الشعراء في قصائدهم لما يمثّله من رمز للخصوبة والعطاء، ولما يحمله من قيمة روحية وتاريخية في وجدان أهل المنطقة.
ويحمل اسم هداج الكثير من الدلالات اللغوية والتاريخية العميقة، يُقال إنها ترتبط بسرعة جريان مياهه، كما يُربط أصل التسمية بالمعبود القديم "هدد"، إله المطر والقمر في الجزيرة العربية القديمة.
أما هندسة البئر القديمة فتُعد تحفة معمارية فريدة، إذ صُمم بدقّة تضمن ثبات حجارة جدرانه على مرّ القرون، وأقيم فوقه نظامٌ متطور لاستخراج المياه باستخدام أكثر من أربعين بكرة خشبية (محاحيل) كانت تُدار بواسطة الإبل لسحب القِرَب المملوءة بالماء، ما جعله نموذجًا بارزًا للابتكار والهندسة المائية في العصور القديمة.
اقرأ أيضًا: إطلاق وثائقي "وجهات البحر الأحمر" لإبراز السياحة في المملكة (فيديو)
موقع قرية
تقع مستوطنة قرية الواقعة على بُعد 90 كيلومترًا من تبوك، بالقرب من قرية العيينة، وتُعدّ من أقدم المواقع الأثرية في شمال غرب الجزيرة العربية، إذ يعود تاريخها إلى نحو 3000 عام قبل الميلاد.
ازدهرت المستوطنة بفضل موقعها الاستراتيجي على طريق القوافل الرابط بين جنوب العراق ومصر وجنوب فلسطين، وتمتد على 300 هكتار محاطة بسور ضخم يبلغ 13 كيلومترًا. وكشفت أعمال التنقيب عن نظام ري متطور، أفران فخارية، معابد، وجداريات، إضافة إلى مقبرة جماعية تضم رفات أكثر من 12 شخصًا مع آلاف الحلي من اللؤلؤ والأحجار الكريمة مثل اللازورد والفيروز، ما يعكس ثراء الحضارة والتجارة في المنطقة آنذاك.
أفضل الأوقات لزيارة تبوك والاستمتاع بجوّها
تتمتع مدينة تبوك بمناخ صحراوي جاف متباين بين الفصول، بحيث يشهد الصيف (مايو–سبتمبر) ارتفاعًا شديدًا في درجات الحرارة، أحيانًا فوق 40°م نهارًا مع انخفاض ليلي، بينما تتحول الأجواء شتاءً (نوفمبر–فبراير) إلى باردة جدًا، وقد تصل إلى ما دون الصفر ليلاً، مما يسمح بتساقط الثلوج.
ويُعد الربيع والخريف أفضل أوقات زيارة تبوك، إذ تتميز الأجواء بالاعتدال نهارًا وبرودة لطيفة ليلاً، ما يتيح للزوار الاستمتاع بالطبيعة الخلابة والمعالم السياحية براحة تامة.
