وجهات تُشعل روح المغامرة: تعرّف إلى عالم الحيوان عن قرب
لم تعد رحلات السفاري مجرّد جولات تقليدية لمشاهدة الحياة البرية، بل تحوّلت إلى اتجاه سياحي جديد يركّز على رحلات السفاري أحادية النوع؛ وهي رحلات مخصّصة لعشّاق نوع واحد من الحيوانات ومشاهدته في بيئته الطبيعية.
من الفهود المراوغة في إفريقيا إلى الدببة القطبية، وصولاً إلى أفيال "السوبر تسكرز" والباندا العملاقة، يشهد عالم السياحة البرية طفرة في التجارب الفريدة التي تمنح الزوّار فرصة نادرة للانغماس في حياة هذه الكائنات المذهلة والمساهمة في جهود حمايتها.
وفي ما يلي نستعرض أفضل 5 تجارب سفاري أحادية حول العالم، تمنحك فرصة فريدة للاقتراب من أكثر الكائنات البرية إثارة في موائلها الطبيعية.
سفاري الفهود في قلب إفريقيا
يُعد الفهد واحدًا من أكثر المفترسات المراوغة في القارة السمراء، بفضل فرائه المنقّط وقدرته الفائقة على التخفّي بين الأدغال الكثيفة، ما يجعل رؤيته في البرية حلمًا يراود محبّي الحياة البرية.
لكن ناميبيا تكسر هذه القاعدة عبر تجربة استثنائية في مخيم أوكونجيما Okonjima Luxury Bush Camp، موطن مؤسسة AfriCat الرائدة في حماية الحيوانات المفترسة الكبيرة.
اقرأ أيضًا: السفر الفردي في السعودية.. تجربة تتصدر 2025
هنا، لا تكتفي بالجلوس في سيارة سفاري تنتظر، بل ترافق الباحثين أنفسهم في جولات ميدانية حقيقية لتعقّب الفهود باستخدام أجهزة تتبّع لاسلكية متصلة بأطواق خاصة بها.
ولا تقتصر التجربة على مشاهدتها عن قرب أو التقاط صور نادرة، بل تشمل كذلك دورًا عمليًا؛ إذ يمكنك المساهمة في جمع بيانات حيوية حول تحركات الفهود وصحتها وسلوكها، لتصبح رحلتك جزءًا من دراسة علمية مستمرة لدعم برامج الحماية والتأهيل.
هذه المغامرة الميدانية تمنحك فرصة الجمع بين متعة الاستكشاف والمشاركة الفعلية في الحفاظ على واحد من أروع رموز الحياة البرية في أفريقيا.
لقاء الدببة القطبية في كندا
في أقصى شمال كندا، وتحديدًا في بلدة تشرتشل الصغيرة بمقاطعة مانيتوبا، التي تُلقّب بعاصمة الدببة القطبية، تحدث واحدة من أروع الظواهر الطبيعية كل خريف.
فمع اقتراب تجمّد مياه خليج هدسون، تعود مئات الدببة القطبية إلى الشاطئ استعدادًا لبدء موسم الصيد على الجليد، فتتحول البلدة إلى مسرح حي لأكبر تجمع لهذه المفترسات في نصف الكرة الشمالي.
تزامنًا مع هذا الحدث النادر، تتيح شركات متخصصة مثل فرونتيرز نورث أدفنتشرز Frontiers North Adventures للزوّار فرصة للاقتراب من هذه الكائنات المهيبة عبر جولات على متن عربات ضخمة مُصمَّمة خصيصًا للتنقّل فوق التندرا الجليدية.
هذه العربات المرتفعة تتيح رؤية بانورامية آمنة بينما تتحرك الدببة في بيئتها الطبيعية، أحيانًا على بعد أمتار قليلة من النوافذ.
سفاري مشاهدة الأفيال في كينيا
في كينيا، وتحديدًا في منتزه أمبوسيلي الوطني Amboseli National Park عند سفح جبل كليمنجارو المهيب، يعيش ما تبقّى من "السوبر تسكرز"، وهي فيلة ضخمة ذات أنياب استثنائية الطول قد تلامس الأرض، في مشهد قلّما يتكرر في أي مكان آخر على الكوكب.
هذه الكائنات العملاقة، مثل الفيل الشهير كريغ المولود عام 1972 والذي يُعدّ أيقونة في تصوير الحياة البرية في إفريقيا، أصبحت رمزًا حيًا لضرورة حماية هذه السلالة النادرة التي يتناقص عددها بشكل مقلق.
يمنحك منتزه أمبوسيلي فرصة الاقتراب من هذه الأفيال بشكل آمن، حيث تتجوّل ببطء بين قطعان الزرافات والظباء، في خلفية تزيّنها قمة كليمنجارو الثلجية.
خلال موسم الجفاف من يونيو حتى أكتوبر، تكون المراعي أكثر انكشافًا والمياه أقل، ما يجعل الحيوانات تتجمع حول البرك في مشهد فوتوغرافي لا مثيل له.
الزرافات.. مشهد لن تنساه في تنزانيا وبوتسوانا
تظل الزرافات من الرموز التي لا تُخطئها العين في رحلات السفاري الإفريقية.
وفي منتزه نيريري الوطني Nyerere National Park في تنزانيا، يمكن أن تشهد واحدة من المشاهد الطبيعية الأشد ندرة، حين تتجمع قطعان تضم أكثر من 50 زرافة عند ضفاف البحيرات العذبة؛ تتقافز صغارها بخفة، فيما ينحني الكبار منها لارتشاف الماء، في لوحة برية آسرة.
ولمن يبحث عن تجربة مختلفة كليًا، يوفر منتزه ماساي مارا Maasai Mara National Reserve في كينيا فرصة التحليق فوق هذه الكائنات عبر رحلات المنطاد الهوائي الفاخرة، حيث ترى بأمّ عينك كيف تمتد ظلال الزرافات على السافانا الذهبية عند شروق الشمس في مشهد لا يُنسى.
اقرأ أيضًا: المليونير يعيش الرفاهية.. والملياردير يعيد تعريفها: السفر في عالم النخبة
أما في بوتسوانا، فيقدّم نُزل ثامو تيليلي Thamo Telele Lodge خارج مدينة ماون تجربة ماتعة أكثر، إذ يضم قطيعًا خاصًا به مكوّنًا من نحو 20 زرافة تعيش قرب البئر المحاذي للنُزل.
هنا لا تكتفي بالمشاهدة، بل يعرّفك فريق النُزل إلى كيفية تمييز كل زرافة من خلال نمط جلدها الفريد، فيما يُخصَّص جزء من عائدات الإقامة لدعم “مؤسسة الحفاظ على الزرافات” التي تعمل على حماية هذا النوع في مختلف أنحاء إفريقيا.
الباندا العملاقة في الصين
وسط أعماق مقاطعة سيتشوان الصينية، تمتد محميات الباندا العملاقة المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، لتشكّل آخر وأهم معاقل هذه الكائنات النادرة، إذ تحتضن أكثر من 30% من إجمالي أعداد الباندا المتبقية على كوكبنا.
هذه المنطقة الجبلية ذات الغابات الكثيفة ليست مجرد ملاذ طبيعي للباندا فحسب، بل تمثّل نموذجًا حيًا لجهود الصين في حماية الأنواع المهددة بالانقراض.
شركات متخصّصة مثل “مغامرات المواطن الطبيعية” Natural Habitat Adventures تنظّم برامج حصرية تتيح للزوار الحصول على تصاريح خاصة لدخول المحميات النائية ومشاهدة الباندا في بيئتها الأصلية، بعيدًا من الازدحام السياحي.
تشمل هذه التجارب أيضًا جولات داخل مراكز الأبحاث والتكاثر، حيث يمكن للزوّار التعرّف عن قرب على برامج إعادة التأهيل وحملات الإطلاق في البرية، والمساهمة في دعم هذه الجهود من خلال رحلتهم.
