Orb ومتجر سام ألتمان: ابتكار ثوري أم فخ لمعلوماتنا؟
هل سبق ورأيت تخفيضًا على منتجٍ ما بأحد المتاجر الإلكترونية، وبمجرد دخولك لهذا المتجر وجدت المنتج قد نفد، وبعد فترة وجدته توفر لكن بسعر مُضاعف؟
هل تساءلت يومًا عن أسباب سحب منتجات معينة من الأسواق الإلكترونية بسرعة غريبة ثم إعادة طرحها بأسعار مبالغ فيها؟ هل تظن أن البشر لديهم القدرة على سحب كل هذه المنتجات بهذه السرعة نتيجة استهلاكهم المتفاقم؟ إذا كان جوابك نعم، فكّر مجددًا!
ما يحدث في هذه السيناريوهات أن البوتات -البرمجيات الآلية- المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ترى المنتجات والسلع النادرة قبل البشر، فتسحبها من السوق في ثوانٍ معدودة، ليعاد طرحها لاحقًا بأسعار تُكسب أصحابها هوامش ربح عالية. هذا ما نشهده في عالم الأحذية الرياضية النادرة، وتذاكر الحفلات الموسيقية، وحتى الأجهزة التقنية التي عفا عليها الزمن، وغيرها.
المستفيد من هذه اللعبة هم المضاربون الذين لا يهتمون سوى بتحقيق أرباح ضخمة من شراء الأشياء النادرة وإعادة بيعها، بالإضافة إلى منصات إعادة البيع نفسها التي تستفيد من العمولات والرسوم التي تُحصلها من كل عملية بيع. في المقابل، هناك أيضًا خاسران، أولهما العميل الذي يدخل مُتحمسًا إلى المتجر الإلكتروني، فيجد المنتج قد نفد أو يُضطر لشرائه بثلاثة أو أربعة أضعاف السعر. والثاني هو التاجر العادي. لكن لحظة: سحب المخزون يُخسر التاجر؟ كيف؟
حين تُسيطر البوتات على عمليات الشراء، يبيع التاجر كامل مخزونه والإيرادات تدخل الحساب، لكن هذا لا يكون سوى فخ، حيث إن العملاء هنا ليسوا بشرًا سيعاودون الشراء مرة أخرى، وإنما روبوتات لا يهم أصحابها المنتج ولا تجربة الشراء، وهذا يضيع الولاء والثقة الذين يُعدان أهم شيء بالنسبة لأي تاجر. وفقًا لبيانات شركة Riskified، يخسر تجار التجزئة في الولايات المتحدة فقط ما يقارب 100 مليار دولار سنويًا بسبب البوتات.
اقرأ أيضًا: كيف يرى سام ألتمان تأثير الذكاء الاصطناعي على ريادة الأعمال؟
سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI وأحد مؤسسي منصة الهوية الرقمية World، استغل هذه الأزمة وقرر أن يعيد أولوية التجارة إلى الإنسان، كيف؟ دعونا نرى.
متجر "No Bot Shop"
في السادس من سبتمبر 2025، استضافت لوس أنجلوس أول تجربة من نوعها لحل مشكلة البوتات المذكورة، تحت اسم "No Bot Shop"، وهو عبارة عن متجر فعلي من تنظيم شركتي World وTools for Humanity.
فكرة المتجر ببساطة أنه يجمع الكثير من المنتجات والعروض النادرة التي غالبًا ما تُسيطر عليها البوتات عبر الإنترنت، ويتيحها للبشر. الفكرة قد تبدو غبيةً وغير عملية للوهلة الأولى، لكنها لن تبدو كذلك عندما تعرف الأساس الذي تقوم عليه، وهو جهاز Orb.
طورت هذا الجهاز شركة Tools for Humanity (المدعومة من قبل ألتمان وماسك)، وفكرته أنه مفتوح المصدر ويهدف إلى التحقق من هوية الإنسان عن طريق مسح قزحية العين ووجه المستخدم.
الآلية بسيطة ويمكن تطبيقها على المتاجر الفعلية والافتراضية، فإذا أراد شخص زيارة متجر ما، فما عليه إلا أن يُمرر عينيه على الـ Orb -في حالة المتاجر الفعلية- أو كاميرا الحاسوب أو الهاتف لتتأكد التقنية من أنه بشري.
المتجر ليس الهدف
إذا لم تلاحظ بعد، فالهدف من مبادرة سام ألتمان ليس متجر "No Bot Shop" في حد ذاته، بل الترويج لجهاز Orb الذي يقوم عليه كل شيء.
فالدخول للمعرض لم يكن ممكنًا سوى بالتحقق من هوية الشخص. لم تكن هناك ضرورة للشراء بعد إجراء عملية التحقق، بل في الواقع، كل من مُسحت قزحية عينيه باستخدام Orb، كان يدخل سحبًا للفوز بجوائز نادرة. وأخيرًا، المتجر كان عبارة عن فعالية ليومٍ واحد فقط، لكن تقنية Orb متاحة أسبوعيًا للتجربة.
جدل حول الخصوصية!
اختارت الشركة أن تعرض منتجات تعتبر أيقونية في الثقافة الشعبية اليوم، من الأحذية الرياضية النادرة إلى دُمى لابوبو، كما روجت للمشروع على أنه يركز على التجربة الإنسانية. لكن فكرة الاعتماد على جهاز Orb مقلقة وتثير مخاوف تجعل أي شخص على درايةٍ بها يفكر أكثر من مرة قبل استخدام هذا الجهاز.
يعتمد جهاز Orb على البيانات البيومترية للشخص، التي تُعد من أكثر البيانات حساسية. بعض المتخصصين حذروا من استخدام هذا الجهاز لغياب الشفافية وعدم معرفة كيف ستستُغل البيانات التي ستُجمَع، ناهيك عن عدم وجود قوانين صارمة لحماية هذه البيانات أساسًا، على الأقل في بعض الدول.
ربما نتحدّث عن جهاز Orb في تقريرٍ آخر منفصل، لكنه باختصار يمثل أملا بالنسبة لسام ألتمان لمحاربة غزو الذكاء الاصطناعي. وقد يكون كذلك بالفعل، ويساعدنا في تطبيقات عدة مثل القضاء على "بوتات التجارة الإلكترونية"، كيف ولماذا؟ هذه قصة أخرى، لكن ما يهمنا الآن ألا يكون هذا الجهاز عبارة عن غطاء لجمع بيانات المستخدمين التي تُعد اليوم أهم من البترول!
