الهيمنة عبر لغة الجسد: علامات تقول "أنا المتحكم" في وقتك ومساحتك!
لا تظهر الهيمنة بلغة الجسد في عالم السياسية فقط، حيث يختار بعضُ الناسٍ، عمدًا أو من غير وعي، أن يُظهروا لغةَ جسدٍ تقول: "أنا المُسيطر هنا، وأنا صاحبُ القرار!"، أحيانًا تتسرب هذه الإشارات بشكل عفوي، وأحيانًا أخرى كثيرة تكون مُرتبة بعناية، كي تظهر في اللحظة المناسبة.
في السطور التالية نستعرض أهم علامات لغة الجسد المرتبطة بالهيمنة، وكيفية استخدامها أو قراءتها، ومن ثم التعامل معها.
العلامة الأولى: فرد العضلات
من بقايا غرائزنا القديمة، التي ورثناها عن أسلافنا، أن الحجم يوحي بالقوة؛ وكثيرٌ من الصراعات في عالم الحيوان تُحسم بمجرد مقارنة بصرية، والشيء نفسه ينطبق على عالم البشر.
كيف يحدث ذلك؟
1. تجد الشخص واقفًا مُنتصبًا، مُرجِعًا كتفيه إلى الخلف، واضعًا يديه على خصره، وبارزًا صدره إلى الأمام.
2. وإذا كان الشخص جالسًا، فستجده يضع أحد رجليه على الأخرى أو فاتحًا ساقيه وواضعًا ذراعيه على حافة المقعد إن أمكن.
3. قد تجد من يتبع هذا الأسلوب أيضًا يحاول أن يبدو أطول، وذلك برفع الذقن والرأس واتخاذ أقصى انتصاب ممكن للجسم.
4. أو قد تجده يحاول الوقوف بينما الآخر جالس؛ ربما يختارُ درجةً أو منصة أعلى تمنحه بضعة سنتيمترات إضافية، وفي حالة النساء، يظهر ذلك في اختيار الكعب العالي والقبعة الكبيرة وتسريحة الشعر التي تزيد الطول.
الفكرة العامة أن من يظهر بشكلٍ أكبر، يبعث رسالة مُبطنة للطرف الآخر بأنه الأقوى والمسيطر، حتى لو لم يقل كلمةً واحدة.
العلامة الثانية: امتلاك المساحة
امتدادًا للنقطة الأولى، فإن من علامات السيطرة الجسدية أيضًا محاولة السيطرة على مساحات الآخرين أو المساحات العامة، بمعنى أن يحاول الشخص فرض نفوذه على زاوية محددة في المكتب أو قاعة الاجتماع.
كذلك قد يحاول الشخص اقتحام مساحة "الضحية" الشخصية، فتجده يقترب منه بشدة، وأحيانًا يلمسه، يُربت على ظهره أو كتفه، وكأنه يقول له "أنا أملكك"، وحتى بين الرجل والمرأة، قد يحمل اقتراب الرجل من المرأة دلالات امتلاك أو سيطرة أيضًا.
كذلك قد تجد الشخص يتعمّد التصرف بأغراض الآخرين وكأنها أغراضه الشخصية، فتجده يمسك هاتف هذا ويحرك أشياء ذاك، وكأنه يقول: "هذه الأشياء ملكي وأستطيع أن أفعل بها ما أشاء"، أو قد تجده يجلس في مقعدٍ مميز ليس من المفترض أن يجلس فيه، حتى يظهر بمظهر القائد أو المسيطر.
من العلامات الأخرى أيضًا؛ أن يحتل الشخص الممر فيمشي في منتصفه ويُجبر الآخرين على إفساح الطريق له، وإذا كان هناك تجمّع أو ما شابه، تجده يقف في المركز ليجذب كل الانتباه.
اقرأ أيضًا: هل يُفسّر اضطراب الشخصية مشاكلك اليومية؟ دراسة توضح
العلامة الثالثة: السيطرة بالتفوق الاجتماعي
السيطرة لا تُفرض بلغة الجسد فقط، حيث توجد دلالات اجتماعية ولفظية يمكن استخدامها لترسيخ الشعور بالهيمنة، ومن بين هذه الدلالات نجد التفاخر بالثروة، سواء من خلال الملابس والإكسسوارات أو المقتنيات الفارهة مثل السيارات أو الهواتف أو الساعات الفاخرة، وهذه تعتبر من طرق التفوق الاجتماعي المباشرة.
من الطرق غير المباشرة، نجد التحكم بالآخرين أمام الجمهور، حيث يأمر الشخص الآخرين بأشياء قد لا يكون لها داعٍ حقيقي، ولا يكون لها هدف سوى فرض السيطرة.
على سبيل المثال، قد تجد رئيس الشركة يأمر أحد موظفيه بإحضار كوب القهوة أو السيجار أو الاتصال بالمدير المالي أو غيرها من الأشياء التي تُظهر سيطرته، ولا شك أن بعض هذه الطلبات قد تكون ضرورية، لكنها في أحيانٍ كثيرة لا تكون سوى لإظهار القوة والسيطرة.
ربما يمزج الشخص المسيطر بين الحالتين فيأمر السكرتيرة مثلًا بحجز طائرة إلى باريس، والاتصال بالسائق الشخصي حتى يوصله إلى المطار بسيارته الفارهة. هذه الأوامر، وإن كانت استعراضية فقط، فإنها تترك انطباعًا بالسيطرة.
العلامة الرابعة: السيطرة على الزمن!
مثلما يسيطرون على الحيّز المكاني، يحاول الأشخاص المهيمنون امتلاك الوقت أيضًا، وقتك أنت تحديدًا!
ومن أشهر الأمثلة على ذلك وصول الشخص متأخرًا، أو المغادرة مبكرًا -دون سببٍ وجيه- لقطع نسق اللقاء والظهور كشخص "كاريزما"، أيضًا قد تجده يطلب منك الحديث بنسقٍ أسرع لاختصار الوقت والإيحاء بأن وقته ثمين للغاية، وربما تجده يحول بوصلة الحوار ويقاطعك كثيرًا.
العلامة الخامسة: السيطرة بتعابير الوجه
آخر علامات تتعلق بتقاسيم ولغة الوجه، حيث تجد المُسيطر يحاول تجاهل الآخرين بصريًا، وكأنه يقول لهم: "أنتم لا تستحقون انتباهي"، أو قد تجده يُثبّت نظره لفترةٍ طويلة ويتحدى الشخص الذي يقف أمامه بطريقةٍ غير مباشرة.
أو ربما ينظر للآخر بشيء من اللامبالاة أو البرود، لا سيما في حالات معينة مثل التفاوض، ومن الأشياء الواضحة أيضًا، والتي تأتي على حساب الود، هي عدم التبسم في وجه الآخرين، أو تقليل معدل التبسم مثل عارضات الأزياء.
كيف تتعامل مع محاولات الهيمنة؟
لا أحد يُحب أن يُعامَل بدونية، لهذا السبب إليك أبرز الطرق الفعالة لمواجهة محاولات الهيمنة:
1. أعد النظر بثبات، لكن بذكاء: إذا أطال الطرف الآخر التحديق بك، قابلْه بنظرةٍ إلى منتصف الجبهة؛ لا تنظر إلى الأرض أو تذهب بنظرك بعيدًا، أعطه نظرة واثقة تفاجئه.
2. بادر باللمس أو عادله: عادة، لا يُفضل لمس الآخرين دون سبب، لكن إذا كان الشخص المسيطر يفعل هذه الحركة كثيرًا، فجرّب أن تبادر أنت باللمس في المرات القادمة، أو على الأقل رد الفعل بفعلٍ مشابه يعيد التوازن.
3. أبطئ الإيقاع عمدًا: حين يحاول الشخص المسيطر جرّك للإيقاع السريع، تمسّك بنسقك وتحدث على طبيعتك؛ هذه ليست معركة.
كما تلاحظ، تعتمد معظم طرق مواجهة الهيمنة على رد الفعل ورد الشعور الذي يحاول المهيمن فرضه عليك، ومع ذلك، من المهم أن تعرف أن علامات فرض السيطرة لا تعني بالضرورة أن الشخص يحاول فرض سيطرته عليك؛ نظرة التحدي قد تكون مجرد ثقة بالنفس، و"فرد العضلات" قد يكون نتيجة لارتياح الشخص معك، ونفس الشيء ينطبق على اللمس وإشارات التفوق الاجتماعي، لذلك لا تتسرع في الحكم على الآخرين.
