من السعودية إلى العالم: العباية الرجالية تعانق الموضة بأرقى حلّة
سنويًا، ومع إشراقة اليوم الوطني السعودي، ينبض القلب بفخرٍ لا يُضاهى بالهوية والانتماء. الثوب السّعودي هنا ليس مجرد لباس، بل لوحة تحكي قصة الرجل السعودي بين جذور الماضي وروح الحاضر، بين أصالة التاريخ وحداثة العصر. هو أكثر من مجرّد قماش، إنه أيقونة تتألّق في الحياة اليومية وتسطع على منصات الأزياء العالمية، جامعًا بين سحر التراث وإبداع الابتكار، ليصبح رمزًا حيًا للثقافة، للفخر، وللذكاء العربي المعاصر.
الثوب السعودي.. رمز متجذّر في الهوية
الثوب الأبيض الطويل، بمقاساته المتوازنة وأناقته البسيطة، كان دائمًا عنوانًا للرجل السعودي. حيث تُعبّر هذه الملابس التقليدية عن البساطة والعملية، وفي الوقت نفسه تعكس ملامح الشخصية السعودية المتمثّلة في الوقار، والأصالة، والاعتزاز بالتراث والنفس والعادات والتقاليد.
ورغم تنوّع الأثواب باختلاف المناطق, من الياقة النجديّة إلى الأكمام العريضة في الحجاز والجنوب، يظل القاسم المشترك هو وحدة الهوية الوطنية التي تجمع أبناء المملكة تحت راية واحدة.
تاريخ عريق وتصميم عملي: ليس مجرّد ثوب
إن الثوب السعودي التقليدي هو جزء أساسي من الهوية الثقافية العريقة للمملكة، حيث تعكس هذه القطعة ذات الطبيعة البسيطة والعملية تاريخًا طويلًا من التأثيرات الجغرافية والاجتماعية والدينية على مر العصور. وقد تطوّر الثوب السعودي على مر السنوات ليتناسب مع احتياجات الرجل، مع الحفاظ على أصالته ورمزيته الوطنية ونمطه الأساسي.
بعد توحيد المملكة في عام 1932م على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، ترسّخت هوية الثوب السعودي بالتصميم المعروف، الذي يتميز بلونه الأبيض العاكس لأشعة الشمس، مع تصاميم توفّر الراحة، وهي الأسباب التي جعلت منه الزي الرسمي والمفضّل للرجل السعودي حتى اليوم.
يرتكز الثوب السعودي على العملية، من خلال كونه مصنوعًا من أقمشة خفيفة تهدف إلى توفير الحماية من حرارة الشمس والعواصف الرملية. بينما يعتمد تصميمه على القصة والنمط الفضفاض الذي يسمح بحرية الحركة ويوفر التهوية اللازمة في مختلف الفصول.
للثوب السعودي نوعان شائعان من الياقات: أحدهما ذو نمط دائري، وهو النمط التقليدي، بينما الآخر يعتمد على نمط مُكوَّن من مثلثين متقابلين، ويُعرف عادة باسم "قلابي". وعادةً ما تأتي الأثواب بمقاسين مختلفين من الياقات، صغير أو متوسط، اعتمادًا على عدد الأزرار.
أما الشماغ، الذي يُرتدى على الرأس، فيعود أصله إلى الحضارة السومرية. ويأتي اسم "شماغ" من الكلمتين السومريتين "آش" و"ماخ"، وتعنيان "غطاء الرأس العظيم". وقد كان الشماغ يُرتدى قديمًا من قِبل القادة كرمز للمكانة الاجتماعية.
ويُضاف إلى الثوب في بعض الأحيان قطع إضافية مثل الجنابي والخناجر، وهي عادةً ما تكون مُتّصلة بحزام جلدي يلبسه الرجل السعودي على خصره، ويوجد به مكان مخصص لوضع الخنجر أو الجنبية يُعرف باسم "السبتة". قديمًا، كانت الجنبية لا تفارق الرجل الجنوبي في عمله وزياراته للمجالس.
من الأسواق الشعبية إلى منصّات الموضة
على مدى عقود، ارتبط الثوب السعودي بالأسواق التقليدية والخياطين المحليين، حيث كان لكل رجل ثوبه المصنوع يدويًا بعناية. ومع انفتاح المملكة على العالم وازدهار صناعة الأزياء محليًا وعالميًا، انتقل الثوب من كونه زيًا يوميًا إلى تصميم يعتلي منصات العروض في الرياض، دبي، باريس، وحتى ميلانو.
لقد أصبح المصممون السعوديون يبتكرون قصّات جديدة، ويضيفون تفاصيل دقيقة على الأزرار أو الياقة، ويستخدمون أقمشة عالية الجودة تجمع بين الراحة والفخامة. هكذا وُلد مفهوم الثوب السعودي المعاصر: المحافظ على أصالته والمتناغم مع إيقاع الموضة العالميّة.
رموز الفخامة: أسماء لا يُستهان بها
في عالم الأزياء السعودية، برزت علامات للثوب الفاخر قامت بتوظيف الحرفية لتقديم تصاميم تجمع بين الأصالة والحداثة. دعونا نتعرّف إلى بعض هذه الأسماء التي حفرت مكانتها ضمن العلامات الفاخرة للثوب.
علامة لومار
أسسها المصمم لواء محمد نسيم، الذي يُلقب بـ "رائد قطاع الثوب السعودي الجاهز". أصبحت "لومار" رمزًا للتجديد، بفضل تصاميم أنيقة تناسب الأذواق العصرية وتحافظ على جوهر الثوب السعودي الأصيل مع لمسة من التجدد.
اقرأ أيضًا: ثياب البحر ترفع السقف: كيف تكون الأكثر أناقة على الشاطئ؟
علامة يحيى البشيري
أحد عمالقة الأزياء الرجالية السعودية، حيث جمع بين إرث التراث السعودي العربي وبين لمسات عصرية متجدّدة، حيث قام المصمم بصياغة قماش الثوب السعودي ليصبح واجهة لأزياء عالمية ذات تصاميم متنوّعة.
علامة Ajlan & Bros
تمثّل العلامة لاعبًا رائدًا في مجال صناعة الملابس الرجالية بالمملكة العربية السعودية، حيث تُقدّم العلامة مجموعة من الثياب التقليدية بجودة عالية من خلال علامة تقوم بتغطية الشرق الأوسط بالكامل، وتتضمن العلامة قطعًا ضمن مجموعة فاخرة تقدّمها العلامة.
علامة Thobez
علامة بريطانية تقدّم مجموعة Luxury Thobes تجمع بين القماش الفاخر، التطريز الدقيق، وتصاميم توازن بين التراث العصري والتي تناسب الشباب والرجال من الأعمار كافة.
اليوم الوطني.. مناسبة للاحتفاء بالثوب
لا يقتصر الاحتفال باليوم الوطني على رفع الأعلام أو الاستماع للأناشيد، بل يمتد ليشمل كل ما يرمز للهوية، والثوب في مقدمتها. ففي هذا اليوم، يحرص السعوديون على ارتداء أثوابهم بأناقة خاصة، وغالبًا ما تُزخرف بتفاصيل تعكس الألوان الوطنية أو تطريزات فنية مستوحاة من شعار المملكة والنخلة والسيفين.
كما تنظم دور الأزياء فعاليات خاصة بمناسبة اليوم الوطني، حيث تعرض مجموعات محدودة من الأثواب المعاصرة التي تمزج بين الطابع التراثي واللمسات الحديثة. هذه المبادرات لا تعزز فقط حضور الثوب كرمز وطني، بل تضعه في قلب الحوار العالمي حول الموضة المستدامة والهوية الثقافية.
الأزياء الوطنيّة كقوة ناعمة
مع رؤية السعودية 2030 لعام, وتعزيز الصناعات الإبداعية, بات الثوب السعودي أكثر من مجرد زي. حيث أصبح أداة للقوة الناعمة التي تبرز صورة المملكة في العالم. فحينما يظهر الثوب في عروض الأزياء الدولية أو على مشاهير عالميين، فهو يفتح بابًا للحوار الثقافي، ويؤكد أن الموضة يمكن أن تكون جسرًا للتواصل الحضاري.
ومن هنا تأتي أهمية الاستثمار في تصميم وإنتاج الأثواب العصرية، ليس فقط لخدمة السوق المحلي، بل أيضًا لتقديم الهوية السعودية كجزء من المشهد العالمي.
إن ارتداء الثوب في هذا اليوم ليس مجرد عادة، بل فعل احتفاء بالوطن وتاريخه ومستقبله، ورسالة فخر تُوجّه للعالم أجمع "هذا هو الرجل السعودي، بهويته الراسخة وأناقته المعاصر."
