الأناقة الإيطاليّة بنفَسٍ كرويّ
منذ قدم السنوات وحتى اليوم، كلّما أردنا التحدّث عن الفخامة، سلك الحديث طريقه وبشكل تلقائي نحو إيطاليا، حيث استطاعت تلك البقعة الجغرافيّة المميّزة أن تحفر لنفسها خطًا في الأناقة حتى غدت عاصمة الجمال والتألّق.
العالم في حالة إعجاب دائم ومتجدّد سنويًا، فـالأزياء الإيطاليّة تخط مواعيد دائمة مع التميّز والإثارة والاستثناء، وهو ما يطول انتظاره بين فصل وآخر.
تُعرَف إيطاليا على الدوام أنّها مهد الأزياء الراقية والتصاميم المتفردة، حيث تأسّست فيها أبرز العلامات الفاخرة التي غزت الأسواق العالمية بأناقتها وجودتها، حتى باتت مرادف الذوق الرّفيع الذي يختاره الرّجال على اختلاف اهتماماتهم. فترى الرياضيّ مثلاً أو رجل الأعمال أو الطالب يميل إلى انتقاء ملابسه بدقّة من خلال الأزياء الإيطالية التي فرضت نفسها وبقوّة في عالم الأناقة.
مساحات إبداعيّة بين الملاعب والموضة
لم يسبق أن توقّف التمييز، بل على العكس تمامًا لطالما شهدناه في تصاعد مستمر. في العام الحالي، تشهد الأزياء الإيطاليّة نقلة نوعية جديدة، إذ اقتحمت الماركات الإيطالية بشكل مميّز ملاعب كرة القدم، وخلقت مساحات إبداعية مشتركة بين الموضة والرياضة، فأعادت تعريف التعبير البصري والثقافي الذي يجسّد كرة القدم بلمسة فاخرة، حتى باتت تلك الرياضة تعني وبشكل مباشر، الأناقة والذوق الرّفيع.
هل الأمر جديد على عالم كرة القدم؟
بداية دخول الماركات الإيطالية عالم الكرة لم يكن بشكل مفاجئ، بل جاء تتويجًا لعقود من التفاعل الخفي بين الموضة والرياضة.
لطالما ظهر اللاعبون بملابس أنيقة في المؤتمرات والمناسبات الخاصة، ولكن الجديد هذا العام هو انسحاب أناقة الأندية لتصميم ملابس السفر، المؤتمرات، وحتى التدريبات، بما يعكس هوية النادي وأناقة اللاعبين.
شركات عالميّة ربطت بين الأداء الرياضي والأناقة
لاعبو كرة القدم هم في الواقع أكثر من مجرّد رياضيين، هم مرجع للأناقة ومثال أعلى للعديد من الشبّان والرّجال، بل رمزًا للذوق الرفيع. هذه الصورة الجديدة عزّزتها ماركات مثل "جورجيو أرماني"، "دولتشي اند غابانا" و"بيروني"، عبر تصاميم فريدة ربطت بين الأداء الرياضي والذوق الرفيع.
أشهر علامات الأزياء الإيطالية في الملاعب
أبرز تلك الشراكات كانت ما أعلنته دار بيروني الإيطالية في شراكة استثنائية مع نادي Como 1907، حيث تولّت تصميم البدل الرسمية للفريق للموسم الكروي 2025–2026. وقد ظهر اللاعبون ببذلة مزدوجة الصدر باللون الكحلي من قماش السولارو، مع قميص بولو من القطن الفاخر. تم تصوير هذه الإطلالة في حملة دعائية أنيقة جمعت بين سحر بحيرة كومو ووجوه لاعبين بارزين أمثال أساني دياو وسيرجي روبيرتو.
أما "دولتشي اند غابانا" فاستمرت في تعاون طويل الأمد مع الفرق الإيطالية، ولا سيما نادي نابولي، حيث صمّمت قمصانًا تجمع بين الرموز المحلية والهوية البصرية للعلامة، وأطلقت مؤخرًا مجموعة مستوحاة من الثقافة النابوليتانية، دمجت فيها الزخارف التاريخية مع أحدث صيحات الموضة الرياضية.
التدريب له حصّة أيضًا
على مر السنوات تغيّرت ملابس اللاعبين بسبب الموضة. ملابس الطواقم الرياضيّة لم تعد تقتصر على الراحة فقط، بل أصبح الشكل مهمًا للغاية، خصوصًا في ملابس السفر والمؤتمرات. ملابس التدريب أيضًا بدأت تعكس التوجه نحو التفاصيل الدقيقة والخامات الممتازة. وقد بدأت فرق كبرى مثل يوفنتوس، إنتر ميلان، وروما، بالتعاون مع مصممين لإعادة تصميم زي الفريق بلمسة عصرية.
وفي حين أن الزي الرسمي في الملعب ما يزال يخضع لقواعد صارمة، فإن كل ما يدور خارج الملعب بات ساحة إبداعية مفتوحة أمام دور الأزياء، بحيث تتنافس الدور على استقطاب ألمع النجوم الرياضيّين لتجسيد إبداعاتهم على أجساد تملك ما يكفي من الليونة لتظهر القطع الفنية بأبهى صورها.
اقرأ أيضًا: معرض خاص لـ150 قطعة من تصاميم أرماني في أسبوع الموضة بميلانو 2025
شراكات بين أندية أوروبية وماركات فاخرة
هذه الأناقة لا تقتصر على إيطاليا فقط، بل نجد في أوروبا كلها توجهًا مماثلاً، لكن الإيطاليين كانوا السبّاقين.
تعاونت"أرماني" مع نادي نابولي، و"هيوجو بوس" مع بايرن ميونيخ، و"أوف وايت" مع ميلان، في علاقات تمتد إلى تصميم الزي، الحملات الإعلانية، وحتى حضور عروض الأزياء.
هذه الشراكات لا تهدف فقط إلى الترويج، بل لصنع علاقة وديّة بين الأندية والجماهير من جهة، وبين الموضة كصناعة تجارية من جهة أخرى.
دولتشي آند غابانا وتعاونها مع الفرق الرياضية
من بين كل الدور الإيطالية، برزت :دولتشي آند غابانا" كأحد أبرز الفاعلين في دمج الموضة بالرياضة. تعاونها مع فرق إيه سي ميلان ونابولي، أرسى نموذجًا جديدًا في كيفية تحويل ملابس اللاعبين إلى منصّة لعرض الأزياء.
وصل الأمر إلى تصميم قمصان حصرية محدودة الإصدار، تبُاع للجماهير بأسعار مرتفعة كجزء من مجموعات فاخرة. لم تعد القمصان مجرد زي رياضي، بل قطعة فنية تحمل توقيع أحد أفهم دور الأزياء في العالم.
تصاميم فاخرة في ملابس التدريب والسفر
التغيير الأبرز جاء في ملابس ما قبل وبعد المباراة. أصبح من المعتاد أن نرى اللاعبين يصلون الملاعب ببذلات مصمّمة خصيصًا لهم، مع استخدام الأقمشة الراقية مثل الصوف الخفيف والكشمير والكتان الإيطالي، وتفصيل دقيق يعكس هوية الفريق والشخصية الفردية للاعب.
هذه القطع باتت متاحة أحيانًا للجماهير، لتنتقل روح الفريق من الملعب إلى الشارع، وتخلق تفاعلا ثقافيًا جديدًا بين مشجعي الكرة ومحبي الموضة.
تأثير الفخامة الإيطالية على جماهير الأندية
بات واضحًا أن جماهير الأندية لا تكتفي بدعم فرقها في الملاعب، بل تسعى لتقليد نجومها في كل شيء، حتى في الأزياء، فغدا بعض نجوم الكرة رموزًا للموضة تمامًا كما هم رموز للرياضة، مثل كريستيانو رونالدو، باولو ديبالا، وزلاتان إبراهيموفيتش، الذين ظهروا أكثر من مرة في حملات لماركات إيطالية شهيرة.
كذلك باشرت الماركات بتصميم مجموعات خاصة بالجماهير، تحتوي على قطع أقل تكلفة إنما بالهوية الفاخرة عينها.
اقرأ أيضًا: ديزل تكسر القواعد بعرض أغرب دعاية في أسبوع ميلانو للموضة (فيديو)
هل تصبح الملابس الرياضية قطعة فنية؟
في ظل هذا التزاوج بين الموضة والرياضة، أصبح من الطبيعي أن نطرح السؤال الآتي: هل يمكن اعتبار الزي الرياضي قطعة فنية؟
الجواب بحسب الخبراء، هو نعم. فالتصميم اليوم يحمل رموزًا ثقافية، ويمثل سردية كاملة عن الفريق والمدينة والهوية. ومع دخول المصممين المحترفين، باتت كل تفصيلة في القميص أو البذلة محسوبة بدقة وتروي.
ماذا عن خارج الملعب؟
خارج الملعب، أصبح اللاعبون عارضين غير رسميين للأزياء. على منصّات التواصل الاجتماعي، يظهرون بإطلالات من أبرز الماركات، ويحرصون على حضور أسابيع الموضة ومناسبات العلامات الفاخرة. وهذا ينعكس بدوره على جماهيرهم، الذين يتبعونهم في الموضة كما يتبعونهم في الأداء الرياضي.
ما بين إيطاليا والعالم
التصاميم الإيطالية تختلف عن غيرها في الاهتمام الحرفي، الأقمشة عالية الجودة، فضلاً عن اللمسة الكلاسيكية مع الحداثة. في حين تميل بعض الماركات العالمية إلى الطابع العملي والبسيط، تحافظ الماركات الإيطالية على الهوية الجمالية الرفيعة، لتقدّم للاعبين وجماهيرهم تجربة بصرية ملموسة ومتكاملة.
في كل موسم تتجّه الأنظار نحو ملاعب كرة القدم، ليس للمنافسات الكرويّة وحسب إنما لإمتاع الأنظار بأحدث فصول الأناقة، ويبدو أن العام 2025 سيكون بداية عصر جديد من العلاقة بين الموضة وكرة القدم، حيث لم تعد اللعبة مجرد رياضة، بل أصبحت منصة للأناقة والفخامة والتعبير الثقافي.
وبينما تواصل إيطاليا تقديم تصاميمها الساحرة للملاعب، فإن الجمهور سيكون على موعد مع المزيد من الإبداع والابتكار، في كل مباراة، وكل موسم.
