مارك زوكربيرغ يطارد الذكاء الاصطناعي الفائق بمليارات الدولارات
قرر مارك زوكربيرغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" Meta، دخول سباق الذكاء الاصطناعي الفائق بقوة، عبر مشروع طموح يسعى من خلاله إلى تطوير نظام ذكي يتجاوز قدرات البشر في مختلف المهام المعرفية، في وقتٍ تتسارع فيه جهود كبرى شركات التقنية العالمية لرسم مستقبل هذا القطاع الحيوي.
لم يكن هذا التحوّل المفاجئ في استراتيجية "ميتا" نتاج لحظة آنية، بل نتيجة مسار تصحيحي واضح أعقب انسحابها التدريجي من رهانات الميتافيرس، التي استنزفت مليارات الدولارات من دون تحقيق عائد ملموس. واليوم، تُعيد الشركة تموضعها بثقل أكبر حول الذكاء الاصطناعي الفائق، باعتباره الرهان الأهم في معادلة الاقتصاد الرقمي المقبل.
اقرأ أيضًا: أسطول مارك زوكربيرغ البحري يستعد لمغامرة صيفية جديدة
وخلال الأسابيع الأخيرة، شرعت "ميتا" في استقطاب نخبة من أبرز المهندسين من شركات كبرى مثل "أبل" Apple، و"غوغل" Google، و"أوبن إيه آي" OpenAI، و"أنثروبيك" Anthropic، ضمن ما يُعرف بمشروع "الذكاء الفائق".
وتشير تقارير متعددة إلى أن بعض العروض المالية وصلت إلى 100 مليون دولار كمكافأة توقيع، ما يعكس حجم التنافس واستعداد الشركة لدفع أثمان باهظة لقاء الكفاءات.
وفي مذكرة داخلية، وصف مارك زوكربيرغ المشروع بأنه "مسعى لتشكيل أكثر فرق الذكاء الاصطناعي خبرة وتركيزًا في القطاع"، في تعبير واضح عن الطموح الكبير الذي يحمله في هذا المسار.
استثمارات ميتا في الذكاء الفائق
رغم افتقار شركة "ميتا" لبنية خدمات سحابية مدرّة كما هو الحال لدى أمازون ومايكروسوفت، إلا أنها ضخت ما يزيد على 14.3 مليار دولار خلال شهر يونيو الماضي في استثمارات ضخمة شملت البنية التحتية والتوظيف، في مؤشر واضح على جدّية توجهها نحو مشروع الذكاء الاصطناعي الفائق.
ومن بين أبرز هذه الخطوات، الاستحواذ على شركة "سكيل إيه آي" Scale AI بقيادة "ألكسندر وانغ" Alexander Wang، الذي تولى رسميًا قيادة "مختبر الذكاء الفائق" داخل ميتا، إلى جانب انضمام "نات فريدمان" Nat Friedman، الرئيس التنفيذي السابق لمنصة "غيت هاب" GitHub، لتعزيز القيادة التقنية في المشروع.
اقرأ أيضًا: مارك زوكربيرغ يلاحق ماسك.. ثريدز يحقق نموًا لافتًا أمام X بعد عام واحد
ويؤمن مارك زوكربيرغ بأن المعركة الحقيقية اليوم تدور حول منصة الذكاء التالية، إذ من يتحكم بها، يفرض نفوذه على كامل منظومة الاقتصاد الرقمي، تمامًا كما فرضت غوغل وآبل هيمنتهما من خلال أنظمة تشغيل الهواتف الذكية. ومن هذا المنطلق، يسعى زوكربيرغ إلى تعويض خسارة تلك المعركة القديمة عبر انتزاع الصدارة في ميدان الذكاء الاصطناعي.
ولكن ورغم أن سهم ميتا ارتفع بنسبة 20% منذ بداية العام، لا تزال الشكوك تحوم في أوساط المستثمرين والمحللين بشأن ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستترجم إلى عائدات ملموسة، أم أنها ستنتهي كمغامرة مكلفة جديدة، على غرار تجربة الميتافيرس.
وفي هذا السياق، عبّر "زاك كاس" Zack Kass، مستشار الذكاء الاصطناعي، عن جوهر طموحات زوكربيرغ بقوله: "مارك لم يعد بحاجة للحديث عن مجموعات فيسبوك.. إذا تمكن من تطوير ذكاء فائق يشفي السرطان، فذلك سيكون إرثه الحقيقي".
