السعودية وxAI على أعتاب شراكة... توسع استراتيجي نحو ريادة الذكاء الاصطناعي
تسابق المملكة العربية السعودية الزمن لتطوير بنيتها التحتية السحابية، وتعزيز مراكز البيانات، بهدف ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والابتكار، وذلك ضمن جهودها لتنويع الاقتصاد، في وقت يشهد الطلب على البيانات نموًا متسارعًا مع توسع هذه القطاعات، وفتح مئات الشركات مقرات جديدة لها في المملكة.
وحسب وكالة بلومبرغ، فإن شركة "إكس أيه.آي" التابعة لإيلون ماسك، تجري محادثات لاستئجار سعة مركز بيانات في السعودية، ضمن الجهود المبذولة لتوسيع البنية التحتية في مناطق توفر طاقة رخيصة.
وتجري الشركة الناشئة حاليًا محادثات مع شركتين، إحداهما شركة هيوماين، وهي شركة ذكاء اصطناعي مدعومة من السعودية تقدم لشركة "xAI" سعة تخزينية تصل إلى عدة غيغاوات، وشركة أخرى تبني منشأة أصغر حجمًا لكنها متاحة بشكل فوري بقدرة 200 ميغاوات.
وتعمل شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة على زيادة سعة مراكز بياناتها، لتدريب نماذج أكثر تقدمًا، حيث تتطلع إلى المنافسة بشكل أكثر فعالية مع تشات جي.بي.تي من شركة أوبن أيه.آي، وكلودي من أنثروبيك، بحسب تقرير بلومبرغ.
جدير بالذكر، أن شركة "xAI" هي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تم تأسيسها مؤخرًا من قبل إيلون ماسك، وفريق من المهندسين العالميين، وتهدف الشركة إلى تطوير الذكاء الاصطناعي لتسريع الاكتشافات العلمية البشرية.
وتتمثل استراتيجية شركة "xAI" في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي رائدة، والعمل بشكل وثيق مع شركات التكنولوجيا الأخرى المرتبطة بمؤسسها، بما في ذلك Tesla وSpaceX وX، التي يضم تطبيقها أكثر من 500 مليون مستخدم.
تطوير المزيد من مراكز البيانات في السعودية
تُعدّ "مايكروسوفت"، وقطاع الحوسبة السحابية لدى "أمازون دوت كوم"، و"إكوينيكس" من بين الشركات التي التزمت ببناء قدرات لمراكز البيانات في السعودية، كما تتعاون شركة "غروك" الأمريكية الناشئة مع شركة "أرامكو" العملاقة في تطوير مركز استدلال بالذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لتقرير شركة "جونز لانغ لاسال"، فقد ساهمت الحوافز الضريبية، والمناطق الاقتصادية الحرة، وجهود تعزيز سيادة البيانات في تحفيز الاستثمارات في هذا المجال.
كما تعتزم المملكة العربية السعودية، في سبيل دعم قطاع الذكاء الاصطناعي، إطلاق مشروع جديد بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار، يهدف جزئيًا إلى تطوير المزيد من مراكز البيانات، وتعزيز قدرتها التنافسية في هذا المجال، بحسب ما نقلته بلومبرغ.
وفي ديسمبر 2024، أعلنت شركة المملكة القابضة عن شراء حصة في شركة "XAI"، بقيمة إجمالية تبلغ 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار)، وقالت "المملكة القابضة" في بيان، إنها استحوذت على هذه الحصة كجزء من جولة التمويل من الفئة C لشركة "XAI"، وأوضحت أن هذا الاستثمار متبوعًا باستثمار الشركة السابق بنفس القيمة في شركة "xAI" خلال جولة التمويل من الفئة B.
وأكدت على أن هذا الاستثمار يعزز الشراكة الاستراتيجية بين شركة المملكة القابضة وإيلون ماسك، ويتماشى مع استثماراتها الاستراتيجية في X، التي تمتلك حصة بها منذ عام 2015، وكذلك يتماشى هذا الاستثمار مع نموذج عمل شركة المملكة القابضة، الذي يركز على الاستحواذ المبكر على حصص التقنيات الناشئة، والتي تطمح للريادة والابتكار في صناعة الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يخطط لتوسيع xAI في السعودية بسعة طاقة تصل إلى غيغاوات
المملكة تعزز رقمنة اقتصادها ومكانتها كوجهة للذكاء الاصطناعي
وتبذل المملكة العربية السعودية جهودًا حثيثة لتعزيز رقمنة اقتصادها، وترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي، مما يجعل الرياض السوق الأسرع نموًا لمراكز البيانات في الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاث المقبلة، وذلك وفقًا لتحليل أجرته شركة جونز لانغ لاسال (JLL) بالتعاون مع بلومبرغ.
وأشارت (JLL) إلى أن السعودية تستعد لزيادة قدرتها الاستيعابية من مراكز البيانات، والتي تُقاس بالميغاواط، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 37% حتى عام 2027، وهذا المعدل أعلى بكثير من المتوسط العالمي المتوقع البالغ 15%، ما يعزز دور المملكة كلاعب رئيسي في قطاع الذكاء الاصطناعي، وازدهار سوق مراكز البيانات فيها.
وفي فبراير 2025، أعلن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبدالله السواحة، خلال كلمته الافتتاحية بالنسخة الرابعة من فعاليات مؤتمر "ليب 2025" المنعقد بالرياض، عن استثمارات بنحو 14.9 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يجعل المملكة العربية السعودية وجهة عالمية للاستثمار بالذكاء الاصطناعي.
وشهد المؤتمر الإعلان عن سلسلة شراكات واستثمارات، من بينها تدشين شركتي "آلات" السعودية و"لينوفو" الصينية مركز تصنيع وتقنية يعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في المملكة، باستثمارات بلغت ملياري دولار، كذلك ستتعاون شركة "غروك" مع "أرامكو ديجيتال" لضخ 1.5 مليار دولار لتوسيع استثماراتها في الحوسبة السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
فيما أعلنت "سيلز فورس Salesforce" استثمار 500 مليون دولار في بناء منصة "هايبر فورس" لخدمة عملائها في المنطقة، وأعلنت "داتا بريكس Databricks" تخصيص 300 مليون دولار لبناء خدمات "باس PaaS" المتكاملة لتمكين مطوري التطبيقات من الابتكار، كما كشفت "سامبا نوفا SambaNova" عن استثمار 140 مليون دولار لإنشاء بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي في البلاد.
وإلى جانب ذلك، فإن شركة "زووم Zoom" الشهيرة بتقديمها منصة حلول الأعمال عن بعد وخدمات الاجتماعات عن بعد، أعلنت نيتها بناء عقدة معالجة في مركز "سينتر 3" للبيانات الموجود بالسعودية، وذلك في خطوة منها لتعزيز أداء المنصة داخل المنطقة.
كما أعلنت "مايكروسوفت" بأنها أوشكت الانتهاء من بناء مراكز بيانات في 3 مواقع مختلفة بالمملكة، مع توقعات بإطلاق خدمات هذه المراكز بحلول عام 2026.
ويمكن تتبع عديد من الشركات التي أعلنت نيتها بناء مراكز بيانات في المملكة العربية السعودية أو الاستثمار في هذه المراكز والحصول على عقد بداخلها، من أجل تعزيز خدماتها بالمنطقة، وهو الأمر الذي يؤكد سير السعودية في نهج التحول إلى منطقة جذب لمراكز البيانات العالمية مع وجود إقبال عالمي عليها من مختلف القطاعات.
الاقتصاد الرقمي السعودي ورؤية 2030
يشار إلى أن الاقتصاد الرقمي نما في المنطقة بنسبة 73%، ليصل إلى 260 مليار دولار، وتمثل السعودية 50% من هذا النمو، بحسب السواحة، الذي أكد في كلمته أيضًا أن رهان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، على إمكانية سد فجوات العصر الرقمي من خلال دعم الحوسبة السحابية وريادة الأعمال والتكنولوجيا للمنطقة والعالم.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يخطط لمشروع هايبرلوب عابر للأطلسي بتكلفة قد تصل إلى 20 تريليون دولار
ويعد الذكاء الاصطناعي جزءًا من استراتيجية "رؤية السعودية 2030"، والتي تهدف إلى تحديد مصادر دخل جديدة، مع تنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وتهدف المملكة إلى أن تصبح من بين أفضل 15 دولة في الذكاء الاصطناعي، من خلال اعتماد التكنولوجيا في الداخل طوال بقية هذا العقد، ثم البدء في تصديرها في 2030.
وقد أطلقت السعودية مراكز بحثية كبرى، ووزارات مخصصة للذكاء الاصطناعي، وأنتجت نماذج لغوية كبيرة الحجم.
وفي وقت سابق، أشار عبدالله السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، إلى أن المملكة العربية السعودية أصبحت أكبر قصة تقنية حقيقية، مؤكدًا أنها اليوم الدولة الوحيدة في العالم التي تحتضن جميع المزودين الكبار للخدمات السحابية.
وقال وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، إن المملكة سارعت في وتيرة النمو الرقمي بنسبة كبيرة، وتقدمت بإنجازات رائعة، حيث تسعى لتغيير المنطقة عبر التطور في المجال التقني، وذلك بقيادة وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، الذي قال إن رؤية 2030 هي أكبر قصة نجاح في القرن الـ21، والعنصر الأساسي فيها هم شباب وشابات المملكة، مؤكدًا نمو القوى التقنية من 200 ألف إلى أكثر من 350 ألفًا.
جدير بالذكر، أنه حسب التقرير الذي أصدرته شركة "تويمبيت Twimbit" مطلع عام 2024، فإن السعودية كانت تملك 22 مركز بيانات فعالاً في الفترة بين نهاية عام 2023 ومطلع عام 2024، مع توقعات بوصول عدد مراكز البيانات إلى 62 مركزًا خلال الأعوام القادمة.
