سر الأصابع الموجِّهة.. كيف تسيّرنا لوحات الفن الكلاسيكي دون أن نشعر؟
كشفت دراسة جديدة أن الإشارات بالأصابع في لوحات كبار الفنانين الكلاسيكيين، مثل مايكل أنجلو وكارافاجيو ورافاييل، تلعب دورًا نفسيًا وجماليًا بالغ الأهمية في توجيه نظرات المشاهدين وفهمهم للسرد البصري داخل العمل الفني.
الدراسة التي أجرتها الباحثة الفرنسية تيمينوشكا ديموفا من جامعة فيينا، ونُشرت في مجلة Psychology of Aesthetics, Creativity, and the Arts، أوضحت أن الإشارة لا تعمل فقط كعنصر تركيبي في التكوين، بل تُؤثر مباشرة في طريقة قراءة المشاهد للقصة داخل اللوحة.
وغالبًا لا ينظر المشاهد إلى الشيء المشار إليه بقدر ما يركز على وجه الشخصية التي تؤدي الإشارة بيدها.
ما الذي يحدث عند إزالة الإشارة من لوحات الفن الكلاسيكي؟
واعتمدت ديموفا في دراستها على تقنية تتبع حركة العين داخل مختبر أبحاث الإدراك الفني في جامعة فيينا، حيث عرضت على المشاركين لوحات كلاسيكية تتضمن شخصيات تُشير بأصابعها، ثم قارنتها بإصدارات رقمية أُزيلت منها تلك الإيماءات.
وأظهرت النتائج فروقًا واضحة في الأنماط البصرية لنظرات المشاركين، فحين أُزيلت الإشارة، اختلفت طريقة تفسيرهم للأحداث داخل اللوحة.
وقدمت الباحثة مثالاً على ذلك بلوحة "لاعبي الورق" للفنان تيودور رومبوتس، إذ تروي النسخة الأصلية قصة عن الخداع والسخرية بفضل إصبع أحد اللاعبين الموجه نحو آخر، بينما تفقد النسخة الخالية من الإشارة معناها السردي ويصعب تفسير التفاعل بين الشخصيات.
تأثير الإيماءات في توجيه نظرات المشاهد داخل اللوحات
وأوضحت النتائج أن الإيماءات لا تُوجِّه المشاهد فقط نحو نقطة محددة، بل تخلق شبكة من العلاقات البصرية بين الوجوه والأيدي والعناصر الأخرى داخل اللوحة، لتصنع سردًا بصريًا أكثر عمقًا.
وأظهرت الدراسة أن لوحات كارافاجيو ورافاييل كانت من أكثر الأعمال تأثرًا بحذف الإيماءات، مما يؤكد أن براعة الفنان في استخدام الإشارة تحدد قوة تأثيرها في عين المشاهد.
وترى ديموفا أن هذه النتائج قد تساعد في تحسين طرق عرض اللوحات في المتاحف وتعليم الفن، إذ يمكن للقيمين على المعارض استغلال حركة العين الطبيعية للمشاهد لتوجيه تجربته البصرية.
وتشير الدراسات الجارية في مختبر جامعة فيينا إلى استمرار البحث في كيفية تفاعل الزوار بصريًا داخل المعارض، بل وحتى في دور المتاحف في التواصل الإنساني والعلاقات الاجتماعية بين الزوار.
