مهرجان الدرعية للرواية.. إعادة تشكيل علاقة الزوار بالسرد
منذ انطلاق فعاليات مهرجان الدرعية للرواية في 16 نوفمبر الجاري، بدا حي البجيري كمركز نابض بالعلم والمعرفة، حيث يلتقي الأدب بالتاريخ ويمتزج السرد مع المكان.
ووجد هذا الحي، الذي احتضن العلماء والشعراء على مر العصور، في المهرجان امتدادًا طبيعيًا لروحه المعرفية، إذ تحولت أروقته إلى منصات تستقبل القراء، وتستضيف الكتّاب، وتعيد تشكيل علاقة الزوار بالسرد.
وشهد المهرجان، الذي يحمل شعار "للسرد ملفى، وللقصة مكان"، خلال الأيام الماضية أمسيات متنوعة ناقشت أساليب الأدباء في استحضار التاريخ وإعادة فتح أبوابه، لإضاءة ما خفي من معانيه وتجارب الإنسان.
وقد تم ذلك من خلال تساؤلات حول الهوية والذاكرة، تسهم في اكتشاف رؤى جديدة للحقيقة التي يرويها الخبراء بعيون معاصرة.

وفي المهرجان الذي يعيد تفسير علاقة الزوار بالتاريخ، تناول عدد من الكتّاب والرواة المحليين والعالميين طرق إعادة الشخصيات التاريخية إلى الواقع المعاصر، ودور التأويل الإبداعي في الموازنة بين صدق الرواية وحرية الخيال.
وقد تم ذلك من خلال ورش عمل وجلسات تفاعلية منحَت الحضور فهمًا أعمق لتقنيات السرد الوصفي والبصري، مع التعرف على آليات التكامل بين النص والصورة، ومدى قدرة الإيقاع على فتح آفاق جديدة للمعنى.
وفي "ملتقى الرواة"، أحد أبرز عناصر المهرجان، يجد الزوار مساحة مفتوحة للتصفح والاكتشاف، عبر أجنحة أُعدّت لتكون محطات قصيرة نحو عالم أوسع من القراءة.
ويواصل "مجلس الراوي" تقديم حكايات مستوحاة من الذاكرة السعودية، بأسلوب شفهي دافئ يلامس قيم العدالة والإيمان والإنسانية التي شكلت وجدان الدرعية وتاريخها عبر العصور.

وفي السياق نفسه، جذبت تجربة "قصّ لنا قصة" المهتمين بتسجيل ذكرياتهم الشخصية ضمن فعاليات المهرجان، بينما قدمت تجارب "من الراوي؟" و"الدرعية بين السطور" أساليب مبتكرة للتفاعل مع النصوص، بعيدًا عن الأشكال التقليدية للتدوين أو الكتب.
وتقدم هذه الفعاليات صورة متكاملة لحي البجيري بوصفه مساحة تجمع بين التراث العريق والروح المعاصرة، وتبرز مكانته كمركز ثقافي يحتفي بالرواية والأدب على مدى أسبوعين، خلال الفترة من 16 إلى 29 نوفمبر الجاري.

ويستقبل المهرجان زواره يوميًا ابتداءً من الساعة الخامسة مساءً، من خلال برنامج شامل يضم أكثر من 40 ورشة عمل وجلسة حوارية باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى أكثر من 20 أمسية ومحاضرة يشارك فيها نحو 30 كاتبًا وراويًا.
ويأتي مهرجان الدرعية للرواية ضمن مجموعة البرامج والأنشطة التي يقيمها موسم الدرعية 25/26، تحت شعار "عزك وملفاك"، متضمنًا تجارب تفاعلية متنوعة، وعروضًا حية، ومعارض فنية، إلى جانب تسليط الضوء على الإرث الثقافي والاقتصادي الغني للدرعية.
ويشكل المهرجان دعوة مفتوحة للتفاعل مع الماضي العريق للمملكة، واكتشاف روعة الحاضر، في أجواء تزخر بالأصالة والتراث.
