كارثة بيئية في الأمازون: بحيرات تتحول إلى "حمامات بخار" قاتلة
وجد فريق بحثي من معهد ماميراوا للتنمية المستدامة أن بحيرات الأمازون في البرازيل تحولت خلال عام 2023 إلى ما يشبه "الحمامات الساخنة"، بعدما سجلت درجات حرارة قياسية بلغت 41 درجة مئوية، في ظاهرة غير مسبوقة تسببت في نفوق مئات الدلافين وآلاف الأسماك، نتيجة موجة جفاف قاسية عززها تغير المناخ وارتفاع حرارة المحيطات، وذلك في دراسة جديدة نشرت هذا الأسبوع..
الفريق البحثي بقيادة دانيال فلايشمان من معهد ماميراوا للتنمية المستدامة كشف أن بحيرة تيفي كانت مركز الكارثة، إذ فقدت نحو 10% من أعداد دلافينها خلال أسبوع واحد فقط، من بينها 130 دلفينًا ورديًا من نوع “إينيا جيوفرينسيس” و23 دلفين توكوكسي، وهما من الأنواع المهددة بالانقراض. وارتفع إجمالي عدد الجثث المكتشفة إلى نحو 330 دلفينًا مع استمرار موجة الحرارة.
تأثير تغير المناخ على بحيرات الأمازون
أرجع العلماء الكارثة إلى مجموعة من العوامل المناخية المتداخلة، أبرزها انخفاض أعماق المياه، وضعف حركة الرياح، وانعدام الغطاء السحابي لمدة 11 يومًا، ما زاد من امتصاص ضوء الشمس ورفع حرارة المياه إلى مستويات قاتلة. كما ساهمت ظاهرة النينيو وارتفاع حرارة شمال الأطلسي في تفاقم الجفاف وتكثيف موجات الحرارة.
وقال فلايشمان لوكالة الأنباء الفرنسية: "حالة الطوارئ المناخية أصبحت واقعًا، لا يمكن إنكاره".
وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية أن خمسًا من أصل عشر بحيرات تمت دراستها تجاوزت حرارة مياهها 37 درجة مئوية، بينما وصلت التقلبات الحرارية اليومية إلى 13 درجة مئوية، وهو ما أدى إلى إجهاد حراري قاتل للحياة المائية.
اقرأ أيضا: حيث تلتقي المغامرة بالترف.. دليل نُزل ومنتجعات الأمازون الاستثنائيّة
وصرح عالم البيئة أدريان بارنيت من جامعة غرينتش قائلاً: "رفع حرارة كميات ضخمة من المياه بمقدار 10 درجات مئوية يتطلب طاقة هائلة. هذا حدث غير مسبوق في النظم الطبيعية".
من جانبه، أوضح عالم الأحياء أدالبرتو فال من معهد أبحاث الأمازون أن "الأسماك تفقد قدرتها على التنفس عند 41 درجة مئوية، إذ تتعطل الإنزيمات الحيوية ويختلّ الأيض، ما يؤدي إلى موتها خلال ساعات".
وتُعدّ منطقة الأمازون موطنًا لخُمس المياه العذبة في العالم وأكبر نظام بيئي استوائي على وجه الأرض، إلا أن موجات الجفاف والحرارة المتكررة أصبحت تهدد التوازن البيئي والتنوع الحيوي في المنطقة.
انهيار النظام البيئي في الأمازون
أظهر تحليل الباحثين أن درجة حرارة مياه بحيرات الأمازون ارتفعت بمعدل 0.6 درجة مئوية كل عقد منذ عام 1990، ما يُنذر بمزيد من الكوارث إذا استمرت الانبعاثات الكربونية بالوتيرة الحالية.
وقال جون ميلاك من جامعة كاليفورنيا: "نشهد تكرارًا متزايدًا لهذه الظواهر القاسية. آثارها على الحياة البرية والمجتمعات المحلية ستكون عميقة وطويلة الأمد".
ويُجمع العلماء على أن هذه الأزمة لا يمكن حلها محليًا، بل تتطلب تحركًا عالميًا عاجلًا للحد من استخدام الوقود الأحفوري وخفض انبعاثات الكربون. فبدون ذلك، قد نشهد انهيارًا بيئيًا واسعًا في الأمازون، القلب النابض لكوكب الأرض.
