تحذير عالمي: كيف أصبح الذكاء الاصطناعي أداة تزوير مالية؟
تحذر شركات عالمية من موجة جديدة من الاحتيال تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لتوليد إيصالات وفواتير مزيفة تبدو واقعية تمامًا، وبحسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، قفزت نسبة الإيصالات المزورة التي أُنتجت بالذكاء الاصطناعي من 0% إلى 14% خلال عام واحد فقط، لتتحول إلى صداع متزايد لدى إدارات الموارد المالية في الشركات حول العالم.
تقول شركة أب زين، المتخصصة في تتبع نفقات الأعمال، إن موظفين بدأوا باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي لإنشاء إيصالات واقعية تمامًا، تتضمن تفاصيل دقيقة مثل التجاعيد الورقية، وأسماء مطاعم حقيقية، وتواقيع مزيفة.
بينما أعلنت شركة رامب أنها اكتشفت عبر برمجياتها التحليلية أكثر من مليون دولار من الفواتير المزيفة خلال 90 يومًا فقط، وتشير بيانات شركة ميديوس، إلى أن نحو 70% من المديرين الماليين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يعتقدون أن موظفيهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتزوير نفقات السفر والإيصالات.
كيف واجهت الشركات الفواتير المزيفة؟
أمام هذا التحدي الجديد، بدأت الشركات بالاعتماد على أدوات ذكاء اصطناعي مضادة، لتحليل الصور وكشف ما إذا كانت الإيصالات صادرة عن برامج توليد الصور، وتعمل تلك الأدوات من خلال تحليل البيانات الخفية داخل ملفات الصور، لتحديد ما إذا كانت أُنشئت عبر الذكاء الاصطناعي، غير أن المحتالين يلتفون على ذلك عبر التقاط صور أو لقطات شاشة تمحو هذه البيانات.
يقول كريس جونو، نائب رئيس التسويق في شركة إس إيه بي كونكور، وهي من أكبر منصات تتبع النفقات في العالم: "هذه الإيصالات أصبحت واقعية جدًا، حتى أننا نحذر عملاءنا من الاعتماد على النظر فقط، وتعالج الشركة أكثر من 80 مليون عملية تحقق شهريًا باستخدام أنظمة ذكاء اصطناعي متطورة، لكنها تؤكد أن "المعركة مستمرة”.
في الماضي، كان تزوير الإيصالات يتطلب مهارات تصميم رقمية أو الاستعانة بخدمات مدفوعة عبر الإنترنت، أما اليوم فأي موظف يستطيع عبر كتابة أوامر نصية بسيطة في روبوتات المحادثة أن ينتج إيصالًا مزيفًا خلال ثوانٍ.
ويوضح سيباستيان مارشون، الرئيس التنفيذي لمنصة رايدو لإدارة المصروفات: "هذا ليس خطرًا مستقبليًا، إنه يحدث الآن فعلاً. النسبة ما زالت صغيرة لكنها في تزايد مستمر".
وقد لوحظت الطفرة الكبرى في انتشار الفواتير المزيفة بعد إطلاق نماذج الصور المحسّنة في GPT-4o من شركة أوبن إيه آي في مارس الماضي، تلتها نسخ مطورة من جوجل قادرة على توليد صور شبه حقيقية.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك يحذر: الذكاء الاصطناعي قد يُفني البشرية وسأكون شاهدًا
ويرى مايسون وايلدر، مدير الأبحاث في جمعية محققي الاحتيال المعتمدين، أن الذكاء الاصطناعي ألغى كل الحواجز التقنية أمام التزوير، قائلاً: "لم يعد الشخص بحاجة لأي مهارة تقنية كما كان الحال قبل خمس سنوات مع برامج مثل فوتوشوب. اليوم يمكن لأي أحد فعل ذلك بسهولة".
ومع تسارع هذه الظاهرة، يدعو الخبراء الشركات إلى الاستثمار في أنظمة كشف متقدمة، وتدريب موظفيها على التدقيق الذكي في المستندات المالية، محذرين من أن "الاحتيال الرقمي لم يعد مسألة مستقبلية، بل واقعًا يوميًا يهدد نزاهة العمل حول العالم".
