هل يدفعك حب الذكاء الاصطناعي إلى إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟ دراسة تكشف
كشفت دراسة علمية جديدة أن الأشخاص الذين يُبدون مواقف إيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي يميلون إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر، ويُظهرون علامات محتملة على الاستخدام الكثيف أو الإدماني، لا سيما من فئة الذكور.
الدراسة المنشورة في دورية Addictive Behaviors Reports، التي أجراها البروفيسور كريستيان مونتاغ من جامعة ماكاو بالتعاون مع الباحث جون د. إلهي، استندت إلى بيانات أكثر من 1000 شخص من ألمانيا، وسعت إلى فهم العلاقة الجديدة بين نظرة الأفراد للتقنيات الذكية وسلوكهم الرقمي، وهي زاوية لم تُدرس سابقًا بهذا الشكل المباشر.
اعتمد الباحثون في تحليلهم على استبيانات تقيس آراء المشاركين حول الذكاء الاصطناعي عبر عبارات مثل "أنا أثق بالذكاء الاصطناعي" أو "الذكاء الاصطناعي مفيد للبشرية"، إلى جانب قياس العادات المرتبطة باستخدام منصات مثل إنستغرام، تيك توك، يوتيوب، وواتساب، ومقياس خاص لتحديد مؤشرات الإدمان.
اقرأ أيضًا: ما البيانات التي تجمعها عنك مواقع التواصل الاجتماعى؟
وتبيّن أن المشاركين الذين يثقون أكثر بتقنيات الذكاء الاصطناعي يُمضون وقتًا أطول في تصفح المنصات، ويُظهرون سلوكيات أقرب للإدمان الرقمي، مثل صعوبة التوقف عن الاستخدام، واللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للهروب من المشكلات اليومية.
النتائج أظهرت أن العلاقة بين النظرة الإيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي والاستخدام المفرط لوسائل التواصل كانت أقوى لدى الرجال. وعلّق مونتاغ على ذلك بالقول: "رأينا في عينات سابقة أيضًا أن الذكور يُبدون مواقف أكثر إيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي، لذا لم تكن النتيجة مفاجئة تمامًا".
وبينما توقع الباحثون أن الخوف من الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى استخدام مفرط بسبب القلق أو الهروب، فإن التأثير كان ضعيفًا وغير منتظم، ما يشير إلى أن الانجذاب الإيجابي للتقنية هو المحرك الأقوى لهذا النوع من السلوك.
الذكاء الاصطناعي يعمل خلف الكواليس
أحد الجوانب المهمة في الدراسة أن المستخدمين قد لا يدركون دور الذكاء الاصطناعي في تشكيل سلوكهم. فالخوارزميات الموجودة في التطبيقات تُعدّل المحتوى الموصى به بدقة لشدّ الانتباه وزيادة التفاعل، دون أن يشعر المستخدم أن هناك "ذكاءً" يتدخل في تجربته.
ويرى الباحثون أن هذه "اليد الخفية" قد تُسهّل الدخول في دائرة الإدمان، خصوصًا مع المنصات المصممة لزيادة زمن البقاء على الشاشة.
يشير الفريق البحثي إلى أن الدراسة تبقى استكشافية، ولا تثبت علاقة سببية مؤكدة. أي أنه لا يمكن الجزم إذا كانت النظرة الإيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي هي ما يُسبب إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، أو العكس. كما يُحتمل أن يكون هناك متغيّر ثالث مشترك، مثل حب التقنية بشكل عام.
وفي ظل ميل العينة نحو الفئات الأكبر سنًا (متوسط عمر المشاركين 45 عامًا)، دعا الباحثون إلى مزيد من الدراسات على الفئات الشابة التي تقضي وقتًا أطول على المنصات وقد تُظهر ديناميكيات مختلفة تمامًا.
ويختم مونتاغ بقوله: "نحن لا نعارض تطوير الذكاء الاصطناعي، بل نرى أنه سيلعب دورًا حاسمًا في مستقبلنا، لكن علينا أن نُدرك الجوانب المظلمة لاستخدامه المفرط، وأن نستخدمه بوعي يوازن بين الإنتاجية والسعادة".
