بين الإيجابيات والسلبيات: دليلك لاختيار نظام الدفع المثالي ليختك الفاخر
لكل نظام دفع خاص باليخوت الفاخرة إيجابياته وسلبياته، وعليه فإن الاختيار يتم وفق ما يحتاج إليه مالك اليخت، وما يسعى إليه، وفي هذا العالم الفاخر لا يقتصر التميز على التصميم الراقي والمساحات الرحبة فحسب، بل يمتد ليطال قلب اليخت: نظام الدفع، الذي يمنحه القوة والسرعة والقدرة على الإبحار.
ولكل مالك يخت شغفه الخاص، سواء كان يبحث عن رحلة هادئة صامتة، أو عن أداء فائق السرعة، ولكل خيار نظام دفع خاص به، من المحركات التقليدية إلى التقنيات الهجينة، فتلك الحديثة والمبتكرة، يعد اختيار نظام الدفع المناسب مفتاح تجربة الإبحار المثالية.
أنظمة الدفع لليخوت الفاخرة
في السطور التالية نستعرض أبرز أنواع أنظمة الدفع المتوفرة لليخوت الفاخرة، لنساعدك على اتخاذ القرار الأمثل، الذي يعكس أسلوب حياتك وطموحاتك البحرية.
نظام الدفع التقليدي بمحركات الديزل Diesel Propulsion
النظام الأكثر شيوعاً لليخوت الفاخرة هو محرك الديزل، مع ناقل الحركة المباشر، وتعمل محركات الديزل على تشغيل المراوح الدافعة عبر نظام الأعمدة، مما يوفر موثوقية عالية وكفاءة في الرحلات الطويلة.
ومن المحركات الأكثر اعتمادا لليخوت "كاتربيلر Caterpillar”، "أم تي يو MTU"، "مان MAN" و"فولفو بينتا Volvo Penta"، والتي عادة يختلف حجمها وقوتها حسب طول وحجم اليخت.
محركات الديزل معتمدة من قبل أحواض بناء السفن بسبب موثوقيتها وثباتها وفعاليتها، ولكن رغم الايجابيات فهي تستهلك الكثير من الوقود، كما أنها تصدر الضوضاء والانبعاثات بمعدلات أعلى بكثير من البدائل الحديثة، ولهذا السبب، بدأنا نرى تحولاً باتجاه أنظمة دفع صديقة أكثر للبيئة.
نظام الدفع الديزل-الكهربائي Diesel-electric Propulsion
تستخدم أنظمة الدفع الديزل-الكهرباء مولدات ديزل لإنتاج الكهرباء، التي تقوم بدورها بتشغيل محركات كهربائية تحرك المراوح الدافعة.
هذا الدمج بين نظامي الدفع يقلل من الضوضاء والاهتزازات، مما يحسن تجربة الإبحار، كما أنه يحسن كفاءة استهلاك الوقود، خصوصاً عند السرعات المنخفضة.
النظام هذا يستخدم لتحسين الأداء والكفاءة، وهو شائع جداً في يخوت الاستكشاف، ولكن رغم الإيجابيات العديدة إلا أن سلبيات هذا النظام تتمثل في الحاجة إلى بطاريات إضافية للتشغيل الصامت، ما يعني مساحات أكبر للتخزين وبالتالي زيادة للتكاليف الأولية.
نظام الدفع الهجين (ديزل + كهرباء + بطاريات) Hybrid Propulsion
تجمع أنظمة الدفع الهجين بين محركات الديزل والمولدات الكهربائية وتخزين البطاريات، مما يتيح تشغيل اليخت بوسائط مختلفة، إذ يمكن الاختيار بين التشغيل بمحرك ديزل فقط أو كهرباء فقط أو الدفع المشترك حسب احتياجات الإبحار.
يعد هذا النظام الهجين مفيداً بشكل خاص في تقليل الانبعاثات، وضمان الإبحار الصامت عند السرعات المنخفضة، كما أنه يطيل من عمر محركات الديزل، لأنه يقلل من الاعتماد عليها.
في المقابل فإن سلبياته تتمثل في الحاجة إلى تجهيزات معقدة، ما يعني استثمارات أولية مرتفعة، ولكن السلبيات هذه لم تقلل من شعبية هذا النظام، خصوصاً في اليخوت الجديدة.
ويعد يخت "سافانا Savana" من "فيدشيب Feadship"، الذي تم اطلاقه عام 2015، أول يخت فاخر في العالم يعتمد نظام الدفع الهجين، الذي قلل من الانبعاثات، كما قلل نسبة استهلاك الوقود بنحو 30%.
اقرأ أيضًا: اليخوت الفاخرة: مقارنة الأداء والقيمة بين نخبة صناعة الإبحار
نظام الدفع بالنفاثات المائية Waterjet Propulsion
يوفر أداءً مثالياً، وخفة حركة لليخوت التي تهدف لتحقيق سرعات عالية، ويستخدم هذا النظام نفاثات مياه عالية الضغط، لدفع اليخت إلى الأمام، ما يزيد من قدرة اليخت على المناورة، ويسمح لليخوت بالملاحة في المياه الضحلة وتحقيق سرعات عالية.
ولكن في المقابل، فإن ذلك يعني أن اليخت سيكون أقل كفاءة عند السرعات المنخفضة، كما أنه يتطلب صيانة بمعدلات متكررة أكثر من محركات الأعمدة التقليدية.
وتستخدم أحواض بناء السفن مثل "أوفرمارين جروب Overmarine Group" في سلسلة "مانجوستا Mangusta g" نظام الدفع بالنفاثات المائية، وتتمكن بعض الموديلات من تجاوز سرعات 40 عقدة بسهولة.
أنظمة الدفع بالأزيموث Azipods Propulsion
توفر أنظمة الدفع بالأزيموث، المعروفة أيضاً باسم "Azipods" أي “أنظمة آي بي أس IPS" (نظام الأداء الداخلي)، قدرة فائقة على المناورة وكفاءة عالية لليخوت.
تحتوي هذه الوحدات على محركات كهربائية تقوم بتشغيل مراوح الدفع مباشرة، مما يلغي الحاجة إلى الأعمدة التقليدية، وبالتالي تقلل من مساحة غرفة المحركات، كما تسمح بالدوران بزاوية 360 درجة، مما يمنح اليخت تحكماً فائقاً وكفاءة أفضل في استهلاك الوقود عند السرعات المنخفضة.
وعلى الرغم من أن هذا النظام يتطلب صيانة متخصصة وتكلفة أولية أعلى، إلا أنه يستخدم على نطاق واسعة في اليخوت الفاخرة الحديثة.
الدفع بالتوربينات الغازية Gas Turbine Propulsion
لليخوت الفاخرة التي تحتاج إلى سرعات عالية جداً، يُعد هذا النظام مثالياً لأنه يوفر قوة هائلة وتسارعًا كبيرًا، وتعمل هذه الأنظمة بنفس تقنية المحركات النفاثة المستخدمة في الطائرات، ولكنها هنا تستخدم لتحريك مضخات المياه أو المراوح الدافعة في اليخت، مما يسمح ببلوغ سرعات تتجاوز الخمسين عقدة أي حوالى 93 كيلومترًا/ساعة.
وتتميز التوربينات الغازية بنسبة قوة عالية، مقارنة بحجمها الصغير، ما يجعلها مثالية لليخوت السريعة، كما أن خفة وزنها تسهم في زيادة السرعة، مع إمكانية تركيبها في مساحات ضيقة، ما يحرر مساحة أكبر يمكن استغلالها لتصميم داخلي أكثر فخامة.
وأبرز مثال على ذلك هو يخت "جاليوسيردو Glaeocmrdo" من "رودريجيز Rodriquez"، حيث يستطيع الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 65 عقدة بفضل 3 توربينات غازية من نوع "فريكور تي أف Vericor TF 50".
من سلبيات هذا النظام، استهلاك الوقود بشكل كبير، وتكاليف الصيانة المرتفعة للتوربينات الغازية، كما أنه ومع التركيز المتزايد على الاعتماد على أنظمة دفع أكثر استدامة، أصبحت هذه الانظمة أقل شيوعاً في اليخوت الحديثة.
اقرأ أيضًا: صنعت لتهيمن: اليخوت الإيطالية تجسيد للفخامة الراقية والإرث العريق
نظام الدفع بالهيدروجين وخلايا الوقود Hydrogen and Fuel Cell Propulsion
مع توجه اليخوت نحو الحلول المستدامة، تزايد الاعتماد على أنظمة الدفع بالهيدروجين وخلايا الوقود، وتستخدم هذه الأنظمة خلايا وقود الهيدروجين لتوليد الكهرباء، التي بدورها تشغل المحركات الكهربائية، ما يؤدي إلى انعدام الانبعاثات في أثناء الإبحار، فالمنتج الثانوي الوحيد هنا هو بخار الماء، مما يجعلها من أنظف تقنيات الدفع المتاحة.
ولكن هناك قيودًا عديدة تحول دون انتشارها على نطاق واسع، لعل أهمها هو نقص البنية التحتية للتزود بالوقود، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف تطوير هكذا نظام دفع.
وتعد "فيدشيب Feadship" من رواد هذه التكنولوجيا، حيث أطلقت أول سوبر يخت في العالم يعمل بخلايا وقود الهيدروجين في مايو 2024، بالإضافة إلى "لارسن Lurssen" التي من المتوقع أن تطلق "كوزموس Cosmos" عام 2026.
نظام الدفع بالطاقة الشمسية والطاقة الكهربائية Solar-electric Propulsion
نظام دفع مستدام متاح لليخوت الفاخرة، حيث تستخدم الطاقة الشمسية مباشرة لتشغيل المحركات الكهربائية، ويدمج عادة مع نظام تخزين الطاقة في البطاريات، وذلك لتوفير طاقة مستمرة ليكون الإبحار خالياً من الانبعاثات، ويقلل هذا النظام من الاعتماد على محركات الديزل، من ثم تقليص تكاليف الوقود والانبعاثات الناجمة عنها.
ويتميز أيضاً بالتشغيل الصامت، فيما يسمح برحلات أطول، بسبب عدم اعتماده على محطات التزود بالوقود.
ورغم ذلك يواجه النظام تحديات عديدة، منها محدودية توليد الطاقة، وارتفاع التكاليف الأولية وضيق المساحة لتركيب الألواح الشمسية، بالإضافة إلى المعدات الأخرى الضرورية لتوليد وتخزين ما يكفي من الطاقة.
ولكن الخبر الجيد هو أن التطورات في تكنولوجيا البطاريات تساهم حالياً في زيادة شيوع دمج الطاقة الشمسية.
وعلى الرغم من أنه يستخدم عادة لليخوت الصغيرة، مثل يخت سنريف ٨٠ باور ايكو أس أو ال Sunreef 80 power Eco SOL"، الذي يصل طوله إلى 23،8 متراً، إلا أن يخت "فيدشيب بي Feadship B" الذي يصل طوله الى 59،6 متراً يعمل بهذه الطاقة أيضًا، ما يجعله أكبر يخت يعمل بنظام الطاقة الشمسية التي تساعد على توليد الطاقة.
كيف تختار نظام الدفع الذي يناسبك؟
يعتمد اختيار أفضل نظام دفع ليختك الفاخر على مجموعة من العوامل، منها الغاية من استخدام اليخت، متطلبات السرعة، وكفاءة استهلاك الوقود وكذلك التأثير البيئي.
لرحلات الإبحار الطويلة، تظل أنظمة الديزل التقليدية، أو الديزل - الكهربائية هي الخيار الأنسب والأكثر عملية.
أما إذا كنت تريد تقليل الانبعاثات وضمان إبحار هادئ وصامت، فأنظمة الدفع الهجينة وتقنية خلايا الوقود والدفع الشمسي - الكهربائي تعد حلولاً واعدة.
وفي المقابل، يفضل عشاق السرعة العالية أنظمة الدفع بنفاثات المياه، أو التوربينات الغازية لما توفره من أداء متفوق.
ومع التقدم المستمر في هندسة السفن، تستمر أنظمة دفع اليخوت الفاخرة في التطور، حيث تظهر خيارات أكثر استدامة وكفاءة وقوة كل عقد تقريباً.
وبفضل اعتماد الصناعة للتقنيات الحديثة، من المتوقع أن تتضمن اليخوت المستقبلية حلول دفع مبتكرة ومتقدمة، مثل "اتش في أو HVO" (زيت نباتي معالج بالهيدوجين Hydrotreated Vegetable Oil)، والذي هو نوع متقدم من الوقود الحيوي، ينتج من زيوت نباتية ودهون حيوانية معاد معالجتها باستخدام الهيدروجين تحت ضغط وحرارة عالية، وينتج عن هذه العملية وقوداً نقياً عالي الجودة، يشبه الديزل لكنه أكثر نظافة وصديقاً للبيئة، وهذا النوع من الوقود يبدو أنه سيعيد تعريف مفهوم أنظمة الدفع في اليخوت الفاخرة.
