رقمان يبدلان شخصيتك كلياً.. ما سرهما؟
بطبيعة الحال شخصيات البشر تتطور مع تقدمها بالسن، فما كنت عليه في العاشرة من عمرك لا يشبه بأي شكل من الأشكال ما أصبحت عليه في عقدك الثاني.
ومع ذلك هناك بعض «الأساسيات» التي تبقى جزءاً من شخصية الفرد، والتي يخيل إلينا بأنها لا تتبدل. قد تتطور وتؤدي الى أمور أخرى ولكنها ثابتة بإعتبار أنها من الأسس التي تكون شخصية هذا الفرد أو ذاك.
ولكن العلماء إكتشفوا أمراً مثيراً جداً للإهتمام والذي قد يقلب قناعاتك تلك رأساً على عقب.
رقمان في حياة كل شخص يشكلان نقطة تحول جذرية تجعل الشخصية تتغير بشكل دراماتيكي. وفي الواقع حتى الأسس تتبدل وعليه الشخص يجد نفسه «يختلف» كلياً عما كان عليه في ذلك السن.
الرقمان السحريان
الرقمان هما ١٤ و ٧٧. بطبيعة الحال أنت حالياً لا تشبه كثيراً ما كنت عليه حين كنت في الرابعة عشر من عمرك، فالسن فعل فعله بملامحك وبجلدك وبشعرك، ولكن الامر لا يتعلق فقط بالشكل الخارجي، فأنت بالفعل لا تشبه ما كنت عليه على الإطلاق. في الواقع العلماء يؤكدون انه حين يبلغ الشخص سن الرابعة عشر فسيملك شخصية جديدة مختلفة كلياً عن الشخصية السابقة. وكذلك الامر حين يبلغ الـ ٧٧ من عمره، فهو حينها سيمتلك شخصية جديدة مختلفة كلياً عن الشخصية التي عاش معها لسنوات طويلة.
خبر ممتاز لكل المراهقين
بالتأكيد هو خبر ممتاز لكل مراهق حول العالم، فالشخصية التي يجد الشخص نفسه عالق معها خلال المرحلة الممتدة بين ١٠ الى ١٤ عاماً لن تستمر معه مدى الحياة. فإن كان الشخص إنطوائياً خلال تلك المرحلة فما ينتظره خلال حياته لن يكون على المنوال ذاته. نقطة التحول ستكون في سن الرابعة عشر، فإن كان الشخص إنطوائياً قبل فهو قد يتبدل بشكل كلي ويصبح شخصية إجتماعية من الطراز الأول بعد تجاوزه هذا السن، والعكس صحيح تماماً. فالشخص الذي يكون إجتماعياً قد يصبح إنطوائياً. ثم سيتكرر التبدل الجذري هذا في سن الـ٧٧. ولكن الامر لا ينحصر فقط بشخصية إجتماعية أو إنطوائية بل بالأسس التي تشكل الشخصية.
دراسة إمتدت لـ ٦٣ عاماً
إكتشف ماثو موريس وعدد من الزملاء في جامعة إدنبره أن الأشخاص وبعد تقدمهم بالسن يملكون شخصيات مختلفة كلياً عن تلك التي يملكونها خلال سنوات المراهقة. الدراسة بدأت في العام ١٩٥٠ وشملت اكثر من ١٢٠٩ شخصاً يبلغون الرابعة عشر من عمرهم ومع نهاية العام ٢٠١٢ كان المشاركين في هذه الدراسة قد بلغوا الـ ٧٧ من عمرهم. فما الذي حدث خلال هذه السنوات؟
الإجابة المختصرة هي أكثر بكثير مما يخيل إليكم.
حين بدأت الدراسة تم تسجيل بعض الخصال الأساسية التي يملكها الذين شاركوا في الدراسة والذين كانوا حينها في سن المراهقة.. والتي هي الثقة بالنفس، الثبات والمواظبة، إستقرار المزاج، الضمير الحي، التفرد، والرغبة في التعلم وتحقيق النجاح.
وفي العام ٢٠١٢ تم إعادة تقييمهم بعد مرور ٦٣ سنة على التقييم الاول. وقاموا هذه المرة بتقييم أنفسهم وفق ٦ خانات وطلب من شخص مقرب منهم منذ سنوات طويلة تقييمهم أيضاً. وكم تبين من التقييم فإن جميع الأشخاص باتوا يملكون شخصيات جديدة مختلفة كلياً عما كانوا عليه في سن الرابعة عشر. وفي الواقع العلماء لم يجدوا عاملاً واحداً مشتركاً بين شخصياتهم في سن الرابعة عشر وبين شخصياتهم في سن الـ ٧٧.
شاهد| مقطع سرقة كلاب في فيتنام يحقق انتشارا واسعا على مواقع التواصل
أنت حالياً تتحول بشكل تدريجي لشخص آخر
الدراسة وجدت أنه كلما كان الفارق الزمني أكبر كلما كانت العلاقة بين الشخصيتين أضعف. مثلاَ لو قارنت شخصيتك حين كنت في الـ ١٢ من عمرها بشخصيتك وأنت في الـ ٤٢ من عمرك فستجد الكثير من الخصال المشتركة وسيمكنك بالتأكيد إيجاد بعض النقاط المشتركة.. ولكن قم بمقارنة شخصيتك بفارق زمني أكبر وستجد انك لن تتمكن من إيجاد أي نقاط مشتركة على الإطلاق.
ما يحصل حالياً هو أنك تفقد أي صلة شيئاً فشيئاً مع شخصيتك السابقة.. الروابط وما كان يجمعك بها والأسس التي من المفترض أن شخصيتك تقوم عليها تتبدل بشكل تدريجي. وعليه ستصل فيها الى مرحلة ستتبدل فيها بشكل كلي ومن ضمنها أحياناً القيم والمبادئ وحتى نظرتك الى الحياة. .
خلال سنوات المراهقة يكون الشخص أقل إلتزاماً بما يمليه عليه ضميره، كما يكون أكثر إندفاعاً ومزاجياً وسريع الإنفعال. ثم وبعد ذلك بسنوات وخلال تحوله الى مرحلة النضوج يختبر الشخص بعض السنوات يكون خلالها إجتماعياً أكثر مما كان عليه سابقاً ثم يعكس الانماط التي كان عليها خلالها إنتقاله الى مرحلة النضوج.
وبغض النظر عن التبدلات التي يفرضها النضوج فإن الأسس التي تبنى عليه الشخصيات من المفترض أن تستمر ولو بشكل طفيف. وفي الوقت الذي وجد فيه العلماء روابط بسيطة للغاية بين الإستقرار في المزاج وبين الضمير الحي إلا أنهم لم يجدوا أي صلة بين السمات الأخرى التي قولبت الشخصيات في المرحلتين العمريتين.
التبدل نحو الأفضل أو الأسوأ؟
في الواقع لا مجال لمعرفة ذلك، فالأمر يرتبط بالتجارب التي يخضع لها الشخص بين الفترة الممتدة بين ١٤ عاماً والـ ٧٧ عاماً، فهو قد يتحول مما هو سيء الى ما هو أفضل وقد يكون النقيض كلياً. ولكن ما هو رائع في هذا الامر هو أن الشخص لن يشعر بعد الآن بانه سجين شخصيته التي لا يمكنه تبديلها، فهي ستتبدل وبكل كلي بين فترة زمنية واخرى.
إنفوجراف| كل ما تريد معرفته عن القطار الذى يربط دول الخليج بسرعة 221 كم