نارت بوران: التنفيذي الشاب الذي أدخل "سكاي نيوز" حلبة المنافسة
مـحـمد نـصـار - ابوظبي :
"لم اعمل في مكان الا وكنت فخوراً به، فعندما أعرّف عن نفسي أذكر المكان الذي اعمل به اولاً، وليس صفتي الوظيفية".هكذا يختصر المدير العام لقناة "سكاي نيوز عربية" نارت بوران علاقته بموقعه الوظيفي في هذه القناة الواعدة، التي تمكنت بشهادة الارقام والاحصائيات، ان تضع لنفسها موقعاً متقدماً في خريطة القنوات الاخبارية العربية الوعرة.
لعلّ اكثر ما يميّز نارت بوران، انه رجل عملي باميتاز، يعرف انه سيحصل على نتائج بقدر ما يقدّم من جهد، الامر الذي منحه صفات وظيفية رفيعة في سنّ مبكرة جداً، سواء في بلده الاردن أو في بريطانيا أو الآن في الإمارات.
"الرجل" التقته وكان الحوار التالي:
- كيف تعرف بنفسك؟
انا أُعرّف بالمكان الذي اعمل فيه، قبل ان اعرف بصفتي الوظيفية،لأني أشعر بالانتماء للمكان الذي اعمل به، فأنا وصلت إلى مرحلة أشعر فيها ان وظيفتي هي حياتي، فلا استطيع ان افصل بين الحياة المهنية والعامة. أما بطاقتي الشخصية، فأنا نارت بوران مواليد عمّان 1/11/1967، تخرجت في المدرسة الوطنية الارثوذوكسية في عمّان، سنة 1985 .عشت في عمان نحو 16 سنة، ثم سافرت الى الولايات المتحدة الامريكيةلإتمام دراستي الجامعية، في الوقت الذي توجه فيه جيلي الى الدراسة العلمية،كنت اشعر بأن توجهي الى التاريخ والجغرافيا والسياسة والعلوم الاجتماعية، فحولت دراستي الى القانون الدولي. وأنهيتها في 1989 . فرجعت الى عمان والتحقت بماجستير في العلاقات الدولية في الاردن .
- وكيف دخلت إلى عالم الاعلام ومؤسساته؟
في سنة 1990 تاريخ احتلال الكويت،تحولت منطقة الشرق الاوسط الى استوديو كبير،واصبح الجميع مهتمون بنقل الاخبار والاحداث، وكانت تلك اول مرة ادخل فيها الى استوديو تلفزيوني مع صديق لي. شعرت في حينها أني في المكان المناسب، ضمن الكاميرات والاضاءة والناس تتحرك كخلية النحل. البداية المهنية كانت بالمصادفة،عندما دخلت الاستوديو شعرت ان هذه وظيفتي، لكن عليّ ان ابذل جهداً مضاعفاً وأتعلم،لأن الصحافة كانت بعيدة عن دراستي، وجزء منها ايضا كان فيه مخاطرة، لذلك في عام 1991 تطوعت للذهاب لتغطية الاحداث في بغداد، وكنت صغيراً(22 سنة)، كنت في حينها مع وكالة "فيزنيوز"التي اصبحت بعد ذلك تلفزيون رويترز. المديرون وزملائي في لندن، وقتها لاحظوا فيّ حماس الشباب، ومما افادني فهمي لثقافات المنطقة العربية ولغاتها.من هناك تم اختياري لمهمة بغداد. ومكثت هناك نحوسنة قمت فيها بكل المهام الصحفية.
- هل فتحت لك مهمة بغداد افقاً جديدة؟
ما بين الأعوام 1991 و1995عملت من مصر كمراسل متنقل لتغطية العديد من الأحداث الكبرى في دول المنطقة وخصوصاً في العراق ، و الجزائر، وليبيا، و الصومال، واليمن وكذلك الصراع العربي الإسرائيلي وفي العام 1995قرأت إعلاناً عن وظيفة رئيس تحرير في لندن، وكالة "رويترز"، فتقدمت لها، وفوجئت بقبولي في الوظيفة، وكنت من اصغر رؤساء التحرير الموجودين في "رويترز". وانتقلت الى لندن في بداية 1995، وبقيت 4 سنوات الى 1999 ، و بقيت في "رويترز" نحو 9 سنوات. وبعد فترة تحولت الى وكالة "ا ب" الامريكية،وكان اكثر عملي في القسم التجاري ،لكني لم ابق طويلاً.
- حدثنا عن دورك الإداري في الإعلام الأردني؟
في نهاية 1999 جاءني اتصال من الاردن، بأن هناك توجها بالاستفادة من خبرات الشباب المغتربين ممن لديهم خبرة ،و كان الاردن يشهد تغييرا في فترة تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني. وكان هناك اتفاق بأن أعود وأصبح مديرعام مؤسسة الاذاعة والتلفزيون كان عمري وقتها31 سنة، فرجعت في 2000 ومكثت حتى2002. الى ان تلقيت فرصة للعمل في تلفزيون ابوظبي الذي كان يستعد لانطلاقة اخبارية جديدة وتعلم كم كان لتلفزيون ابو ظبي تاثير ومتابعة في تلك الفترة. مكثت عدة سنوات في تلفزيون وكان بالنسبة لي فرصة لاتعوض،و مرد هذه الفرصة اني كنت اخوض منافسة مع التلفزيونات الاخرى فترة 2002-2006. في احد الايام علمت ان الشخص نفسه الذي ارشدني الى اول فرصة عمل في "رويترز"، اصبح هو المدير العام لتلفزيون "رويترز" في لندن،وأفاجأبه يطلب مني العودة نائباً له،لنبدأ مسيرة التغييرات ونتسلم ادارة التلفزيون.وبعد المشاورات مع العائلة انتقلت في 2006 مجددا الى رويترز .
- هل تشاور العائلة دائما في قراراتك؟
عندما تزوجت، تفاهمت مع زوجتي حول طبيعة عملي التي تتطلب التزاما كبيرا وسفراً قد يطرأ في أي لحظة، وكان لثقتها الدور الأكبر في أي نجاح مهني تمكنت من تحقيقه، ودائما ما أتشاور معها في العديد من قراراتي، وكان هناك توافق دائم بيني وبينها وبقيت في لندن من 2006 -2011،مديراًلقسم تلفزيون رويترز. بعدها عدت لأبوظبي لقناة سكاي نيوز عربية.
- ما الخطة التي وضعتها للصعود بقناة سكاي نيوز؟
المرحلة الاولى بالنسبة لي هي الانطلاقة، واستمرّت نحو سنة ونصف السنة، من لحظة توقيع الاتفاقية لغاية اول بث على الهواء. وهذا يتضمّن تعيين نحو 300 موظف، وتجهيز المبنى، وفتح المكاتب، واختيار العناصر الرئيسية المهمة. فهذا كله تم في وقت قصير وسريع، لذلك كانت اهدافي منسقة على ثلاثة مستويات: على المدى القصير والمتوسط والأبعد.
- الهدف في الفترة الاولى يجب ان يحقق ضمن الميزانية والتوقيت المحددين . ويجب ان لايكون المنتج اقل من المتوقع .
- المرحلة الثانية كان هدفي ان تستقر الامور وتدور العجلة، وأن تنافس هذه القناة بصوتها وهويتها ووجودها، وألّا تكون نسخة من اي قناةأجنبية أو عربية.
- المرحلة الاخيرة هي الى اين تريد ان تصل بعد سنتين او ثلاث وماذا ستقدم للاعلام في المرحلة القادمة
- ما السلاح الأهم للمدير؟
اعتقد ان اهم سلاح وأداة في مجال الادارة، هي الخبرة. فلاشيء يعوض الخبرة حتى لو كنت تملك المهارة والتفوق في عملك. وهذا أهم ماتعلمته عندما كنت رئيس تحرير. وهذا له علاقة بالعمر، فأول فلسفة وأهمها،انك كل يوم تتعلم،ويجب ان تدرك ذلك ولا تكابر.
- ما فلسفتك في الإدارةاليوم؟
اتحرك على قاعدة انه عليك ان تتعلم من الجميع، لاتكن خجولاً حتى لو كنت في اكبر المناصب، لأن الناس في كل مكان من السلم الاداري يعتمدون على حكمتك ومعرفتك. فأول نقطة هي الخبرة والتعلم. ثانياً يجب ان يكون الفريق مرتاحاً، وثالثاً أن تكون صريحاً، فهناك مبادئ ادارية في المؤسسات الغربية لم تدخل المؤسّسات العربية بعد، خاصة موضوع التقييم والتواصل مع الناس والموظفين. وأنا افضّل احياناً ان يكون الناس منفتحين معي اكثر، خاصة عندما تكون انت مدير المؤسسة او الشركة.
- هل تتحمّس لصناعة النجوم؟ وما الذي يعنيه تفوق أحد وجوه القناة بالنسبة لك؟
احب نجاح من يعمل معنا في سكاي نيوز، لكني في الوقت نفسه،لا احب ان يتكبّر على المكان الذي يعمل فيه، فلا احد اهم من المكان الذي يعمل فيه. لكن يجب ان تعرف كيف تتعامل مع الموقف، فليس الحل دائماًهو الثواب والعقاب؛ فما دمت تقدم عملاً جيداً، وعلاقتك جيدة مع زملائك، وهناك نجاح مادي ومعنوي، وهذا النجاح ملموس، فأنت في المكان السليم .
- وكيف تتعامل بصفتك مديراً مع موظفيك؟
طريقتي في التعامل مع الناس تستند الى فلسفة ان يكون هناك خطوط حمراء لايمكن تجاوزها. وأنا حازم بالتعامل لا اظن اني متراخٍ مع الناس.. فهناك قاعدة ان تكون عادلاًومحقاً وحازما. نحن في سكاي نيوز لا نتعامل مع فرض وجوه معينة على الشاشة، لأننا موقنون بأن هذا سوق مفتوح، ففي النهاية هناك جمهور يحكم، ولو كان نجاحك يعتمد على المنتج او على من يشاهدك، تكون مخطئاً، لو حاولت فرض وجوه معيّنة على الناس.
- أين تصنّف مؤسستك اليوم؟
بدانا بصعود الدرج من اوله، وقطعنا شوطاً مهماً وإذا اردت ان اعطيك توصيفاً سريعاً لواقع سكاي نيوز اليوم، اقول لك إننا في صعود سريع ومستمر.
- كقناة تعتمد على الإعلام الجديد ومنصتها الإلكترونية للوصول الى جمهورها الواسع، كيف تنظر الى دور وسائل التواصل الاجتماعي ومستقبلها في مهنتك؟
السوشال ميديا بالنسبة لي مازال في بداياته، ولم نر بعد كيف سيكبر ويتطور، لكنه مهم جداً من ناحية مصادر الاخبار وكيفية توزيعها. لا نزال بحاجة إلى مزيد من الوقت لنتمكن من تقييم دور هذه الوسائل،ومكانتها ومستقبلها، هل تستمر هل تضعف ام تقوى.
- نلتقي بك هنا وأنت في غرفة عمليات تتابع كل ما يتعلق بالقناة وفرق، عملها ما الذي يتبقى للعائلة؟
انا اب لطفل واحد عمره 11 سنة، احب الرياضة،وقبل سكاي كانت الرياضة جزءاً يومياًمن حياتي بالاضافة إلى القراءة والموسيقى.
- في حياتك المهنية، كيف هي النسبة المئوية لكل من العمل، والذكاء، والحظ في تحقيق النجاح؟
النسبة المئوية للعمل :العمل 50%، والذكاء يتوزع على أشكال كثيرة، فهناك ذكاء يأتي مع الوقت كدروس. أما الحظ فله الجزء الاصغر.. لكن لاشيء اهم من العمل.