حريق المتحف الوطني بالبرازيل.. كارثة «ثقافية تاريخية حضارية واقتصادية»
شب حريق في متحف البرازيل الوطني في ريو دي جانيرو ، والذي يعد أقدم المتاحف التاريخية والعلمية في البرازيل ، مساء يوم الأحد 2 من شهر سبتمبر الجاري، بعد إغلاق المنشأة لهذا اليوم، الأمر الذي وقع على الأثريين والبيولوجيين ومحبي الطبيعية والأثار كالصاعقة، وذلك لما يمثله هذا المبنى من مكانة كبيرة و عريقة، بجانب المحتوى الضخم الذي يضمه بداخله من حضارات لعقود بل لآلاف العقود التي مضت.
وقال رئيس دولة البرازيل، ميشيل تيمر، في تغريدة له على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" تعليقا على هذا الحادث المؤلم:" إنه يوم حزين لكل البرازيليين حيث خسرنا 200 عام من العمل والبحث والمعرفة".
وقالت مارينا سيلفا ، وزيرة البيئة السابقة والمرشحة في الانتخابات الرئاسية القادمة، إن الحريق يشبه "عملية جراحية دقيقة في الذاكرة البرازيلية".
وعلقت لويز دوارتي ، نائبة مدير المتحف ، لشبكة "جلوبو" التلفزيونية: "إنها كارثة لا تطاق، إنها 200 سنة من تراث هذا البلد، إنها 200 سنة من الذاكرة. إنها 200 سنة من العلم، إنها 200 سنة من الثقافة ، والتعليم .
تاريخ إنشاء المتحف الوطني بالبرازيل
تم انشاء المتحف الوطنبي بالبرازيل عام 1818 أي منذ 200 عام، من قبل الملك البرتغالي دوم جواو السادس، بهدف تشجيع البحث العلمي، وضم المتحف في ذلك الوقت أساساً عينات لبعض الحيوانات خاصة الطيور، ولكن مع حلول نهاية القرن التاسع عشر طوره الامبراطور دوم بيدرو الثاني، ليشمل نشاطات الانثروبولوجيا وعلم المتحجرات وعلم الآثار، ليضم المتحف في ذلك الوقت بعض القطع التي تخص فنون مصر القديمة والأحافير.
ما الذي يضمه المتحف الوطني بالبرازيل حاليا؟
الأمر الذي أصاب محبي المتاحف التاريخية والعلمية بصدمة كبيرة لم يستطيعوا إدراكها حتى الآن، هي أنه من المعتقد أن كافة المحتويات التي يضمها المتحف قد تم تدميرها، ألا وهي:
- أكثر من 20 مليون قطعة أثرية وحفريات أثرية بعضها نادر .
- أكبر نيزك تم اكتشافه في البلاد
- هيكلًا عظميًا يبلغ عمره 12000 عامًا لسيدة تُعرف باسم "لوزيا" ، والذي يعد أقدم هيكل عظمي تم اكتشافه حتى الأن في الأمريكتين.
- كان المبنى أيضًا موطنا لوثائق تغطي القرون العديد من وصول البرتغاليين في القرن السادس عشر إلى إعلان جمهورية في عام 1889.
- أرشيف ضخم حول مجتمعات البرازيل الأصلية
- أعمال فنية ومصنوعات يدوية من العصر اليوناني الروماني ومصر.
المأساة الاقتصادية
النيران لم تشعل المتحف الوطني البرازيلي فقط، بل في الحقيقة، لقد اشتعلت النيران المدينة، بل البلد بأكملها و زادت من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
و تعيش ريو دي جانيرو أزمة شديدة في كافة المجالات، خاصة بعد أن ازدادت حدة العنف، والانحدار الاقتصادي العميق، الذي يعود أسبابه إلى عام 2016 حيث استضافت البرازيل الألعاب الأولمبية - وهو الحدث الذي سكبت فيه البرازيل مليارات الدولارات.
لكن مخلفات الحدث الرياضي أصابت ريو بقوة، أضف إلى ذلك حقيقة أن الإنفاق الفيدرالي قد خُفض ، ومع ازدياد العنف ، انخفضت أعداد السياح أيضًا.
ومع مثل تلك الخسارة الشديدة للبرازيل، بخسارتها لأكبر وأقدم متاحفها التاريخية والطبيعية، فستواجه أزمة اقتصادية أكبر مما هي عليه، بسبب العنف و الفساد، بجانب تدمير أثارها التي كانت السياح تسعى لرؤيتها خلال الزيارة.
أغرب قصص الحب.. ملك يتزوج حبيبته بعد موتها وينصب جثتها ملكة لبلاده
واعتبر بعض البرازيليين النار بمثابة استعارة عن صدمات بلادهم وهي تخوض مستويات مرعبة من جرائم العنف وآثار الركود الذي خلف أكثر من 12 مليون شخص عاطلين عن العمل.
على من يقع اللوم في حريق المتحف الوطني بالبرازيل؟
وقالت لويز دوارتي ، نائبمدير المتحف، إن اللوم يقع على الحكومات في فشلها في دعم المتحف والسماح له بالانهيار، حيث أكدت أنه في عيد ميلاد المتحف الـ 200 في يونيو ، لم يظهر وزير دولة واحد، مضيفة:"لقد ناضلنا لسنوات عديدة مع حكومات مختلفة للحصول على الموارد الكافية للحفاظ على ما تم تدميره بالكامل الآن ومن بينها الحرائق".
في سياق متصل، تجمع العديد من السكان الأصليين وانتقدوا حقيقة أن المتحف الذي يحتوي على أثمن القطع الأثرية قد احترق على ما يبدو لأنه لم يكن هناك أي مال لصيانة الحنفيات، في المقابل تمكنت المدينة مؤخرًا من العثور على ميزانية ضخمة لبناء علامة تجارية جديدة، ملقين اللوم على سياسات الحكومة التقشفية والفساد – على حد قولهم-.