اضطراب ما بعد الصدمة "الكرب".. الأنواع والأعراض وطرق العلاج
كثيرةٌ هي صدمات الحياة، عديدة هي لا تتوقّف أبدًا، وإن خفت بريقها فترةً من الزمن لكنّها قد تصدمك في وقتٍ ما، وتعامُل كل إنسانٍ مع الصدمات أو الكوارث أو الأحداث الأليمة مُختلف عن غيره، فمن الناس من يضبط أعصابه ويملك رباطة جأشه.
ومنهم من يهلع ويشعر بذعرٍ بالغ، ومنهم من لا يشعر بشيءٍ في الحال، لكن سُرعان ما يُعانِي اضطراب ما بعد الصدمة، ويُعاد شريط الأحداث في ذاكرته مرارًا وتكرارًا، بل قد يُطارِده الحدث نفسه في أحلامه وكوابيسه خلال الليل رغم مرور بعض الوقت عليه، ما هذا؟ هل تحوّل الحدث الأليم الذي مضى إلى كابوسٍ حقيقي يجثم على حياة الإنسان؟
الحقيقة أنّ اضطراب ما بعد الصدمة اضطراب نفسي، شأنه شأن أي اضطرابٍ نفسي آخر، له أعراضه وأسبابه وأيضًا أنواعه، فما أهم تلك الأعراض التي تدل عليه؟ وما سبل علاجه أو تخفيف أعراضه؟
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟
اضطراب نفسي يُصِيب الأشخاص الذين عانوا أو شهدوا حدثًا مؤلمًا، أو سلسلة من الأحداث المؤلمة، بما يُؤثِر في صحة الإنسان النفسية والجسدية والروحية.
ومن أمثلة الأحداث المؤلمة التي قد تأتي في نهايتها بذلك الاضطراب، الكوارث الطبيعية، والحروب، والصدمات التاريخية، والتنمر، وغيرها.
ومع الوقوع في حبائل ذلك الاضطراب، فقد تأتيك ذكريات من الماضي وكوابيس تتعلّق بالحدث المؤلم الذي شهدته، كما قد تميل إلى تجنُّب المواقف التي تُعِيد إليك تلك الذكريات غير المرغوب فيها، والتي تجعلك تُعانِي القلق أو الحزن أو الغضب.
ويمتلك المُصابون باضطراب ما بعد الصدمة مشاعر شديدة تستمر معهم فترة طويلة حتى بعد انتهاء الحدث المؤلم، بل قد يشعرون بانفصالهم عن الآخرين، وربّما يكون لديهم ردود فعل سلبية قوية على بعض الأمور العادية، مثل الضوضاء العالية أو اللمس العرَضي.
ما هي أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (الكرب)؟
تختلف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة من إنسانٍ إلى آخر، لاختلاف قدرة الجهاز العصبي لكل امرءٍ على التحمّل، فبعض الناس قد تظهر عليهم الأعراض في غضون ساعات أو أيام بعد الصدمة أو الحادث الأليم.
بينما قد تظهر على بعضهم في غضون أسابيع أو شهور أو سنوات، وتشمل الأعراض الرئيسة لاضطراب ما بعد الصدمة:
1. إعادة تذكُّر الحدث الأليم
وهذا يشمل:
- تكرر الذكريات المزعجة عن الحدث.
- الشعور بأنّ الحدث المؤلم يحدث مرة أخرى أو استرجاع لقطات من الماضي.
- الكوابيس سواء التي تتعلّق بالحدث أو بأشياء أخرى مخيفة.
- الشعور بضيقٍ شديد عند التذكير بالصدمة أو الحدث.
- ردود فعل جسدية شديدة عند التذكير بالحدث، مثل زيادة سرعة ضربات القلب، وسرعة التنفس، والغثيان والتعرّق.
2. التجنّب
ومن ذلك:
- تجنّب الأنشطة أو الأماكن أو المشاعر التي تُذكِّرك بالحدث الأليم.
- عدم القدرة على تذكّر بعض الجوانب الهامة المتعلقة بالحدث.
- فقدان الشغف في الأنشطة والحياة عمومًا.
- الشعور بالانفصال عن الآخرين والخدر العاطفي.
- الإحساس أنّ مستقبلك محدود، فلا تتوقّع مثلًا أن تعيش مُدّة حياتك الطبيعية أو أنّك لن تتزوج أو لن تمتلك مسارًا مهنيًا ناجحًا.
3. الإثارة الانفعالية وزيادة القلق
وهذا قد يؤدي إلى:
- صعوبة النوم أو البقاء نائمًا لفترات طويلة.
- نوبات الغضب.
- صعوبة التركيز.
- اليقظة المفرطة.
- سلوك مدمّر للذات أو متهور.
- سهولة أن يُذهَل الإنسان.
4. الفكر السلبي وتغيّرات المزاج
ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
- امتلاك أفكار سلبية حول ذاتك أو العالم.
- صعوبة الإحساس بمشاعر طيّبة، مثل السعادة والرضا.
- الشعور بالوحدة.
- الاكتئاب واليأس.
- الإحساس بعدم الثقة والخيانة.
- لوم الذات والشعور بالعار أو الذنب.
- إدمان المواد المخدرة.
- الأفكار الانتحارية.
وقد تتفاقم هذه الأعراض بعد الحدث المؤلم، بما قد يؤدي إلى انفصال المرء عن أصدقائه وأفراد أسرته.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال والمراهقين
قد تختلف أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة عند الأطفال، خاصةً الأطفال الصغار جدًا، عن البالغين، وقد تضمّ:
- الخوف من الانفصال عن الوالدين.
- فقدان المهارات المُكتسبة سابقًا، مثل التدريب على الذهاب إلى المرحاض.
- اضطرابات النوم والكوابيس.
- رهاب جديد وقلق يبدو غير مُرتبطٍ بالصدمة، مثل الخوف من الوحوش.
- تمثيل الصدمة من خلال اللعب أو القصص والرسومات.
- المعاناة من آلامٍ دون سببٍ واضح.
- العدوانية وسُرعة الانفعال.
أنواع اضطراب ما بعد الصدمة
وصف الأطباء عِدّة أنواعٍ من اضطراب ما بعد الصدمة، حسب موقع "Verywellhealth":
1. اضطراب التوتر الحاد
يُشخّص اضطراب ما بعد الصدمة بعد مرور 4 أسابيع من الصدمة عادةً، أمّا ذلك النوع وهو اضطراب التوتر الحاد فيُشخّص بعد الصدمة مباشرةً وحتى 4 أسابيع من مُعاينتها.
ونحو 6 - 33% من الناس قد يُعانُون اضطراب التوتر الحاد في غضون شهرٍ من حدث مؤلم، فمثلًا حادث السيارة، قد يزيد فرص الإصابة باضطراب التوتر الحاد لدى 13 - 21% من الأفراد، مقارنةً بـ20 - 51% في التعرّض لهجوم مسلح أو اغتصاب.
2. اضطراب ما بعد الصدمة المعقد
يحدث اضطراب ما بعد الصدمة المعقد بسبب المعاناة من فترة صدمة طويلة، مثل إساءة معاملة الأطفال، أو العنف الأسري طويل الأمد، والجامع في كل ذلك أنّها صدمات مزمنة تستمر لفترة طويلة.
كذلك قد يحدث ذلك الاضطراب نتيجة التعرّض لصدمات مُتعدِّدة، سواء كانت من نفس النوع أو متنوعة، ويُعدّ اضطراب ما بعد الصدمة المُعقّد أشدّ الأنواع.
وعادةً ما يُعانِي المُصابون بذلك النوع مشكلات واسعة تتعلّق بالمشاعر والشعور بالذات، وربّما الدخول في علاقات مع الآخرين.
وقد يختلط تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة المعقد مع بعض الاضطرابات الأخرى، مثل:
- اضطراب الشخصية الحدية.
- اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
- الاضطرابات التفارقية.
- الاضطراب ثنائي القطب.
3. اضطراب ما بعد الصدمة المتأخر
يُطلَق اضطراب ما بعد الصدمة المتأخر على ظهور الأعراض بعد أكثر من 6 أشهر على تعرُّضك للصدمة، وقد يتأخّر ظهور الأعراض في بعض الأحيان لفترةٍ أطول قد تصل إلى سنوات بعد وقوع الحادث.
4. اضطراب ما بعد الصدمة الانفصالي (التفارقي)
قد يُعانِي المُصاب بذلك النوع من الانفصال أو التفارق، بما قد يتضمّن تبدُّد الشخصية "الشعور بالانفصال عن الجسد أو العقل إلى حد الشعور بأنّك تراقب نفسك"، أو الغربة عن الواقع "الشعور بأنّ البيئة أو العالم غير واقعي أو منفصل عنك أو حتى يُشبِه الحلم".
وقد يشعرون كما لو أنّهم يُعِيدون تجربة الصدمة، ومن المرجح أن يحدث ذلك الاضطراب عند من عانوا الصدمة في وقتٍ مبكرٍ من العمر، كما في إساءة معاملة الأطفال أو صدمة الطفولة.
5. اضطراب ما بعد الصدمة غير المُعقّد
ينشأ ذلك الاضطراب عادةً من حدثٍ مؤلم واحد، مثل حادث سيارة كبير، فهؤلاء يُعانُون نفس الأعراض المتعلقة باضطراب ما بعد الصدمة، مثل إعادة تذكّر الحدث، وتجنُّب الأماكن أو الأشخاص المُرتبطين بالصدمة.
وبمثال حادث السيارة، فقد تكون سلوكيات اضطراب ما بعد الصدمة غير المُعقّد مُتضمِّنة:
- اتخاذ طرق أطول لتجنّب موقع الحادث السابق.
- القيادة بسرعة أبطأ بكثير لعدم القدرة على التجاوب مع تغيّر أضواء الإشارات بالسرعة نفسها (بطء وقت رد الفعل من علامات اضطراب ما بعد الصدمة غير المُعقّد).
6. اضطراب ما بعد الصدمة المرضي
يُطلَق على اضطراب ما بعد الصدمة المُتزامِن مع اضطراب آخر مرتبط بالصدمة، لكنّه لا يندرج تحت تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة.
فقد يُعانِي بعض الناس اضطرابات نفسية أخرى إلى جانب اضطراب ما بعد الصدمة، مثل:
- اضطراب إدمان المخدرات.
- اضطراب الاكتئاب الشديد.
- اضطرابات القلق.
- الرهاب.
- اضطراب الوسواس القهري.
- اضطرابات الأكل.
- الاضطرابات الذهانية.
ما هي أسباب اضطراب ما بعد الصدمة؟
يُصاب الأشخاص باضطراب ما بعد الصدمة بعد التعرّض لحدثٍ أليم أو صدمة استثنائية، مثل وفاة شخص ما، أو التعرّض لتهديد، أو المعاناة من إصابةٍ خطيرةٍ، أو غير ذلك.
وليس من الواضح لماذا يُصاب بعض الناس باضطراب ما بعد الصدمة بينما لا يُصاب آخرون، وقد يكون هناك بعض العوامل التي تزيد خطر الإصابة به.
عوامل خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة
تشمل العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة:
- خوض تجربة مؤلمة سابقة، خاصةً في مرحلة الطفولة.
- التعرّض لإصابة أو جرح، أو رؤية أناس يُؤذَون أو يُقتَلون.
- الشعور بالرعب أو الخوف، أو العجز الشديد.
- الحصول على دعم اجتماعي ضئيل أو معدوم بعد الحدث الأليم.
- التعامل مع صدمة إضافية بعد الحدث، مثل فقدان أحد أفراد الأسرة، أو فقدان الوظيفة أو المنزل.
- سبق إصابتك أو إصابة أحد أفراد أُسرتك باضطرابٍ نفسي، مثل الاكتئاب أو القلق.
- اضطراب إدمان المواد المخدرة.
وعلى النقيض من ذلك فهناك بعض العوامل، التي تُشكِّل حائط صدٍ قد يمنع اضطراب ما بعد الصدمة أو يُخفِّف وطأته، مثل:
- التماس الدعم من الأصدقاء أو العائلة أو مجموعات الدعم.
- تعلّم الشعور بالراحة مع تصرّفاتك استجابة لحدثٍ صادم.
- امتلاك استراتيجية تأقلم على الحدث الصادم والتعلُّم منه.
- أن تكون مستعدًا للاستجابة للأحداث المؤلمة فور حدوثها رغم شعورك بالخوف.
تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة
لا يُوجَد اختبار مُعيّن لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة، لكن قد يسأل الطبيب المريض بشأن الأعراض التي يُعانِيها، أو التاريخ المرضي أو ما إذا أُصِيب مُسبقًا باضطرابٍ نفسي، وأخيرًا ما إذا كان تعرّض لصدمةٍ أو حادثٍ أليم.
وقد يكون من الصعب التحدّث عن الصدمة بالطبع، لذلك ينبغي للمُصاب إحضار أحد أفراد أُسرته معه عند زيارته للطبيب للحصول على دعمه والمساعدة في تقديم التفاصيل التي يحتاج إليها الطبيب بشأن الأعراض وتغيّرات السلوك.
ويعتمد الأطباء على معايير التشخيص في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية "DSM-5"، والذي يشترط أن تظهر الأعراض التالية لمدة شهرٍ واحدٍ على الأقل:
- عرض واحد على الأقل لإعادة تذكّر الحدث، مثل تكرر الذكريات المزعجة عن الحدث.
- عرض واحد على الأقل للتجنّب، مثل البقاء بعيدًا عن مكان الحدث.
- عرضان على الأقل من الإثارة الانفعالية، مثل صعوبة التركيز ونوبات الغضب.
- عرضان على الأقل من الفكر السلبي وتغيّرات المزاج، مثل العزلة والوحدة، وصعوبة الشعور بالرضا أو السعادة.
وقد سبق توضيح هذه الأعراض بالتفصيل.
الاضطرابات المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة
هناك بعض الاضطرابات المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة، والتي قد تحدث استجابة أيضًا لحدثٍ مؤلم، مثل:
1. اضطراب التكيّف
يحدث اضطراب التكيّف استجابةٍ لحدثٍ مؤلم أو مجموعة من الأحداث، والأعراض العاطفية أو السلوكية التي يُعانِيها الشخص أشدّ مِمّا هو مُتوقّع بالنسبة إلى نوع الحدث.
وتشمل أعراض ذلك الاضطراب:
- الشعور بالتوتر أو الحزن أو اليأس.
- الانسحاب والابتعاد عن الآخرين.
- التصرّف بتحدٍ أو باندفاع.
- أعراض جسدية، مثل الخفقان والصداع.
وقد تصير هذه الأعراض عائقًا أمام الإنسان لأداء مسؤولياته اليومية المُعتادة، سواء في العمل أو حتى في التعامل الاجتماعي مع الآخرين.
وتبدأ أعراض اضطراب التكيف في غضون 3 أشهر من الحدث المؤلم ولا تستمر أكثر من 6 أشهر بعد انتهاء الحدث أو عواقبه.
ويُقدّر أنّ 5 - 20% من الأفراد الذين يخضعون لعلاج الاضطرابات النفسية لديهم تشخيص رئيس لاضطراب التكيف، كما وجدت دراسة حديثة أنّ أكثر من 15% من البالغين المُصابِين بالسرطان يُعانُون اضطراب التكيف.
2. اضطراب المشاركة الاجتماعية غير المُقيّد
يحدث اضطراب المشاركة الاجتماعية غير المُقيّد (غير المُثبّط) عند الأطفال الذين عانوا إهمالًا اجتماعيًا شديدًا أو حرمانًا قبل سن الثانية؛ إذ يفتقر هؤلاء الأطفال إلى الاحتياجات العاطفية الأساسية للراحة، وتغيّر الأفراد الذين يرعون هؤلاء الأطفال باستمرار (كما في حالة التبنّي) يمنع تكوين رابطًا عاطفيًا مستقرًا.
وينطوي ذلك الاضطراب على انخراط الطفل في سلوكٍ مألوف بشكلٍ مفرط، أو سلوك غير لائق ثقافيًا مع بالغين غير مألوفين بالنسبة له، فمثلًا قد يكون الطفل على استعداد للذهاب مع شخصٍ بالغٍ غير مألوف دون تردد.
وغالبًا ما تحدث تأخيرات في النمو، بما في ذلك التأخر المعرفي واللغوي مع ذلك الاضطراب، حسب موقع "Psychiatry".
وهذا الاضطراب نادر الحدوث، لكن أهم طريقة لعلاجه حال الإصابة به هي العمل مع مُقدّمي الرعاية لضمان ارتباط الطفل عاطفيًا بصورة مناسبة مع من يرعاه.
3. اضطراب التعلّق التفاعلي
يحدث ذلك الاضطراب أيضًا للأطفال الذين عانوا إهمالًا اجتماعيًا شديدًا أو حرمانًا خلال سنوات حياتهم الأولى، فيفتقرون إلى الاحتياجات العاطفية الأساسية.
وينسحب هؤلاء الأطفال عاطفيًا مِمّن يرعونهم، ونادرًا ما يلجأون أصلًا إليهم للحصول على الدعم أو الحماية، وعبر التفاعلات الروتينية معهم، يُظهِر الأطفال القليل من المشاعر الإيجابية، بل قد يُظهِرون خوفًا أو حزنًا غير مُبررين.
وعادةً ما تظهر تلك المشكلات قبل سن الخامسة، كما قد يتعرقل النمو، خاصةً المعرفي واللغوي.
واضطراب التعلّق التفاعلي غير شائع، لكنّ المُعالِج يعمل مع الطفل وأسرته من أجل تعزيز العلاقة بين الطفل وبين من يرعاه.
طرق علاج اضطراب ما بعد الصدمة
ليس كل من تعرّض لصدمةٍ سيُعانِي حتمًا اضطراب ما بعد الصدمة، وليس كُلُّ مصابٍ بذلك الاضطراب سيحتاج إلى علاجٍ نفسي، فقد تهدأ الأعراض أو تختفي بمرور الوقت عند بعض الناس.
لكن العديد من المُصابِين باضطراب ما بعد الصدمة سيحتاجون إلى علاج احترافي للتعافي مِمّا أصابهم، وتشمل طرق العلاج المُناسِبة لهم:
1. العلاج المعرفي السلوكي
أحد فروع العلاج النفسي، وهو فعّال للغاية، ويشمل:
- المُعالَجة المعرفية (Cognitive Processing): علاج سلوكي معرفي، مُثبَت فعاليته بالأدلة، مُصمّم خصيصًا لاضطراب ما بعد الصدمة وما يُصاحِبه من أعراض، ويُركِّز على تغيير المشاعر السلبية المؤلمة، مثل الشعور بالذنب أو العار، وكذا المعتقدات السلبية الناجمة عن الصدمة.
- العلاج بالتعرّض المُطوّل: يستخدم خيالًا متكررًا ومُفصّلًا للصدمة، أو يُعرِّض المريض تدريجيًا بطريقةٍ آمنة ومضبوطة للأمور التي تُحفِّز أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لديه، وذلك بهدف مساعدته على مواجهة الخوف والضيق والتحكّم فيه والتأقلم مع ما حدث.
- العلاج السلوكي المعرفي الذي يُركِّز على الصدمات: نموذج علاجي ثبتت فعاليته بالأدلة للأطفال والمراهقين، يتضممّن تدخّلات حساسة للصدمات، مع بعض المبادئ السلوكية والأُسرية والبشرية.
- إزالة حساسية حركة العين وإعادة المُعالَجة: علاج نفسي يُركِّز على الصدمات النفسية على مدى 3 أشهر تقريبًا، ويُساعِد في إعادة مُعالَجة ذاكرة الصدمة، وبعد أن يحصل الطبيب على تاريخ طويل بشأن ما حدث، يضع خطة العلاج، ويُوجِّه المريض من خلال بعض الأسئلة حول الذكريات المؤلمة.
وحركة العين يُعاد توجيهها لما يُشابِه تلك الموجودة في نوم حركة العين السريعة خلال الجلسة، وذلك من خلال جعل المريض يُشاهِد أصابع المُعالِج تتجه ذهابًا وإيابًا، أو عن طريق مشاهدة شريط ضوئي؛ إذ تستمر حركة العين لفترة وجيزة ثم تتوقف، وبعد الجلسات المتكررة، تميل الذاكرة إلى التغيير وتُصبِح أقل سلبية.
- العلاج الجماعي: يُشجَّع الناجين من أحداث مؤلمة مماثلة على تبادل تجاربهم وردود أفعالهم في بيئة مريحة مناسبة، ويُساعِد أعضاء المجموعة بعضهم البعض على إدراك أنّ كثيرًا من الناس كانوا سيستجيبون بنفس الطريقة ويشعرون بنفس المشاعر، كما قد يُساعِد العلاج الأُسري أيضًا في التعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة.
2. الأدوية
قد تساعد بعض الأدوية في السيطرة على أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، ويُساعِد تخفيف الأعراض بالأدوية المرضى على المشاركة بصورةٍ أكثر فعالية في العلاج النفسي.
ومن الأدوية التي قد يصفها الأطباء مُضادات الاكتئاب، سواء كانت منفردة أم مقترنة بالعلاج النفسي أو غيره من العلاجات.
كذلك قد تُوصَف أدوية أخرى لتخفيف القلق أو علاج الكوابيس واضطرابات النوم التي تُزعِج كثيرًا من المُصابِين باضطراب ما بعد الصدمة.