أيهما أفضل.. الجري في الطقس البارد أم الدافئ؟
نتقلّب بين فصول السنة، من برودة الشتاء إلى حرارة الصيف، وفي كل فصلٍ يخضع الجسم لتغيُّرات لا مفرّ منها، قد تُؤثِّر في لياقته البدنية وقدرته على ممارسة التمارين الرياضية، ومنها الجري، فمع انخفاض الحرارة لا يعرق الإنسان كثيرًا، بينما يحدث العكس مع الطقس الحار، ما يُعرِّضه للجفاف، فأيُّ درجات الحرارة أنسب للجري وممارسة التمارين الرياضية؟
الجري في الطقس البارد
تناولت أبحاثٌ محدودة تأثير الطقس البارد على ممارسة التمارين الرياضية عمومًا، خاصةً التمارين الهوائية، وحسب مراجعةٍ عام 2015 في مجلة علم وظائف الأعضاء الشامل "Journal Comprehensive Physiology"، فقد أظهرت الدراسات القليلة المتاحة تراجُع الأداء الرياضي في الأجواء الباردة.
ورغم عدم وجود إجماعٍ على ذلك الأمر، فقد وجدت إحدى الدراسات أنّ الهواء البارد يخفض الأداء الرياضي بنسبة 5% في درجة -20 درجة مئوية، وذلك مقارنةً مع درجات الحرارة الأدفأ نسبيًا، وبصورةٍ عامة، فإنّ الطقس البارد ليس عائقًا أمام ممارسة التمارين الرياضية.
التغيُّرات الفسيولوجية للجسم في الطقس البارد
تحدث للجسم بعض التغيُّرات الفسيولوجية خلال الطقس البارد، قد يُؤثِّر بعضها في الأداء عند ممارسة التمارين الرياضية، منها:
- ضيق الأوعية الدموية في الأصابع والقدمين.
- زيادة مُعدّل ضربات القلب.
- زيادة مُعدّل التنفس.
- القشعريرة.
- انخفاض القوة العضلية وإنتاج الطاقة.
- انخفاض مُعدّل الدم المُتدفِّق إلى العضلة خلال الراحة وفي أثناء ممارسة التمارين الرياضية، ما قد يزيد مُعدّل الإجهاد العضلي.
فوائد الجري في الطقس البارد
يُساعِد الجري في الطقس البارد على تعزيز الصحة النفسية، وتخفيف أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي خلال فصل الشتاء، كما تُعزِّز الرياضة إنتاج الجسم للحرارة، ما يُساعِد على تدفئة الجسم خلال الطقس البارد.
كذلك في الطقس البارد، لا يحتاج الجسم إلى إرسال كميات كبيرة من الدم إلى الجلد والأطراف "يحدث ذلك بوتيرةٍ أعلى في الطقس الحار لإفراز العرق والتخلص من الحرارة العالية، الأمر الذي قد يُؤدِّي إلى الجفاف"؛ لذلك فإنّ هناك قدرًا أكبر مُتاحًا من الدم للعضلات، وهذا يُمكِّنك من الركض بالوتيرة نفسها، مع مُعدّل أقل لضربات القلب، مقارنةً بالطقس الحار.
مساوئ الجري في الطقس البارد
قد يزيد الجري في الطقس البارد مخاطر الإصابة؛ إذ تُفقِد الرياح الباردة الجسم الحرارة بسرعة أكبر من الرياح الدافئة، خاصةً مع عدم تدفئة الجسم أو ارتداء ملابس مُلائمة للطقس، ويستجيب الجسم لذلك بالقشعريرة والارتجاف، وهذا يخفض كفاءة العضلات في الجري.
نصائح لممارسة الرياضة رغم برودة الجو
يُفضّل اتّباع النصائح الآتية عند الجري في الطقس البارد، أو ممارسة التمارين الرياضية، حفاظًا على الصحة واللياقة البدنية:
- ارتداء الملابس الشتوية، ويُفضّل أن تكون مصنوعة من الألياف الصناعية، مثل البوليستر والنايلون، وليست القطنية؛ لأنّ الألياف الصناعية تجفّ سريعًا ولا تمتص الماء، ولو ابتلّت الملابس في الطقس البارد، فسيزداد مُعدّل فقد الجسم لحرارته، ما يجعل الملابس القطنية غير مناسبة.
- حماية أطراف الجسم، خاصةً أنّها الأكثر تأثُّرًا ببرودة الجو، ومع ممارسة الرياضة، يتحرّك الدم إلى العضلات وأنسجة الجسم الداخلية بعيدًا عن الأطراف؛ لذا يُنصَح بارتداء قفّازات، وكذلك يُفضّل أن تكون من الصوف أو الألياف الصناعية.
- شُرب كميات مناسبة من الماء؛ لترطيب الجسم، وحماية البشرة من الجفاف؛ إذ تتعرَّض للجفاف في الطقس البارد أكثر من غيره من أوقات العام، كما يُفضّل تغطية الوجه بقناعٍ أو وشاح.
- الإحماء أولاً قبل التمرين، إذ يتطلّب الطقس البارد فترة إحماء أطول، فهي تُساعِد على تدفُّق الدم، وتحسين حرارة العضلات، وتقليل خطر الإصابات.
اقرأ أيضًا:هل تعرف تمارين الرفعة الميتة؟.. إليك 9 فوائد لممارستها
الجري في الطقس الحار
أمّا الجري في الطقس الدافئ أو الحار، فيُؤدِّي إلى زيادة مُعدّل ضربات القلب، كما قد يُسبِّب الإجهاد سريعًا، وهذا الإجهاد يُؤثِّر سلبًا على الأداء الرياضي عمومًا، سواء في الجري لمسافات متوسطة أو طويلة، وذلك وفقًا لمراجعة عام 2020 في مجلة درجة الحرارة "Journal Temperature"؛ لأنّ الحرارة العالية تُسبِّب الجفاف.
ومع ارتفاع حرارة الجو عمومًا، يبدأ الجسم في إفراز العرق؛ ليتخلّص من الحرارة المرتفعة بتبخُّر ذلك العرق، لكن هذا قد يُؤدِّي إلى الجفاف، خاصةً إذا لم تُعوَّض السوائل المفقودة عبر العرق، ومِنْ ثَمّ فقد يتراجع مُعدّل العرق لاحقًا، وينخفض حجم الدم، ما يتسبَّب في ارتفاع حرارة الجسم.
وكشفت دراسةٌ عن ماراثون لندن 2018 في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة "Journal of Environmental Research and public Health" عن وجود علاقةٍ بين درجة حرارة يوم السباق ووقت انتهاء المُشارِكين منه، فهذا السباق تحديدًا كان في طقسٍ هو الأشدّ حرارة في تاريخ المسابقة الممتد لـ 37 عامًا، ونتيجة لذلك كان متوسط وقت انتهاء السباق من قِبل المُشارِكين أبطأ من جميع سباقات ماراثون لندن الأخرى.
لماذا تزداد ضربات القلب أكثر عند الجري في الطقس الحار؟
صحيحٌ أنّ العضلات تعمل بقوةٍ في الطقس الحار، لكن القلب يحتاج إلى بذل جهدٍ أكبر؛ لأنّ الدم يتّجه بكميةٍ كبيرةٍ إلى الجلد؛ للتخلُّص من الحرارة المرتفعة للجسم، إثر حرارة الطقس وعمليات التمثيل الغذائي النشطة، وهذا ما يجعل العدّاء أو الرياضي مُحمر الوجه مع ممارسة التمارين.
أيضًا خلال التمارين الرياضية، تحتاج العضلات إلى مزيدٍ من الدم، ويُؤدِّي هذا الطلب المُتزايد على الدم، إلى جانب فقدان قدرٍ من السوائل عبر العرق، إلى انخفاض ضغط الشرايين، وتراجُع كمية الدم التي يضخّها القلب في الضربة الواحدة.
وبسبب انخفاض حجم الدم أو ضغط الشرايين، يستجيب الجسم بزيادة مُعدّل ضربات القلب؛ للحفاظ على مياه الدم التي يضخُّها القلب حول الجسم في الدقيقة؛ لذلك ترتفع وتيرة دقّات القلب عند الجري في الطقس الحار.
نصائح لممارسة الرياضة في الطقس الحار
يُفضَّل اتّباع النصائح الآتية عند الجري أو ممارسة الرياضة في الطقس الحار؛ كي لا يُنهَك الجسم سريعًا:
- تجنُّب ممارسة الرياضة في أشدّ أوقات اليوم حرارة؛ لذلك يُفضّل ممارسة الرياضة في الصباح الباكر أو في نهاية اليوم، أمّا وقت الظهيرة مثلاً فلا يُنصَح به.
- شُرب كميات مناسبة من السوائل قبل ممارسة التمرين وخلال ممارسته، ولا تنتظر إلى أن تشعر بالعطش.
- ارتداء ملابس خفيفة واسعة جيدة التهوية، وإذا كُنتَ تُمارِس الرياضة أو تركض في الشمس، فالألوان الفاتحة، كاللون الأبيض، تعكس الحرارة بشكلٍ أفضل من الألوان القاتمة.
- لا تُفرِط في ممارسة التمارين الرياضية، خاصةً إذا كُنتَ غير معتاد على ممارستها في الطقس الحار، أو لم تكُن لياقتك البدنية في أفضل أحوالها، واسترح إن بدأت الشعور بالتعب.
درجة الحرارة المناسبة للجري وممارسة الرياضة
نُشرت دراسةٌ عام 1983 في مجلة "Running"، مُبرِزة أنَّ درجة الحرارة المُثلى للجري تتراوح بين 10 – 15 درجة مئوية، حسب حالة الفرد والسرعة التي يجري بها.
ويُعتقّد عمومًا أنّ درجة الحرارة المُثلى للجري أو أداء التمارين الرياضية تتراوح بين 10 - 12 درجة مئوية، وفقًا لدراسةٍ أُجريت عام 2010 في المجلة الإسكندنافية للطب والعلوم في الرياضة، وقد تكون درجة الحرارة المثالية أقل من ذلك بالنسبة لمن هم أسرع جريًا وعدوًا.