العرب يفقدون صفقات عقارية في لندن بسبب "المساومة"
لندن: عادل مراد
تعم سوق العقار في لندن حاليا موجة اعلامية غير مسبوقة حول ارتفاعات الاسعار على نحو يومي وتأثير المشترين الاجانب في رفع اسعار السوق واخراج المشترين المحليين منه.
ولكن خبير العقار البريطاني سايمون بارنز الذي يعمل في مجال الاستشارة واقتناء العقارات الفاخرة لصالح زبائنه، واغلبهم من الاجانب، يقول لـ"الرجل" انه على الرغم من اللغط الاعلامي فإن من الضروري في الوقت الحاضر للمستثمر الاجنبي ان يستعين بالنصيحة والارشاد قبل الاقبال على عملية الشراء حتى يتجنب البائعين الذين يطلبون اسعارا خيالية في عقاراتهم من مستثمرين اجانب.
ينصح سايمون بارنز بتجنب سوء المساومة على العقار في لندن ويقول انه شهد صفقات تنهار لذلك السبب لان البائع يعتبر الامر اهانة له ويرفض البيع بأي ثمن لهذا الشخص بعد ذلك. ويؤكد بارنز ان بعض العرب فقدوا صفقات لصالح مستثمرين من شرق اوروبا بسبب "المساومة".
وعن المشترين من منطقة الشرق الاوسط يقول بارنز انهم جزء مهم من السوق، وهم من كبار المشترين في نايتسبردج و مايفير و بلغرافيا. وفي قمة السوق يمثل هؤلاء نحو 20 في المائة، وهم مولعون بالمساومة التي تفقدهم احيانا بعض العقارات المتميزة. كذلك هم يواجهون بعض المعضلات في هذه المناطق منها قصر مدد تراخيص العقار وأيضا تصميم بعض العقارات التي لا تناسب احتياجاتهم. فهم يريدون غرف استقبال منفصلة للرجال والنساء وتصميم مختلف للمطابخ وعددا اكبر من غرف النوم. والمشترون الاكثر نشاطا في السوق الان هم من شرق اوروبا.
وهو يعتقد ان الاستثمار في لندن له تميزه خصوصا في مناطق ارستقراطية مستقرة منذ عقود. ويضيف ان هناك الكثير من المغريات للشراء في لندن منها المدارس الجيدة وأسلوب المعيشة المتميز والمناخ الثقافي والفني. وهناك الكثير من الأثرياء الذين ذهبوا إلى مدن أخرى مثل جنيف للمعيشة هربا من الضرائب، واكتشفوا بعد فترة أن المعيشة في لندن أفضل حتى مع دفع الضرائب. وليست هناك أي دلائل على تراجع هذه الرغبة.
واضاف ان الحصول على الخبرة الاستشارية في سبر اغوار اسواق العقار بتعقيداتها اهم الان من اي وقت مضى. ويحتاج المستثمر الاجنبي الى خبير عقاري لتوجيهه نحو افضل العقارات المتاحة في السوق وتقييم هذه العقارات التقييم الصحيح.
وعن نظرته لاحوال السوق في عام 2014 يقول بارنز ان السوق في المناطق الفاخرة في لندن مستمر في الانطلاق بقوة ولا توجد هناك علامات على تراجع الاسعار. ومازالت رغبة الشراء قوية من مستثمرين من داخل وخارج بريطانيا، خصوصا في المناطق الساخنة في لندن والتي تشمل كنسنغتون ونايتسبردج وبلغرافيا ومايفير.
ويقول بارنز ان هناك الكثير من الاهتمام الاستثماري بلندن ولكن المشكلة التقليدية تظل هي نقص امدادات العقار الفاخر. وهو يؤكد ان المستثمر الاجنبي مازال دقيق الاختيار في نوعية العقارات التي يطلبها. وانه على الرغم من التقارير الصحافية التي تشير الى ارتفاعات عشوائية في اسعار العقار الا ان هذه العقارات التي تلبي كافة المطالب الاستثمارية وتكون في موقع متميز وبحالة استثنائية هي فقط التي تجذب المستثمر وترتفع في السعر.
ويحكي سايمون قصته في مجال العقار بالقول انه كان يعمل في شركة عقارية مقرها في منطقة مايفير بالقرب من فندق كلاريدج، وكان يمر عليه نزلاء الفندق من المترددين على لندن ويقولون له "لو وصل هذا العقار إلى السوق وعرض للبيع، الرجاء الاتصال بنا»، ثم يغادرون لندن لفترات طويلة.
ولذلك قرر أن يبادر هو بسؤال أصحاب هذه العقارات إذا كانوا يريدون البيع لمشتر مستعد لشروطهم. ولم يكن هذا الأسلوب معهودا في ذلك الوقت. وفي معظم الأحوال كان مالك العقار يقول إنه يمكن أن يبيع ولكن بشرط شراء شقة معينة أو عقار مماثل. ولذلك كانت الشركة تقوم بترتيب الصفقة أو سلسلة الصفقات المطلوبة لبيع العقار. وكان هذا الأسلوب يستغرق الكثير من الوقت ولكنه كان أكثر إثارة واختلافا عما تقوم به الشركات الأخرى. كما كان يوثق العلاقات أكثر مع الزبائن بسبب طول فترة التعاون، وكانت المعرفة الشخصية تؤدي في معظم الأحيان إلى صفقات تالية لأفراد الأسرة.
وكانت للزبائن طلبات أخرى مثل شراء بوتيك أو منزل ريفي، ولكن الشركة لم تكن تتعامل في هذه المجالات، فقرر بارنز أن يستقل وأن يعمل بمفرده لتقديم خدمات متكاملة لعدد محدود من الزبائن. وهو نفس نمط تقديم خدمة المحاسبة أو المحاماة، فهو يقدم خدمات الاستشارة العقارية. أيضا تغيرت طبيعة العمل واتجهت الشركات إلى الإنترنت ولكن الإنترنت لا تقدم خدمة مميزة في مجال العقار، وظل الطلب موجودا خصوصا على الخدمة الشخصية التي يمكن من خلالها وصف العقار والحي المحيط به والمشاهد ونوعية الجيران وتلبية مطالب المشترين المختلفة وهكذا.
ويشير بارنز الى ان لندن محدودة المساحة. والجلوس مع العميل والاستماع إلى طلباته يجعل تحديد نوعية العقار وموقعه مسألة سهلة، وهنا يبدأ البحث في منطقة محددة. ويشمل البحث معرفة ما بيع من عقارات خلال السنوات العشر الأخيرة ومن اشترى في المنطقة. ولدى بارنز قاعدة معلومات بكل ما حدث في قطاع العقار الذي يعمل به منذ السبعينات. ويمكن بعد فترة تحديد موقع العقار المطلوب، وبعد ذلك تتطلب المسألة بعض الصبر والعمل الجاد. وفي معظم الأحوال لا يمانع أصحاب العقار في البيع. والمرات التي قال فيها أصحاب العقار إنهم رافضون تماما لفكرة البيع هي مرات محدودة.
ويرفض بارنز مسألة توجه المشتري الى البائع مباشرة لعدة اسباب. ويقول ان المسألة تتعلق اساسا بالسعر. فعندما يحاول مثلا مشتر من شرق أوروبا طلب شراء عقار معين ويعلن عن هويته وقدرته المالية، فلن تكون لديه القدرة على التفاوض وقد ينتهي به الأمر بدفع مبالغ أعلى بكثير من استخدام وكيل شراء محترف. والوسيط أو وكيل الشراء يحمي هوية المشتري ويحصل على أفضل الشروط.