ماذا قال لي المخضرم براين تريسي؟
محمد النغيمش
حاولت أن اقتحم جدوله المزدحم، لأجري معه حواراً قصيراً أنقله إلى القرّاء الأعزاء، لكن لحسن الحظ امتدّ اللقاء إلى نحو 40 دقيقة، غادر بعدها إلى المطار.
كان ذلك مع المحاضر العالمي الأميركي براين تريسي، أحد آخر جيل عمالقة التدريب القيادي والإداري، ممّن ما زالوا على قيد الحياة، لا سيّما بعد أن رحلت عنا كوكبة من أبرز نجوم التدريب في العالم، كان آخرهم د.ستيفن كوفي صاحب الكتاب الأيقونة، «العادات السبع للناس الأكثر فعالية». ورغبة في اقتناص فرصة الحوار مع تريسي، دخلت في الموضوع مباشرة، فسألته عن تعريفه للنجاح، لكونه أكثر الكلمات استهلاكاً في الأدبيات العربية والأجنبية، فقال إن الفارق بين الناجحين وغير الناجحين هو أن الناجحين هم من "يفكرون ويتحدثون دوماً عن الأمور التي يريدون تحقيقها، أما غير الناجحين فهم الذين يشغلون أنفسهم بأمور هامشية، ثم يلومون من حولهم في عدم تحقيقهم لأهدافهم المهمة، هذا إن كانت لهم أهداف أصلا".
ولفت إلى قضية مهمة وهي أن "الناجحين هم من يستخدمون قانون الاحتمالات الإحصائي Probability، الذي يقوم على فكرة أنك كلما حاولت أكثر، كانت فرصتك في النجاح أكبر. ولذا فإن الفارق بين الناجحين وغيرهم، هو أن الناجحين يحاولون مرات عدة حتى ينجحوا، أما الآخرون فيحاولون مرة واحدة، فتفتر عزيمتهم".
ويرى ، صرفته عن عظائم الأمور.
طلبت منه أيضاً نصيحته للتعامل مع المشكلات، فقال إن مهمة الإنسان الرئيسية هي «حل المشكلات». غير أن "المهم ألا يركّز على المشكلة، بل يصبّ جل جهده وطاقته على الحلّ، حتى يتقدم ويتجاوز العقبات".
ولدى تريسي حل بسيط، دائماً ما يقدمه للأفراد والمؤسسات، وهو تحويل المشكلة إلى سؤال، ثم "تحديد ما لا يقل عن 20 إجابة عنه"، بعدها يتم اختيار أفضل حل والبدء فوراً بتنفيذه. هذه الطريقة يمكن تطبيقها في أي اجتماع أو إدارة وحتى في شؤون حياتنا اليومية.
وسألت تريسي الذي أصدر نحو 500 كتاب وألبوم سمعي، وحاضر في 90 دولة، وترجمت مؤلفاته إلى 42 لغة: ما أهم النصائح التي يمكن أن يقدمها باختصار إلى القارئ العربي؟ فقال "لا بدّ أن يدرك الإنسان العربي وغيره، أنه هو بمنزلة الأصل الذي لا بدّ أن يتطور وينمو باستمرار، وعليه فإنني أنصح له، وبشدّة، ادخار 3 في المئة من دخله الشهري ليستثمرها في حضور دورات تدريبية في مجالات تهمه، فضلاً عن شراء الكتب والألبومات السمعية، حتى يتقدم في حياته، ويتميّز عن نظرائه". ثم يحاول ممارسة القراءة يومياً في الصباح الباكر لمدة 30 إلى 60 دقيقة قبل أن يزدحم الجدول بالمشاغل المتعددة. فضلاً عن ضرورة إعادة كتابة الأهداف الصغرى والكبرى كل صباح. لأنه "كلما استخدم أحدنا حواسَّ أكثر، كان تفاعله مع أهدافه أكبر". وألا ينسى أهم شيء في يومه، وهو وضع قائمة بالمهام Task والأهداف اليومية Goal، والتفريق بينهما بحسب الأولويات. ومن دون عمل موازنة للأدوار الحياتية تختلط الأمور ويراوح الفرد في مكانه.
هذا بعض مما جاء في حديثي مع براين تريسي، وقد آثرت نشره هنا كسراً لرتابة المقال المعتاد، ومن باب التنويع وتعميم الفائدة.