سعودي لم ينم منذ ثلاثين عاماً.. هل حقاً يمكن عدم النوم لهذه المدة؟
الإنسان يحتاج الى النوم، ومن دونه لا يمكنه الإستمرار.قبل أيام طالعنا خبر السعودي الذي لم ينم منذ ثلاثين عاماً بقصة تشبه الى حد ما قصة جزائري لم يذق طعم النوم منذ ٢٢ عاماً وهذه المدة كانت في العام ٢٠١٠ إذ انه عالج حالته كما يقول بالرقية الشرعية والأعشاب. السعودي الذي يدعى محمد محسن الغامدي يقول أن الحالة هذه بدأت عندما كان في مهمة عسكرية حينها لم يتمكن من النوم لعشرين يوماً ما جعله يلجأ الى الاطباء ولكنه لم يجد من يشخص حالته ويعالجها.
وهكذا مرت السنوات من دون نوم. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه حين تشق هكذا قصص طريقها الى الإعلام، هل يمكن بالفعل عدم النوم لثلاثين عاماً؟
عدم النوم لسنوات قليلة ممكن.. لكن المصير هو الموت
هناك حالات موثقة لأشخاص لا يمكنهم النوم ولكن فترة «الارق» هذه لا تتجاوز بضع سنوات في الحد الاقصى وبضع أشهر في الحد الادنى لان المصير هو الموت. الحالات هذه هي بسبب مرض نادر يسمى «الأرق الوراثي المميت».
المرض هو من أمراض البرايون التي تصيب الدماغ وهو وراثي، إذ يكفي ان يكون احد الأبوين يحمل الجين المسؤول كي ينقله الى الأولاد. ويبلغ عدد العائلات المصابة بهذا المرض ٤٠ عائلة فقط في العالم. تم إكتشافه عام ١٩٧٤ مع الطبيب إيجنازيو رويتر الذي تزوج بإمرأة من عائلة مصابة بهذا المرض وحينها تواصل مع أفراد من العائلة واقنعهم بالخضوع لفحوصات ودراسات.
عام ١٩٨٤ كان سيلفانو وهو عم المرأة التي تزوجت بالطبيب يبلغ الـ ٥٣ من عمره وكان على متن رحلة بحرية حين أصابته «لعنة العائلة»، وأدرك حينها أنه سيموت خلال فترة قصيرة.. ولكنه طلب إرسال دماغه الى أميركا للفحص بعد وفاته. وتبين بان الجينات المصابة تحول البروتينات في الجهاز العصبي الى بريونات فتفقدها وظيفتها الرئيسية. البريونات هي بروتينات غريبة الشكل تضر تنخر النسيج العصبي وتقتله وتحدث ثقوباً في الدماغ لكن منطقة معينة تكون أشد تضرراً بهذا المرض وهي منطقة التحكم في النوم داخل الدماغ ما يسبب أرقاً مزمناً.
المرض يحمله الشخص منذ الولادة ولكنه يظهر حين بين ٣٠ و ٦٠ عاماً وعادة يموت الشخص بعد ٧ أو ٣٦ شهراً. خلال هذه الفترة تتدهور حالتهم العقلية والصحية ويختبرون نوبات الذعر، الهلوسة، الرهاب، فقدان الوزن، الخرف، عدم القدرة على الكلام ثم الموت.
فيديو.. كاميرا المراقبة تكشف مراهقا يسرق من المتجر.. وهكذا يكون عقابه !
قصة تاي نجوك تشبه قصة السعودي
الرجل الفيتنامي هذا لم ينم منذ ٤٥ عاماً. تاي نجوك وبعد إصابته بحمى في العام ١٩٧٣ لم يذق دقيقة نوم واحدة وفق ما يقوله. الرجل كان يبدو على خير ما يرام فحالته العقلية جيدة وهو يمكنه القيام بأعماله.. ولكن وبحلول العام ٢٠٠٦ بدأ بالشعور بالوهن وقال بانه يشعر وكأنه نبتة بلا ماء من دون نوم. ما زال على قيد الحياة ولكن لا يوجد اخبار عن حالته العقلية أو الصحية.
حالة بول كيرن ..لم ينم لاربعين عاماً
بول كيرن لم ينم لاربعين عاماً ولكن السبب هنا يرتبط برصاصة إستقرت في رأسه خلال مشاركته في معركة في الحرب العالمية الاولى. الرصاصة إخترقت الجمجمة وتسبب بأضرار في الفص الجبهي من منطقة الدماغ وحرمته من النوم. الأطباء تابعوا حالته ولكنهم لم يتمكنوا من إكتشاف السبب خصوصاً وأنه كان بكامل قواه العقلية واكمل حياته بشكل طبيعي وكان يعاني فقط من صداع بين حين واخر. محاولة النوم كانت تنهكه ولكنه اسس لروتين يومي حيث يستلقي ويغمض عينيه لساعتين. العلماء يظنون بان الدماغ كان يحصل على راحته خلال تلك الفترة ما كان يساعده على القيام بعمله خلال الساعات اللاحقة. ربما لو كانت حالة كيرك، الذي توفي عام ١٩٥٥ في عصرنا الحالي لكان العلماء قد اكتشفوا السبب الفعلي الذي حرمه من النوم.
التجارب التي أجريت
في العام ١٩٢٦ تم إجراء تجربة تحت مراقبة العلماء وتمكن دي جاي بيتر تريب من البقاء مستيقظاً لـ ٢٠١ ساعة أي ٨،٤ يوماً. ولكنه وخلال ٣ أيام كان قد بدأ يختبر تقلبات هستيرية في المزاج ومع نهاية التجربة دخل مرحلة جنون الارتياب.
في العام ١٩٦٤ حطم راندي غاردنر الرقم العالمي عندما لم ينم لـ ٢٦٤ ساعة أي ١١ يوماً وهو أيضاً دخل مرحلة الهلوسة والارتباك بعد مرور ٤ أيام.
تيموي سيوني حقق ١١،٥ يوماً اي ٢٧٦ ساعة من دون نوم. ومورين ويستون حققت ١٨،٧ يوما اي ٤٤٩ ساعة من دون نوم. ولكن الكل إختبر تدهور كبير في الحالة العقلية والبدنية وناموا بعد التجربة لاكثر من ١٠ ساعات متواصلة.
البشر لا يمكنهم إحتمال عدم النوم
العلماء لم يحددوا رقماً للمدة التي يستطيع البشر إحتمالها من دون نوم ولكن ما هو مؤكد انه كلما زادت مدة الحرمان من النوم كلما تضررت القدرات العقلية والنفسية والبدنية. القدرة على التحليل والتفكير بمنطق تتأثر بعد ٢٤ ساعة من الحرمان من النوم، ولاحقاً وكلما طالت المدة فان الشخص سيصاب بالهلوسة. ناهيك عن واقع عن الحرمان من النوم وعلى المدى البعيد يتسبب بالسكري وأمراض القلب والإكتئاب والسمنة، كما ان الشخص لن يملك الطاقة وسيعاني من الوهن والدوار وتقلب مزاجي حاد. الحرمان من النوم لا يؤدي الى الموت ولكن الاعراض التي تنجم عن الحرمان من النوم هي التي تؤدي الى الموت.